والمقصود بالبيع بشرط التجربة هو تمكين المشتري من تجربة المبيع للتأكد من صلاحيته قبل أن يبرم العقد بصفة نهائية، فقد يروق له المبيع بعد تجربته فيقبل البيع إذا لم يرق له المبيع بعد تجربته وجب عليه أن يعلن الرفض إلي البائع في المدة المتفق عليها في العقد . (علي عمران وأحمد عبد العال ص72)
وأكثر ما يكون شرط التجربة صريحا، ولكنه قد يكون ضمنيا، يستخلص من طبيعة المبيع أو من ظروف التعامل، فشراء ملابس ينطوي عادة علي شرط ضمني أن المشتري قد اشتراها بشرط تجربتها، حتى إذا كانت لا تناسبه نقض البيع، وشراء آلات ميكانيكية اشتراها للزراعة أو الصناعة أو لغير ذلك من الأغراض، إذا كانت من الدقة بحيث لا يستوثق من صلاحيتها إلا بعد تجربته، تفترض فيه التجربة شرطا ضمنيا، وإذا اشترى شخص سيارة مستعملة لم يسبق له فحصها، فالغالب أن يشترط أن يكون البيع بشرط التجربة، وكثيرا ما يكون هذا الشرط مفهوما ضمنا من ظروف التعامل ومن سبق استعمال السيارة، وقد يستقر العرف في أشياء معينة أن يكون شراؤها معلقا علي شرط التجربة، فيفهم الشرط ضمنا عن طريق العرف.
ونرى من ذلك أن البيع بشرط التجربة يقع عادة علي الأشياء التي لا يمكن الاستيثاق منها إلا بعد استعمالها، كالملابس والآلات الميكانيكية والآلات الكاتبة والتركيبات الكيماوية والأسمدة والسيارات والآلات الفوتوغرافية والصور والتابلوهات والردايوهات والأثاث المنزلي وكلاب الصيد وخيل السباق ونحو ذلك، وكل هذه الأشياء منقول، ولكن لا يوجد مانع من أن يقع بيع التجربة علي عقار فيشترط المشتري لمنزل يريد سكناه أن يكون البيع بشرط التجربة . (السنهوري ص109)
 
مـــدة التجـــربة :
 يخضع تحديد مدة تجربة الشئ المبيع لاتفاق الطرفين بحيث إذا انقضت هذه المدة كان علي المشتري أن يعلن رفضه أو قبوله للمبيع وقد تتعين المدة بموجب العرف أو ما استقر عليه التعامل بين الناس كما في بيع الخيول والسيارات في بعض البلاد. وإذا لم يوجد اتفاق بين المتعاقدين أو عرف يحدد مدة التجربة فإنه يجوز للبائع تحديد مدة معقولة لإبداء رأي المشتري فيها بالرفض أو القبول بعد نتيجة التجربة . (عزمي البكري ص113)
وقد قضت محكمة النقض-الدائرة الجنائية- بأن "إذ اشترط في عقد البيع أن الملكية في المبيع تبقي للبائع حتى يجربه المشتري، فإن وجود المبيع عند المشتري في فترة التجربة إنما يكون علي سبيل الوديعة. فإذا هو تصرف فيه فإنه يكون قد خان الأمانة ويحق عقابه بمقتضي المادة 341 من قانون المرافعات" (طعن رقم 3 لسنة 11ق جلسة 25/11/1940) وإذا وجد المشتري أن هذه المدة غير معقولة ولم تكف للتجربة كان له اللجوء إلي القضاء طالبا مد هذه المدة المعينة من قبل البائع. وفي هذا الحالة يكون لقاضي الموضوع السلطة المطلقة في الأخذ بما استقر عليه التعامل . (لاشين الغاياتي ص27 وما بعدها)

 
التزامات كل من البائع والمشتري أثناء فترة التجربة :
 متى كان البيع معلقا علي شرط التجربة وجب علي البائع أن يمكن المشتري من تجربته الشئ المبيع وإلا كان مخلا بالتزامه، ويتم ذلك عادة بتسليم الشئ المبيع إلي المشتري حتى يتمكن من تجربته. وللمشتري في هذا الشأن أن يستعين برأي صديق أو خبير . (محمد علي عمران وأحمد عبد العال ص73)
وقد يكون الغرض من التجربة التأكد من صلاحية المبيع في ذاته للأغراض المقصودة منه، كأن يكون آلة ميكانيكية للحرث أو للدراسة، فيجربها المشتري ومتى تبين أنها تصلح للحرث أو للدراسة فلا يستطيع أن يتحكم وينقض البيع بدعوى أن المبيع غير صالح، فالصلاحية هنا معيارها وفاء المبيع بالأغراض المقصودة منه، فمتى وجد المبيع صالحا للوفاء بهذه الأغراض فلا يملك المشتري أن يرفضه، وإذا وقع خلاف حسمه الخبراء، وهنا يقترب معنى صلاحية المبيع من معنى خلوه من العيوب الخفية إذ المبيع غير الصالح يكون منطويا عادة علي عيب خفي يجعله غير صالح . (السنهوري ص110)
 وأما إذا كان الغرض من تعليق البيع علي شرط التجربة هو التأكد من ملائمة المبيع وصلاحيته لاحتياجات المشتري وأغراضه، فإن القول الفصل فيه صلاحية الشئ المبيع أو عدم صلاحيته يرجع إلي المشتري، فله إذا شاء أن ينقض البيع أو يقبله، ولا تعقيب عليه في ذلك.

