•        منطوق الحكم في حالة انقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة :
يذهب البعض الى أن الحكم الذي يصدره القاضي - إذا ثبت أنه استكمال التقادم مدته - هو الحكم بعدم قبول الدعوى، وليس حكما بالبراءة، إذ الفرض أن القاضي لم يفحص موضوع الدعوى، فلم يفصل فيه، وإنما اقتصر على تقرير وجود عقبة إجرائية تحول بينه وبين النظر في الموضوع. (الدكتور محمود نجيب حسني - المرجع السابق)
بينما ذهب رأى آخر من الفقه الى أن الحكم بالبراءة هو المنطوق الصحيح في حالة التقادم، ذلك أنه متى قررت المحكمة أنه لا يجز للدولة الادعاء بتوافر سلطتها في العقاب أصبحت الواقعة المنسوبة الى المتهم بمنأى عن التجريم. (الدكتور رؤوف عبيد - ضوابط تسبيب الأحكام ص383) ، وهذا الرأى هو ما أخذت به أحكام محكمة النقض الحديثة.
وقد قضت محكمة النقض بأن : لما كان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادتين 15، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة، وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلالات إذا اتخذت في مواجهة المتهم، أو إذا أخطر بها، بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، ولما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحكوم عليه غيابيا بالحبس الجلسة المحددة لنظر المعارضة وحضر عنه محام في هذه الجلسة وطلب التأجيل فأجابته المحكمة وأجلت القضية بجلسة أخرى وجب إعلان المعارض إعلانا قانونيا بالجلسة المذكورة، وإذا كان الثابت حسبما سلف بيانه أنه قد مضى ما يزيد على ثلاث سنوات ابتداء من جلسة 3/5/1970 التي أجلت المعارضة وحتى صدور الحكم المطعون فيه 12 فبراير سنة 1978، وكن ذلك دون اتخاذ إجراء قاطع لتلك المدة، وإذ خلت المفردات بما يفيد إعلان الطاعن إعلانا صحيحا لأى جلسة من الجلسات التي نظرت فيها الدعوى، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم مما تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم تشهد بصحته وهو ما تفصح به الأوراق فيما سلف بيانه، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين نقضه، وانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة وبراءة المطعون ضده مما نسب إليه. (الطعن رقم 2447 لسنة 49ق جلسة 25/6/1980 س21 ص810) وبأنه "لما كان قانون الإجراءات يقضي في المادتين 15، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء، وكان الأصل أنه وإن كان ليس بلازم مواجهة المتهم بإجراءات المحاكمة التي تقطع المدة المسقطة للدعوى مادامت متصلة بسير الدعوى أمام القضاء إلا أنه يشترط فيها لكى يترتب عليها قطع التقادم أن تكون صحيحة وإذا كان الإجراء باطلا فإنه لا يكون له أثر على التقادم، ولما كان قد مر ما يزيد على ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالمعارضة في 25/3/1972 وحتى يوم صدور الحكم المطعون فيه في 15/3/1977 دون اتخاذ إجراء صحيح قاطع للمدة، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم مما تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم تشهد بصحته وهو الأمر البادي حسبما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذا كان المتهم يكون معيبا فضلا عن البطلان في الإجراءات بالخطأ في تطبيق القانون مما يقتضي معه انقضاء الدعوى بمضى المدة. (الطعن رقم 787 لسنة 50ق جلسة 21/10/1980 س31 ص906) وبأنه " لا كان الحكم المطعون فيه إذ قد صدر بتاريخ 26 من أكتوبر سنة 1978 باعتبار معارضة الطاعن في الحكم الاستئنافي الغيابي كأن لم يكن، فقرر الطاعن فيه بطريق النقض 22 من نوفمبر سنة 1978 وأودعت أسباب الطعن في 28 نوفمبر سنة 1978 كما يبين من الأوراق فإنه قد قضى بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1978 في الإشكال المرفوع من المحكوم عليه وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن، إلا أنه لم يتخذ أى إجراء في الدعوى من تاريخ الحكم في الإشكال وحتى نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة اليوم - الثاني عشر من يونيو سنة 1984، وإذا كان يبين من ذلك أنه وقد انقضى على الدعوى من تاريخ آخر إجراء وهو الحكم الصادر في الإشكال بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 1978 مدة تزيد على ثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أى إجراء قاطع لهذه المدة، فإن الدعوى الجنائية تكون قد انقضت بمضى المدة، الأمر الذي يتعين معه الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة وبراءة الطاعن " (الطعن رقم 3363 لسنة 54ق جلسة 12/6/1984) وبأنه " لما كان الطاعن قرر بالطعن بالنقض في 5 من نوفمبر سنة 1978 تم استشكل في تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبجلسة 7 من أكتوبر سنة 1978 قضت محكمة مركز كفر الشيخ بوقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في الطعن بالنقض ثم تحدد لنظر طعنه جلسة 5 من يونيو سنة 1984، ومن ثم يكون قد مضت مدة تزيد على ثلاث سنوات بين آخر إجراء من الإجراءات المتخذة في الإشكال وبين تاريخ نظر الطعن بالنقض دون اتخاذ أى إجراء قاطع لهذه المدة وتكون الدعوى الجنائية قد انقضت بالتقادم وفقا لنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية، ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة وبراءة الطاعن" (الطعن رقم 3365 لسنة 54ق جلسة 12/6/1984)