يحق لمحامى المتهم أبداء ما يعن له من طلبات التحقيق شريطة أن يكون باب المرافعة مفتوحا :
أن الأصل فى الاحكام الجنائية أنها تبنى على التحقيق الشفوى الذى تجربه المحكمة فى الجلسة وتستمع فيه للشهود مادام سماعهم ممكنا ولا يجوز الافتئات على هذا الاصل الذى افترضه الشارع فى قواعد المحاكمة لأية علة مهما كانت الا بتنازل الخصوم صراحة أو ضمنا كما أنه من المقرر أن حق الدفاع الذى يتمتع به المتهم يخوله له أبداء ما يعين من طلبات التحقيق مادام باب المرافعة لازال مفتوحا فنزول الطاعن عن طلب سماع الشهود لا يسلبه حقه فى العدول عن ذلك النزول والتمسك بتحقيق ما يبطله مادامت المرافعة دائرة ولو أبدى هذا الطلب بصفة احتياطية لأنه يعتبر طلبا جازما تلتزم المحكمة باجابته متى كانت لم تنته الى القضاء بالبراءة وأنه وان كانت محكمة الموضوع فى حل من عدم اجابة المتهم الى طلب سماع شهود النفى مادام لم يسلك السبيل الذى رسمه القانون الا أن هذا مشروط بأن يكون استنادها فى الرفض لا يستند الى عدم إعلان المتهم للشهود إذ أن القانون لم يجعل الاعلان شرطا لسماع الشاهد بل لمحكمة الجنايات ان تسمع أقواله ولو لم يتم إعلانه بالحضور طبقا للقانون متى رأت أنه يدلى بأقوال من شأنها إظهار الحقيقة فأوجب القانون سماع ما يبديه المتهم من أوجه الدفاع وطلبات التحقيق المنتجة واجابته أو الرد عليه ولم يتجه مرداه حين رسم الطريق الذى يتبعه المتهم فى اعلان الشهود الذى يرى مصلحة فى سماعهم أمام محكمة الجنايات الى الاخلال بالأسس الجوهرية للمحاكمة الجنائية التى تقوم أساسا على شفوية المرافعة ضمانا للمتهم الذى تحاكمه الا إلى الافتئات على حقه فى الدفاع ومن ثم فلا يجوز اذا كان موضوع الشهادة متعلقا بالواقعة أو منتجا فيها أن ترفض المحكمة سماع شهود النفى إلا اذا رأت أن الغرض من طلب سماعهم إنما هو المطل والنكاية ولما كانت المحكمة إذ رفضت سماع الشاهدين المذكورين اللذين لم يعلنهما الطاعن وفقا للمادة 214 مكررا من قانون الاجراءات الجنائية قد خاضت فى الموضوع المراد الاستشهاد بهما عليه وعللت رفض الطلب بما قالته من أن الضابط نفى صلة القرابة بين زوجته والشاهد ………..ولم يتدخل فى الخلاف بين الطاعن وهذا الشاهد ولعدم اطمئنان المحكمة الى ما قرره شاهدى نفى الطاعن اللذين استمعت اليهما المحكمة وعدم اعلان هذين الشاهدين ولا ترى ضرورة لسماع شهود آخرين فإن المحكمة فى هذه الحالة إنما تبنى حكمها على افتراضات تفرضها وقد يكون الواقع على غير ما افترضت فيدلى الشهود بشهادتهم أمامها بالجلسة باقوال من شأنها أن تغير النظر الذى ابد لها قبل أن تسمعهم كما أن تقدير المحكمة لشهادة الشاهد لا يقتصر على الحكم على أقواله المجردة بل وعلى المناقشات التى تدور حول شهادته عند الادلاء بها وكيفية اداء الشهادة فحق الدفاع فى سماع الشاهد لا يتعلق بما ابداه فى التحقيقات الأولية بما يطابق أو يخالف غيره من الشهود بل بما يبديه فى جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته اظهارا للحقيقة ، والقانون يوجب سماع الشاهد أولا وبعدئذ يحق للمحكمة أن تبدى ما تراه فى شهادته وذلك لاحتمال أن تجئ هذه الشهادة التى تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى فإن رفض المحكمة طلب سماع هذين الشاهدين يكون لغير العلة التى خولها القانون هذا الحق من أجلها وهو قضاء مسبق منها على ادلة لم تطرح عليها فإن حكمها يكون مشوبا بالاخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والاحالة . (الطعن رقم 10228 لسنة 60ق جلسة 3/12/1991).