 
الأصل أن البيع بشرط التجربة معلق علي شرط واقف :
 تنص الفقرة الثانية من المادة 421 علي أن "ويعتبر البيع بشرط التجربة معلقا علي شرط واقف هو قبول المبيع إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق علي شرط فاسخ". فالأصل أن يكون البيع بشرط التجربة معلقا علي شرط واقف هو قبول المشتري المبيع بعد تجربته. ما لم يتفق المتعاقدان صراحة أو ضمنا علي اعتباره بيعا معلقا علي شرط فاسخ هو عدم قبول المشتري المبيع بعد تجربته. ومن ثم إذا لم يتفق المتعاقدان صراحة أو ضمنا علي أنهما أرادا شرطا فاسخا، أو كان هناك شك فيما قصدا إليه، كان المفروض أنها أراد أن تكون التجربة شرطا واقفا. (محمد كامل مرسي ص125)
 ومتى تحقق الشرط أصبحت ملكية المشتري للمبيع ملكية باتة بأثر رجعي، فاستندت إلي وقت البيع لا إلي وقت القبول فحسب.
وزالت ملكية البائع بأثر رجعي أيضا، فاستند زوالها إلي وقت البيع، ومن ثم تزول كل الحقوق العينية التي ترتبت علي المبيع من جهة البائع في خلال مدة التجربة، وتبقي تلك التي ترتبت من جهة المشتري، ويتخلف الشرط برفض المشتري للمبيع، وإعلانه هذا الرفض للبائع في الميعاد .
ومتى تخلف الشرط، زال البيع بأثر رجعي واعتبر كأن لم يكن، وزالت مع البيع بأثر رجعي ملكية المشتري التي كانت معلقة علي شرط واقف، وأصبحت ملكية البائع التي كانت معلقة علي شرط فاسخ ملكية باتة منذ البداية، وتبقي الحقوق العينية التي ترتبت علي المبيع من جهة البائع في خلال مدة التجربة، وتزول تلك التي ترتبت من جهة المشتري، أما إذا سكت المشتري عن إعلان القبول أو الرفض مع تمكنه من تجربة المبيع، فقد رأينا أنه بسكوته هذا جعل تحقق الشرط مستحيلا، فيعتبر الشرط قد تحقق وأن المشتري قبل المبيع، وتجرى الأحكام التي قدمناها في حالة تحقق الشرط. وتقول الفقرة الأولي من المادة 421 مدني في هذا المعنى، كما رأينا أنه "إذا انقضت المدة وسكت المشتري مع تمكنه من تجربة المبيع، اعتبر سكوته قبولا".
وإذا اعتبرنا التجربة شرطا واقفا، كما هو الأصل، وهلك المبيع بسبب أجنبي وهو لا يزال تحت التجربة وقبل تبين مصير الشرط، هلك علي البائع، ذلك لأن البائع هو المالك للمبيع تحت شرط فاسخ، ولأن الشرط إذا تحقق-ويتعذر أن يتحقق في هذه الحالة فإن المشتري لن يقبل المبيع بعد أن هلك- لم يكن لتحققه أثر رجعي، فيبقي المالك وقت هلاك المبيع هو البائع لا المشتري، فيهلك علي البائع . (السنهوري ص112)

جواز الاتفاق علي أن يكون البيع بشرط التجربة معلقا علي شرط فاسخ :
 ذكرنا مقدما أن الأصل أن يكون البيع بشرط التجربة معلق علي شرط واقف ومع ذلك يجوز للمتعاقدين أن يتفقا صراحة علي أن يكون البيع بشرط التجربة معلقا علي شرط فاسخ .
 وكما يكون هذا الاتفاق صريحا، فإنه يجوز أيضا أن يكون ضمنيا أي يستخلص من ظروف وملابسات العقد والشرط الفاسخ يكون هنا هو عدم قبول المشتري للمبيع بعد تجربته، فإذا كان البيع بشرط التجربة معلقا علي شرط فاسخ بالنسبة للمشتري، فإنه يكون معلقا علي شرط واقف بالنسبة للبائع والشرط الفاسخ والواقف واحد في الحالتين، فإذا تحقق الشرط الواقف وأعلن المشتري رفضه للمبيع بعد تجربته، فإن ملكية المشتري تزول ويعتبر المشتري كأن لم يكن مالكا لهذا الشئ في وقت من الأوقات، أي أن الملكية تزول هنا بأثر رجعي وإذا تخالف الشرط الواقف وأعلن المشتري قبوله للشئ بعد تجربته أو سكت المشتري عن إبداء رغبته في القبول أو الرفض في أثناء المدة المتفق عليها لذلك أو في أثناء المدة المعقولة التي يقوم البائع بتحديدها، فإن هذا السكوت يقوم مقام القبول ويتخلف الشرط الواقف حكما وترتيبا علي ذلك يعتبر المشتري مالكا للشئ المبيع منذ البداية، وتصح وتنفذ كافة التصرفات التي يكون المشتري قد أبرمها بشأنه، بينما تزول الحقوق التي رتبها البائع . (محمد علي عمران وأحمد عبد العال ص77)
وإذ كان البيع بشرط التجربة معلقا علي شرط فاسخ وهلك المبيع بسبب أجنبي في أثناء فترة التجربة، فإن تبعة الهلاك تقع علي المشتري لا علي البائع، لأن المشتري هو المالك تحت شرط فاسخ، ومن ثم فهو الذي يتحمل بتبعية الهلاك.
وتنص المادة 422 من القانون المدني على أن " إذا بيع الشئ بشرط المذاق كان للمشتري أن يقبل البيع إن شاء، ولكن عليه أن يعلن هذا القبول في المدة التي يعينها الاتفاق أو العرف ولا ينعقد البيع إلا من الوقت الذي يتم فيه هذا الإعلان ".