تنص الفقرة الأولي من المادة 423 علي أنه يجوز أن يقتصر تقدير الثمن علي بيان الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد وعلي ذلك يكفي لتحقيق شرط تقدير الثمن أن يتفق علي البيع بالثمن الذي اشتري به البائع، أو بهذا الثمن ومبلغ معين من النقود، أو الثمن الذي سبق أن باع به البائع لشخص معين وفي هذه الحالة يكون الثمن الذي أشتري به البائع أو الذي باع به لشخص آخر أمرا جوهريا لابد من التثبيت منه حتى يقدر علي أساسه الثمن الذي يلتزم به المشتري كما يجوز الاتفاق علي أن يكون البيع بثمن التكلفة أو بسعر السوق، أو بالثمن الذي يقدره شخص أو أشخاص معينين. غير أنه يشترط عند الاتفاق علي تحديد أسس تعيين الثمن توافر ثلاثة شروط: أولها ألا يترك التحديد لمطلق إرادة أحد المتعاقدين . (السنهوري بند 207 وهامشه)
ألا أن يقترن ذلك بما يجعل التحديد غير متوقف علي محض الإرادة كأن يتفق علي تخويل البائع تحديد ثمن المبيع علي أساس ما أنفق في إنتاجه، أو علي تخويل المشتري تحديد الثمن المبيع علي أساس ما يدفعه فعلا في شراء شئ آخر مماثل (غانم ص78- منصور بند 29- البدراوي بند 135- مرسي بند 120- الهلالي وزكي بند 133- خميس بند 55) وقارن مرقس بند 97 حيث يرى جواز أن الاتفاق علي أن يتولي أحد العاقدين تحديد الثم دون إبطال وعلي نحو عادل فإن أبطأ أو خالف العدالة جاز للطرف الآخر الالتجاء للقضاء لتحديد الثمن. وثانيهما: ألا يكون الأساس المتفق عليه لتقدير الثمن منهما كالاكتفاء بالاتفاق علي أن يكون الثمن عادلا أو حسب قيمة المبيع (غانم ص78- السنهوري ص370 مرقص ص165- مرسي بند 102). وثالثها: ألا يتيح الأساس لأحد العاقدين التأثير في تقدير الثمن فلا يجوز الاتفاق علي البيع بالثمن الذي يعرضه غير المشتري أو يقبل الشراء به لأن هذا الاتفاق يفتح باب الغش بتواطؤ أحد العاقدين مع الغير للتقدم بالشراء بالثمن الذي يتفق ومصلحته ويعتبر مثل هذا الاتفاق وعدا بالتفضيل يعد بمقتضاه البائع بأن يفضل المشتري علي الغير إذا قبل الشراء بالسعر الذي يعرضه الغير (منصور بند 29- غانم ص78- السنهوري هامش ص370- مرسي بند 102- الهلالي وزكي بند 114) ومن أهم صور تقدير بيان أسس تحديده، الاتفاق علي البيع بسعر السوق والبيع بالثمن الذي يحدده أجنبي وتعرض لهما بالتفصيل الآتي:
(أ) البيع بسعر السوق: قد يتفق المتعاقدان علي أن يكون الثمن هو سعر السوق، فالثمن هنا غير مقدر ولكنه قابل للتقدير ويعتبر هذا أساسا صالحا للتحديد إذا يحدد الثمن بسعر السوق ولا يقتصر معني السوق علي الأسواق المنظمة كالبورصات وإنما يشمل كل مكان يجري فيه البيع علي نطاق واسع. والعبرة بالسوق الذي حدده المتعاقدان والزمان اللذان اتفقا عليه فإذا لم يحدد المتعاقدان مكان السوق أو زمانه أو قام شك لدى القاضي في ذلك وهل المكان هو مكان البيع أم مكان وجود البضاعة أم مكان تسليمها وهل الزمان الذي أراد المتعاقدان الرجوع إليه لتحديد السعر هو وقت البيع أو وقت التسليم وكثيرا ما يحدث شك في هاتين المسألتين فقد وضع النص قواعد مكملة لإرادة المتعاقدين في هذا الخصوص. فقضي بالرجوع إلي سعر السوق في المكان والزمان اللذين يجب منهما تسليم المبيع للمشتري فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق وجب الرجوع إلي سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف أن تكون أسعاره هي السارية. وقد يقضي العرف في هذه الحالة بأن تكون أسعار أقرب سوق هي الأسعار السارية . (السنهوري ص376)
وقد قضت محكمة النقض بأن "يعتبر البيع علي الوجه أو بالكونتراتات صحيحا لأنه لا يختلف عن البيع العادي إلا في ترك تحديد السعر (الثمن) للسوق أو للبورصة علي الأسس التي توضح في تلك العقود والتي تؤدي إلي تعيينه بلا نزاع" (نقض 27/6/1957 س8 ص643 وبنفس المعنى نقض 7/12/1961 س12 ص765).
