تنص المادة (98 "ب") من قانون العقوبات على أنه " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنيه كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز محررات أو مطبوعات تتضمن تحبيذ أو ترويجا لشئ مما نص عليه في المادتين (98 "ب"  ، 174) إذا كانت للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها ، وكل من حاز أية وسيلة من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية مخصصة ولو بصفة  وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة  نداءات أو أناشيد أو دعاية خاصة بمذهب أو جمعية أو هيئة أو منظمة ترمي الى غرض من الأغراض المنصوص عليها في المادتين المذكورتين" .
•        طبيعة الجريمة :
الجريمة من الجرائم الشكلية لا المادية ، بمعنى أن السلوك المكون لها ، وهو سلوك  مادي بحت ، ينتج حدثا مجردا لا يتطلب فيه القانون أن ينشئ ضررا أو يشكل خطرا ، هو أن يوجد  صاحب السلوك صلة بين شخصه وبين شئ  معين هو إما محررات أو  مطبوعات ذات محتوى معني معدة لتوزيع على الآخرين أو ليطلع الآخرون عليها ، وإما وسيلة طبع أو تسجيل أو إذاعة مخصصة ولو وقتيا  لطبع أو تسجيل أو إذاعة  نداءات أو أناشيد أو دعاية على ذات  المحتوى ، وإما المحتوى فهو الترويج لتغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم السياسية للهيئة الاجتماعية أو لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات ، أو للقضاء على طبقة اجتماعية أو لقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو لهدم أى نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية متى كان استعمال القوة أو الإرهاب أو اية وسيلة  أخرى غير مشروعة ملحوظا  في ذلك.
 
•        الركن المادي للجريمة :
السلوك المادي المكون للجريمة بحسب نموذجها هو حيازة أو إحراز شئ معين ، أى إيجاد  علاقة مادية بين شخص صاحب السلوك وبين هذا الشئ ، والشئ هنا إيجاد العلاقة به  محل للعقاب ، لأن وجه استخدامه محطور إذ الغرض منه إشاعة أمور محظورة بين الناس مادام هو في ذاته منشورا  يتضمنها أو وسيلة إعداد لمثل ها المنشور.
والسلوك المادي البحت في هذه الجريمة هو الحيازة أو الإحراز  ، بمثابة مقدمة طبيعية  لسلوك آخر يأتي  في أعقابه يوتميز بأنه مادي ذو مضمون نفسي ، أى أنه تمهيد للترويج أو التحبيذ  باعتبارهما محققين في نفوس من يصادفهم من الأفراد ، أحداثا نفسية  تتعدد بقدر عدد هؤلاء  وتتمثل في اقتناع أو استعداد للاقتناع  بما يروج أو يحبذ له من أهداف محظورة .
والواقع أن المادة التي نحت بصددها وهو تعاقب على حيازة أو إحراز الشئ المحظور  تعد نصا احتياطيا بالقياس الى المادة السابقة رقم 98 "ب"  التي تعاقب على الترويج ، والمادة 98 "ب" في عقابها على الترويج تعد بدورها نصا احتياطيا بالقياس الى المادة 98 "أ" التي تعاقب على تشكيل عصابة أو العضوية فيها .
والقاسم المشترك بين المواد الثلاثة سلوك ملحوظ فيه استخدام القوة أو الإرهاب أو وسيلة غير مشروعة سواء من العصابة التي ينتمي إليها صاحب السلوك ، أو من أولئك الذين يخاطبهم هذا الأخير مروجا بينهم ذلك ، أو من أولئك الذين يحرز منشورات أو أدوات نشر لحضهم على ذلك .
 ويهدف القانون من وراء هذه السياسة التشريعية الى ملاحقة كل من يتسم في مسلكه أنه يشايع أساليب العنف في مجال الكفاح الطبقي ، لأن المفروض أن يجري الكفاح في سبيل الحياة على أسلوبه الطبيعي بدون تدخل اصطناعي مفتعل تتبع فيه أساليب القهر والجبر على خلاف الطبيعة ، وعلى نحو يعطل ويعرقل الانطلاقة الطبيعية للنشاط البشري وكثيرا ما يسئ الى عملية الإنتاج ، وإلى سلامة الكيان الاجتماعي .
