تنص المادة (77 "هـ ") من قانون العقوبات على أنه "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل شخص كلف بالمفاوضة مع حكومة أجنبية في شأن من شئون الدولة فتعمد إجرائها ضد مصلحتها ".
هذا النص المستمد من المادة 264 من قانون العقوبات الإيطالي يستلزم في الركن المادي للجريمة أن يكون الجاني مكلفا من الحكومة المصرية بالتفاوض مع حكومة أجنبية في شأن من شئون الدولة فيتعمد إجراء المفاوضة ضد مصلحة مصر .
ويستوي أن الجاني المكلف من الحكومة المصرية بالتفاوض مصريا أم أجنبيا ، لأن نص المادة يقرر العقاب " لكل شخص " كلفته هذه الحكومة بالمفاوضة فأجراها عمدا ضد مصلحتها .
والمفروض أن التكليف بالمفاوضة صادر من الدولة المصرية لأنها هي وحدها التي تعهد إلى من تشاء بمهمة التفاوض مع حكومة أجنبية .
ولا يلزم في التفاوض أن يكون متصلا بالسياسة الخارجية للدولة فقد يكون في شأن من الشئون العسكرية كالتسليح ، أو متعلقا بأي شأن أخر من شئون الدولة كشأن مالي أو صناعي أو تنظيم هجرة المواطنين إلى الخارج ، أو التجارة أو الملاحة البحرية أو الجوية أو البريد والتراسل التليفوني أو التلغرافي أو السياحة الخ ...
والدولة المصرية هي التي تبت فيما إذا كان التفاوض قد انتهى إلى تحقيق مصلحتها أم جرى ضد هذه المصلحة ، إذ ليس الرأي في ذلك المجاني .
والواقع أن المكلف من الدولة بالمفاوضة يصبح وكيلا رسميا عنها في هذه المهمة ، فيكون ملتزما بأن يؤديها في حدود التوكيل وطبقا لإرادة الموكل .
والمفهوم في الشأن الذي يعالجه المكلف بالمفاوضة لحساب الدولة أنه من الشئون المتعلق عليها الصالح العام وأن معالجته بطريق التفاوض تنتهي إلى اتفاق ذي صفة دولية . وأن إجراء التفاوض فيه ضد مصلحة الدولة معناه الخروج على تعليمات الدولة وتوجيهاتها في صدده ، على أنه لا يلزم لتمام الجريمة أن يكون  قد أبرم بالفعل الاتفاق المنتهي للتفاوض ، فمحل التجريم هو إجراء التفاوض على لغو ضار بمصلحة الدولة ولو تدرك الأمر بعد ذلك على نحو حال دون إبرام الاتفاق المخل بتلك المصلحة بأن اتخذت الدولة الأجنبية موقفا كريما أو سارعت الدولة المصرية بمعالجة الموقف قبل استفحاله .
 وتدخل الجريمة في عداد جرائم الحدث غير المؤذي ، لأن إبرام اتفاق مع حكومة أجنبية ضد مصلحة الدولة يعتبر في ذاته ضررا فيما لو تحقق وإنما لم تتطلب قاعدة التجريم وقوع هذا الضرر في سبيل توافر الجريمة واكتفت بأن يكون الجاني قد أجرى تفاوضا ضد مصلحة الدولة ، وهي كذلك جريمة سلوك منته . والشروع فيها متصور على الصورة الموقوف دون الصورة الخائبة .
وواضح من قاعدة التجريم أن الجريمة عمدية ويلزم لتوافرها القصد الجنائي وهو تعمد إجراء المفاوضة ضد مصلحة الدولة . ويكفي لوجود القصد بهذا المعنى أن يكون الجاني عالما بأن ما أفصحت عنه إرادته يتعارض مع التوجيهات الصادرة إليه من جانب جهة التكليف . ولا يسعف الجاني المعلم بأن من رأيه أن المفاوضة انتهت إلى ما يتفق مع مصلحة الدولة . وقد أشرنا إلى أن القول الفصل في ذلك هو للدولة هو للدولة كموكله أي لجهة التكليف لا له هو كوكيل . (راجع في كل ما سبق الدكتور رمسيس بهنام – مرجع سابق)