أولاً :التراضي في عقد البيع : شروط الانعقاد : تطابق الإيجاب والقبول : تنص المادة 89 من التقنين المدني على أنه "يتم العقد بمجرد أن بتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد" وبما أن البيع من العقود الرضائية – إلا فيما ندر – فإنه ينعقد بمجرد أن يتبادل كل من البائع والمشترى التعبير عن إرادتين متطابقتين بقصد إنشائه ودون أي إجراء آخر، فلا يلزم لانعقاد البيع إذن توافر أي شكل خاص. فينعقد البيع بإيجاب بصدر من أحد المتعاقدين ويتلوه قبول من المتعاقد لآخر مطابق له فيما تضمنه من شروط . (محمد علي عمران ص 30)
وقد قضت محكمة النقض بأن "التعاقد على البيع طبقاً لنص المادة 418 من القانون المدني لا يعتبر تاما وملزما إلا إذا تلاقت إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه مما يقتضى إيجابا يعبر به المتعاقد الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في عقد يلتزم به المتعاقد الآخر أن ينقل إليه ملكية الشيء المبيع في مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير والمقصود بالمتعاقد هو الأصيل بشخصه أو بمن ينوب عنه قانوناً، وعلى ذلك فإذا صدر التعبير عن إرادة إنشاء الالتزام بالبيع ممن لا يملك التعاقد أصلاً فلا ينتج العقد أثراً" (طعن 918 س53 ق جلسة 1/2/1990) ، بأن "الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق مشوباً بالقصور" (طعن 352 س 39 ق جلسة 16/1/1975) ، وبأنه "الإيجاب هو العرض الذي يعبر به الشخص الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد معين بحيث إذا ما اقترن به قبول مطابق له انعقد العقد" (طعن 323 س 35 ق جلسة 19/6/1969).
وينبغي أن يتم الاتفاق بين الطرفين على العناصر الأساسية أو الجوهرية للبيع وهي ماهية العقد أو طبيعته والمبيع والثمن. أما العناصر الثانوية أو المسائل التفصيلية الأخرى، فلا تدخل في الاعتبار بصفة جوهرية، وإنما يكفي في هذا الصدد ألا يحصل خلاف بين الطرفين بشأنها. فيتم البيع حتى لو سكت المتبايعان عن تحديد وقت تسليم المبيع، أو عن تحديد وقت دفع الثمن، أو عما إذا كان الثمن المؤجل ينتج فوائد أو لا ينتج،أو عمن يلتزم بدفع مصروفات البيع، أو عن نحو ذلك من المسائل. فما دام المتبايعان قد اتفقا على البيع والمبيع والثمن فقد تم البيع .
وقد قضت محكمة النقض بأن "إذا رأت المحكمة أن العبارة المحررة في فكرة المدعى والموقع عليها من المدعى عليه، المتضمنة التزام الموقع بأن يبيع للمدعى الصنف المبينة أنواعه وأوصافه فيها ومقدار كل نوع منه وثمنه وتشمل كل البيانات اللازمة لتوافر أركان عقد البيع ولو أنها مذيلة بعبارة "وهذا الحين تحرير لشروط"، ثم عرضت لتنفيذ هذا الاتفاق فرأت أن نية المتعاقدين فيما يتعلق بباقي شروط البيع من تسليم المبيع ودفع ثمنه قد توضحت من الطريقة التي بينتها في حكمها وقالت إنهما اتبعاها طوال مدة تنفيذ هذا العقد، فإنها إذ استظهرت توافر أركان التعاقد من التعهد المأخوذ على البائع ومن تنفيذه جزئياً، وإذ استكملت شروط الاتفاق من العناصر الأخرى القائمة في الدعوى، تكون قد استخلصت ذلك مما ينتجه، فلا تصح مناقشتها فيه أمام محكمة النقض لتعلقه بسلطة محكمة الموضوع في تقرير الوقائع" (مجموعة عمر 4 رقم 57 ص 154 نقض مدني 13 مايو سنة 1943)