وبالفعل فإن من يثبت في حقه أنه شكل عصابة أو دخل في عضوية عصابة تهدف الى ذلك إذ ضبط لديه فعلا إيصال تسديد اشتراك في العصابة أو خطاب صادر منها إليه ، طبقت عليه المادة 98 "أ" ، فإن لم يثبت عليه ذلك ، وإنما سجل عليه أنه في مناسبتين غير علنيتين أى في مجلسين  خاصين  نادى بتحقيق  هدف من الأهداف المحددة في النص بالقوة أو الإرهاب أو وسيلة غير مشروعة ، طبقت عليه المادة 98 "ب" التي تعاقب على الترويج أو التحبيذ ، وإذا لم تسنح لسلطات التحقيق فرصة ضبطه مرتين على الأقل وهو ينادى بذلك ، إذ الغالب في العمل هو التستر والتخفي وعدم بوح الأشخاص بما يقال في حضرتهم  إذ  تجمعهم مجالس خاصة ، فإنه متى ضبطت في حيازته منشورات  تروج لذلك أعدها لتوزيعها على الغير أو لكى يطلع الغير عليها ، أو ضبطت في حوزته  آلة معدة لاستخدامها في طبع أو تسجيل أو إذاعة منشورات من ذلك القبيل ، طبقت عليه المادة 98 "ب"  مكررا  مجال حديث نا في هذا الموضع .
 وذات النهج جرى القانون عليه فيما يتعلق بمناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الاشتراكي في الدولة أو الحض على كراهيتها أو الازدراء بها والدعوة ضد تحالف قوى الشعب العاملة والتحريض على مقاومة السلطات العامة ن إذ جمع في المادة 98 "أ" مكررا السابق الكلام عليها عدة  نصوص اللاحق منها احتياطي بالنسبة للسابق .
 فالفقرة الأولى من المادة تعاقب على تشكيل عصابة تهدف الى ذلك الى الترويج أو التحبيذ له ، والفقرة الثالثة تعاقب على الانضمام  الى هذه العصابة ،  والفقرة الرابعة تعاقب في الجزء الأول منها على الترويج لذلك ولو قام به فاعل واحد ، وتعاقب في الجزء الثاني  منها على إحراز مطبوعات تتضمن ذلك الترويج أو وسيلة طبع أو تسجيل أو علانية مخصصة له على أنه في مجال المادة 98 "أ" مكررا  جعل القانون من الالتجاء الى استعمال القوة أو العنف أو الإرهاب مجرد ظرف مشدد لعقوبة  تشكيل الجماعية الرامية الى مناهضة الاشتراكية أو الترويج لهذه الناهضة .
 ولا يفوتنا التنبيه الى صفتين خاصتين في المنشورات التي يحوزها الفاعل أو يحوز آلة ما في سبيل طبعها أو تسجيلها أو إذاعتها  ، وهاتان الصفتان يتطلبهما صراحة نص المادة 98 "ب"  مكررا وهما :
1.       أن المحررات أو المطبوعات أو النداءات أو الأناشيد أو منشورات الدعاية التي تضبط في حيازة المتهم يجب احتواؤها  على تحبيذ  أو ترويج الشئ مما نص عليه في المادتين 98 "ب" ، 174 من قانون العقوبات ، أى لتغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم السياسية للهيئة الاجتماعية أو لتسويد  طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو للقضاء على طبقة اجتماعية أو لقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو لهدم أى نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ، فهذا ما ورد في المادتين سالفتى الذكر ، وسبق لنا بيان المقصوج به في علاجنا للمادة 98 "أ" .
2.       أن يكون ملحوظا في المحررات أو المطبوعات أو النداءات أو الأناشيد أو منشورات الدعاية ، حسب المضمون المعبر عنه فيها ، أو الذي  يزمع التعبير عنه عند استخدام الآلة محل الحيازة ، استعمال القوة أو الإرهاب أو وسيلة  أخرى غير مشروعة  ، كما تشترط ذلك المادتان 98 "ب" ، 174 سالفتا الذكر .
 وفي حالة حيازة وسيلة طبع أو تسجيل أو علانية مخصصة ولو وقتيا لطبع أو تسجيل أو إذاعة شئ مما تقدم ، يستوي أن يكون الشئ صادرا عن حاجز الوسيلة نفسه معبرا عن مذهب يعتنقه  هذا الأخير أو أن يكون لجمعية أو هيئة أو منظمة ترمى الى غرض من الأغراض السالف بيانها ولو لم يكن حائزا الوسيلة عضوا في هذه الجمعية أو الهيئة أو المنظمة ، لأنه عند ثبوت عضويته فيها تسري عليه المادة 98 "أ"
ويلزم أن تكون المحررات أو المطبوعات التي هى من النوع المتقدم والمضبوطة في حيازة من وجدت عنده ،   معدة لتوزيعها على الناس أو لاطلاع الناس عليها ، فإن كانت معدة للإتلاف أو الإحراق ، فلا جريمة في الأمر .