(ب) تحديد الثمن بواسطة أجنبي: وقد يترك المتبايعان تحديد الثمن لأجنبي يتفقان عليه عند البيع، فيصح ذلك لأن الثمن هنا وإن لم يقدره المتبايعان إلا أنهما جعلاه قابلا للتقدير، وما يقدره الأجنبي ثمنا للمبيع ملزم لكل من البائع والمشتري ويكون هو الثمن، لأن الأجنبي مفوض من المتبايعين في تحديد الثمن، فهو وكيل عنهما في ذلك ويسري تقديره في حقهما، والبيع يعتبر قد تم، لا من وقت تقدير المفوض للثمن فحسب، بل من وقت اتفاق المتبايعين علي المفوض ففي هذا الوقت كان البيع مستكملا لجميع عناصره ومنها الثمن إذ كان قابلا للتقدير كما سبق القول، ويعتبر تقدير المفوض للثمن بمثابة شرط واقف لانعقاد البيع، فإذا تحقق الشرط بأن قدر المفوض الثمن، اعتبر البيع قد تم من وقت العقد. ومن ثم تنتقل الملكية في المنقول المعين بالذات من وقت البيع، وفي العقار من وقت التسجيل ولو سجل العقد قبل تقدير المفوض للثمن، وإذا لم يقم المفوض بتقدير الثمن لأي سبب، كأن امتنع عن ذلك ولو بغير عذر أو مات قبل أن يقدر الثمن أو تعذر عليه تقديره لعدم خبرته أو لأي سبب آخر، فإن الشرط الواقف لا يتحقق، ويعتبر البيع كأن لم يكن، ولا يستطيع القاضي إجبار المفوض علي تقدير الثمن كما لا يستطيع أن يعين شخا مكانه، أو أن يقم بتقدير الثمن بنفسه، ولكن يستطيع المتبايعان الاتفاق علي شخص آخر يحل محل الأول، فإذا ما قدر المفوض الجديد الثمن اعتبر البيع قد تم من وقت تعيين هذا المفوض الجديد ولا يتأخر تمام البيع إلي وقت تقدير الثمن . (السنهوري ص110 وما بعدها)
وقد لا يتفق المتعاقدان في عقد البيع علي تعين الأجنبي أو المفوض الذي يتولي تحديد الثمن، بل يرجئان الاتفاق عليه إلي وقت لاحق ولا ينعقد البيع إلا إذا اتفق البائع والمشتري بعد ذلك علي شخص من سيتولى القيام بتحديد الثمن في المستقبل فإذا لم يتوصل المتعاقدان إلي اتفاق في هذا الشأن، اعتبر البيع كأن لم يكن لعدم تحديد الثمن، وقد يكون السبب المؤدي إلي عدم الاتفاق علي شخص المفوض هو رفض أحد المتعاقدين الاشتراك في الاختيار أو تعنته في ذلك، فيكون للمتعاقد الآخر-وهو المتعاقد المضرور- الحق في مطالبة المتعاقد المتعنت بالتعويض. وتكون المسئولية في هذه الحالة وفقا للرأي الراجح مسئولية عقدية ناتجة عن الإخلال بعقد غير مسمي بين الطرفين التزم كل منهما بمقتضاه أن يعمل كل ما هو لازم بقصد الوصول إلي تعيين المفوض . (منصور مصطفي منصور فقرة 11)
وقد يترك المتعاقدان للقاضي الحق في تعيين المفوض، وينعقد أيضا البيع صحيحا في هذه الحالة، ويعتبر ذلك يبانا واضحا فيما يتعلق بمن سيتولى تحديد الثمن في المستقبل. وأما إذا أرجا المتعاقدان تعيين المفوض إلي وقت لاحق، ولم يتوصلا إلي تحديده بعد ذلك، فليس من حق القاضي أن يقوم في هذه الحالة بتعيين المفوض نيابة عنهما، ويعتبر البيع كأن لم يكن.
وقد قضت محكمة النقض بأن "مفاد ما نصت عليه الفقرة الأولي من المادة 423 من القانون المدني أنه في عقد البيع قد يترك الطرفان تحديد الثمن الأجنبي يتفقان عليه وقت العقد فيكون الثمن في هذه الحالة قابلا للتقدير بتفويض الأجنبي في تقديره، وما يقدره هذا الأجنبي ثمنا للمبيع ملزم لكل من البائع والمشتري فهو وكيل عنهما ويتم هذا البيع من الوقت الذي يتفق فيه الطرفان علي المفوض ففي ذلك الوقت كان البيع مستكملا لجميع عناصره وأركانه ومنها الثمن، لما كان ذلك وكان الثابت بعقد البيع المؤرخ 27/3/1996 المودعة صورته أوراق الدعوى أنه في البند الثاني منه اتفق الطرفان علي تحديد الثمن بمعرفة لجنة تشكل بالطريقة المبينة بالعقد وأيا ما كان الأمر في وقت تقدير الثمن بمعرفة اللجنة فإن العقد ينعقد منذ وقت إبرامه وليس في الوقت الذي تصدر فيه اللجنة قرارها بتقدير الثمن علي ما سلف وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون متفقا وصحيح القانون والنعي عليه بغير ذلك لا يقوم علي أساس" (الطعن 439 لسنة 50ق جلسة 8/5/1988)