 كما أنه يل زم في وسيلة الطبع أو التسجيل أو العلانية أن تكون مخصصة ولو بصفة وقتية لطبع أو تسجيل أو إذاعة  نداءات أو أناشيد  أو دعاية من قبيل ما تقدم ذكره ، وإلا فلا جريمة في حيازتها .
وعلى النيابة أن تقيم الدليل على أن تلك الوسيلة  خصصت ولو وقتيا لذلك الغرض ، بأن تقدم للمحكمة مثلا تسويدة للنداء المزمع طبعه ضبطت لدى حائز وسيلة الطبع ، أو اسطوانة أو شريطها بهما الأناشيد المزمع تسجيلها ضبط أى منهما لدى حائز وسيلة التسجيل ، أو محاضرات أو خطبا مسجلة على شريط وتزمع إذاعتها من جانب حائز وسيلة الإذاعة ، وما الى  ذلك من طرق الإثبات .
ويلاحظ أن المادة استخدمت – فيما يتعلق بالمحررات والمطبوعات – عبارة "كل من حاز بالذات أو بالواسطة أو أحرز" ، بينما استعملت – في صدد  وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية – عبارة " كل من حاز" ، دون ذكر لتفرقة وسائل الحيازة بالذات أو بالواسطة ودون إشارة الى الإحراز ، مع أن المادة 98 "أ" مكررا التي وضعت في فقرتها الأخيرة حكما شبيها فيما يتعلق بمعاداة الاشتراكية ، استخدمت عبارة "كل من حاز أو أحرز" ، في صدد المحررات أو المطبوعات  وفي شأن وسائل التسجيل أو الطبع أو العلانية على حد سواء ، ولو أنها هى الأخرى أشارت الى الحيازة بالذات أو بالواسطة بالنسبة للمحررات أو المطبوعات دون تفصيل لهذين الفرضين بالنسبة لوسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية .
على أنه يكفي في تحقيق الحيازة أن تكون بيد الحائز أو أن تكون على يد أحد من الغير يحوز لحسابه ، وإذا ذكر القانون ذلك مرة ، يكون معناه أنه كذلك مقصود القانون في المرات الأخرى ولو لم يكن محل ذكر صريح فيها .
كما أن كل إحراز يعتبر حيازة ، وبالتالي يكون في ذكر الحيازة ما يغني عن ذكر الإحراز فهو ليس إلا حيازة ممتدة في الزمن كما قلنا ، وإذن فمجرد ضبط المتهم وهو يوزع منشورا ما من المنشورات المحظورة ، يعني أنه حاز ذلك المنشور أو هذه المنشورات .
وسبق لنا القول بأن من يتسلم المنشور دون علم بمحتواه لا يعتبر حائزا إياه إلا بعد أن يتهيأ له هذا العلم بالاطلاع على المنشور ، ويستبقى المنشور رغم ذلك عنده ، فالمفروض لانتفاء الجريمة في حقه أن يطرح المنشور أو يمزقه عقب الوقوف على محتواه المحظور وإذا اس تبقة الشخص المنشور الذي سلم إليه ليطلع عليه بعد ذلك حين يوجد متسع من الوقت ، فلا جريمة في ضبط المنشور عنده قبل هذا الاطلاع كما أنه لا جريمة في ضبطه بعد الاطلاع عليه ما لم يكن قد أعد ليطلع الغير عليه كذلك .
ولكن ما حكم الشخص الذي توجب الأشياء في حوزته المادية وإنما لحساب آخر ، والذي عبر النص عنه بالواسطة ؟ هل يسأل هذا الشخص عن وجود المحررات أو المطبوعات أو وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية في حوزته ،  رغم أن وجودها لديه إنما هو لحساب شخص آخر غيره ؟
لا شك في أنه إذا كان يعلم المحتوى المحظور للمحررات أو المطبوعات أو كان يعلم الغرض من وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية وكونها مخصصة ولو وقتيا للغرض المحظور الذي حدده القانون ، فإنه يعتبر حائزا إياها بذاته ويسأل مع من عهد إليه بتلك المحررات والمطبوعات أو الوسائل والذي يعتبر حائزا بالواسطة .
ويستوي  بعد ذلك أن يكون توزيع المحررات أو المطبوعات أو اطلاع الغير عليها ، أو الطبع أو التسجيل أو الإذاعة مزمعا أن يقوم به حائزا المحررات أو المطبوعات أو الوسائل نفسه أو الغير الذي عهد إليه أو شخص آخر غيرهما . فيكفي أن تكون المحررات أو المطبوعات معدة للتوزيع أو لاطلاع الغير عليها ويكفي أن تكون الوسائل مخصصة ولو وقتيا لطبع أو تسجيل أو إذاعة ما يحظره النص ، أيا كان الشخص المزمع أن يقوم بأمر من هذه الأمور .
•        الركن المعنوي للجريمة :
لما كانت الجريمة من جرائم حيازة شيء محظور ، فركنها المعنوي هو القصد الجنائي ولابد لتوافرها في حق الحائز من وجود وعى لديه بصفة الحظر في الشيء محل الحيازة .
 فانصراف إرادة الشخص الى إيجاد صلة مادية بين شخصه وبين الشيء المحظور لا يكفي كنية في سبيل اكتمال القصد الجنائي ، إذ يجب فوق هذه النية من وعى كذلك بصفة الحظر في الشيء فنية إدخال الشيء في الحوزة والوعى بأنه محظور هما العنصران اللذان يتكون بهما القصد الجنائي .
وبناء على ذلك ، فإنه إذا ضبطت لدى المتهم محررات أو مطبوعات معدة لتوزيعها وكونها تروج لتغيير مبادئ الدستور الأساسية أو النظم السياسية للهيئة الاجتماعية أو لتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات أو للقضاء على طبقة اجتماعية أو لقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية أو الاقتصادية أو لهدم أى نظام من النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وتحبذ أن يكون ذلك باستعمال القوة أو الإرهاب أو أية وسيلة أخرى غير مشروعة ، بأن كانت المحررات أو المطبوعات مغلفة وأودعت منزل المتهم بينما كان غائبا ودون تفاهم سابق معه على ذلك ، ثم عثر عليها في حوزته قبل أن يفضها أو يعرف من جاء بها إليه ، وفور وصوله الى المنزل من سفر ، فإنه لا  تتوافر الجريمة بحيازتها تبعا لتخلف القصد الجنائي .
وكذلك الحال في حالة ضبط وسائل طبع أو تسجيل أو علانية وضعت لدى المتهم أو أدخلها في حوزته ، دون علم منه بأنها مخصصة ولو وقتيا لطبع منشورات أو نداءات أو لتسجيل أو إذاعة أناشيد أو محاضرات أو خطب من النوع المتقدم ذكره ، فلابد من أن تقيم النيابة الدليل على توافر النية والوعى لدى الحائز ، بأن تثبت أنه قصد إدخال الأشياء في حوزته من ناحية وأنه يعلم بمحتواها أو بالغرض منها من ناحية أخرى .
•        عقوبة الجريمة :
قررت المادة 98ب مكررا لصورتى الحيازة : حيازة المحررات أو المطبوعات وحيازة وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية عقوبة الحبس مدة تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز خمسمائة جنيه ، ويلاحظ أنه إذا نتج عن التفتيش فضلا عن ضبط المحررات أو المطبوعات أو وسائل الطبع أو التسجيل أو العلانية ، ما يثبت عضوية الحائز في الجماعية التي صدرت عنها هذه المحررات أو المطبوعات أو الوسائل ، قدم الحائز للمحاكمة طبقا للفقرة الثالثة من المادة 98 أ ، واستبعدت المادة 98ب مكررا . وذلك لأن النص الأصلي يغني عن النص الاحتياطي ، ولأن محل العقاب يصبح إذ ذاك العضوية في الجماعة ولا تكون حيازة المحررات أو المطبوعات أو الوسائل إلا مجرد مظهر من مظاهر هذه العضوية .
ومن الخطأ البين في هذا الفرض ، أن توضع المادتان كلتاهما في وصف الاتهام ، لأن التضارب بين المادتين يكون ظاهريا بينما المادة الواجب تطبيقها واحدة فقط من بينهما . (راجع في كل ما سبق الدكتور رمسيس بهنام ، مرجع سابق ص154 وما بعدها)