قد يلتبس عقد البيع بغيره من العقود لدرجة يصعب فيها تحديد طبيعة العقد ووصفه بأنه بيع أو عقد أخر ومن هذه العقود:
(1) البيع والإيجار: إذا كان الغرض من البيع هو نقل الملكية أو الحق المالي، فإن الإيجار يهدف إلى تمكين المستأجر من الانتفاع بالشيء المؤجر لمدة معينة مقابل بدل يستلزم بأدائه إلى المؤجر الذي تظل له ملكية الشيء (توفيق حسن فرج ص 38) ومع ذلك فقد تدق التفرقة بينهما في بعض الفروض لمعرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بعقد بيع أم بعقد إيجار، ونعرض لأهم تلك الفروض فيما يلي :
(أ‌)      دفع العقد على ثمار الشيء أو منتجاته : تدق التفرقة بين عقد البيع والإيجار وذلك إذا دفع العقد لا على الشيء ذاته بل على ثمارته أو منتجاته ويقال عادة إن الفرق بين الثمرات (fruits) والمنتجات (produits) هو أن الأولى دورية (perio – dique) تتجدد دون انتقاص، أما الأخرى فتتناقص حتى تنفذ. فمحصولات الأرض تعتبر ثمرات لأنها تتجدد في أوقات دورية، أما الفحم والبترول والمعادن والحجر في المناجم والمحاجر فهذه كلها منتجات لأنها غير دورية بل أن مصيرها إلى النفاذ. ومن ثم فقد قيل إن العقد إذا وقع على الثمرات فهو إيجار إذ يقع على منفعة الأرض المتجددة التي لا تنفد، وإذا وقع على المنتجات فهو بيع إذ يقع على هذه المنتجات ذاتها لا على منفعة متجددة (السنهوري ص 25) .
وقد قضت محكمة النقض بأن "إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من أوراق الدعوى أن الطاعن قد تعاقد مع وزارة المالية على أن يقوم باستغلال النطرون الجاف بمستنقعات منطقتين رسا مزادهما عليه مقابل ثمن معين، وعلى أن يدفع لوزارة المالية علاوة على هذا الثمن كذا جنيهاً من كل طن، كما استخلص في حدود سلطتها الموضوعية أن وزارة المالية لم تتفق مع الطاعن على حد أدنى لكمية النطرون الذي يقوم باستخراجه مقابل الثمن الذي رسا به المزاد عليه، فهذا العقد موضوعه محصول طبيعي غير متجدد وليس ثمرة أو ريعا للمستنقعات المذكورة، لكونها جزءاً منه لابد من نفاذه يوم ما، وحقيقته – مهما كان قد ورد فيه من ألفاظ المؤجرة والإيجار والمستأجر – أنه عقد بيع للنطرون لا عقد إيجار للمستنقعات، والمبيع بموجبه هو عين معينة هي كل النطرون الموجود على ذلك اعتباره بيعاً جزافاً، فهو يقع لازماً مهما كان مقدار المبيع أقل مما أمله المشترى" (مجموعة أحكام النقض 3 رقم 31 ص 161 6 ديسمبر سنة 1951)
والمعيار السابق يغلب أن يكون صحيحاً ولكنه لا يصدق في بعض الحالات ومثال ذلك أن يبيع صاحب الأرض المحصول الناتج عنها وهو لا يزال في الأرض. فلا يعتبر هذا العقد إيجاراً للأرض بل بيعاً للمحصول.
والغالب في هذه الحالة ألا يسلم البائع الأرض للمشترى لزراعتها أو الانتفاع بها، فإذا سلمها له فقد يكون العقد مع ذلك بيعاً لما بها من ثمار، وقد يكون العقد إيجاراً للأرض ذاتها، والعبرة في ذلك كله تكون بالنية الحقيقية للمتعاقدين وما انصرفت إليها. وقد يستفاد من اشتراط دفع المقابل دفعة واحدة أن العقد البيع لا إيجار، في حين أنه إذا اشترط دفع المقابل على فترات متعاقبة ودورية فإن العقد قد يكون إيجاراً لا بيعاً.
والعبرة في ذلك كله تكون بإرادة المتعاقدين، وعلى القاضي استخلاص هذه النية مستعيناً بما قدمنا من قرائن. وله مطلق الحرية في هذا التقدير ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض. غير أن هذه القرائن كلها ليست قاطعة، فقد يرى القاضي إن إرادة المتعاقدين قد انصرفت إلى البيع حق ولو كانت حيازة الأرض قد انتقلت إلى المتصرف إليه للانتفاع بها. وقد يرى القاضي العقد إيجاراً حتى ولو اتفق على دفع المقابل جملة واحدة لا على فترات متعاقبة (محمد على عمران وأحمد عبد العال في شرح أحكام عقد البيع ص 19) .
(ب) البيع الإيجاري : قد يحدث أن يصف المتعاقدان عقدا بأنه إيجار، ويتفقان على أن يقوم المستأجر في هذه الحالة بدفع أجرة لمدة معينة ينقلب العقد بعدها بيعا، وتعتبر الأجرة التي دفعت على أقساط ثمنا للبيع. وهذا ما يسمى بالبيع الأيجاري. وكثيرا ما يلجأ إليه في الوقت الحاضر، وذلك بقصد حماية البائع طيلة المدة التي تدفع فيها الأقساط إذ يظل المشترى أمامه مستأجرا، وبالتالي لا يستطيع نقل ملكية الشيء إلى الغير، وإلا عدا مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة، كما تظل الملكية على اسم البائع في هذه الحالة إلى حين الوفاء بكل الأقساط. وتفريعا على ذلك فإن الأقساط التي يدفعها المشترى تعتبر بمثابة أجرى مقابل انتفاعه بالشيء، فإذا وفي الأقساط جميعها انقلب العقد بيعا وانتقلت الملكية إلى المشترى (الذي كان حتى الآن يعتبر مستأجرا).
 وقد كان اعتبار هذه العملية إيجار في البداية، ينقلب إلى بيع في النهاية، بعد سداد جميع الأقساط، محل خلاف في الفقه. ولكن تولى القانون المدني حسم الأمر في المادة 430 منه إذ بين أن العقد في هذه الحالة بيع علق فيه انتقال الملكية على دفع الأقساط . (توفيق فرج ص 43)
(2) البيع والمقايضة : وقد يتراوح العقد بين أن يكون بيعاً أو مقايضة، مثل ذلك أن يتعاقد شخص مع آخر على أن يعطيه داراً في مقابل أحد شيئين يختاره المتعاقد الأخر، مبلغ معين من النقود أو أرض معينة، فهنا العقد يكون بيعاً أو مقايضة بحسب المقابل الذي يختاره المتعاقد الآخر، فإن اختار النقود كان العقد بيعاً، وأن اختار الأرض كان العقد مقايضة، ولا يقع في هذا الفرض ليس ما، وخصوصيته في العقد أن العقد لا يتمحض منذ البداية بيعاً أو مقايضة، ولا يعرف ذلك إلا عندما يختار المتعاقد الآخر المقابل الذي يدفعه . (السنهوري ص 27)
وقد قضت محكمة النقض بأن "المقايضة ليست فحسب مبادلة حق ملكية بحق ملكية آخر بل هي قد تكون مبادلة حق انتفاع بحق انتفاع ويسري عليها في الأصل أحكام البيع فيعتبر كل متقايض بائعاً للشيء الذي كان مملوكاً له وقايض به، ومشترياً للشيء الذي كان مملوكاً للطرف الآخر وقايض هو عليه، والآثار التي تترتب على المقايضة هي نفس الآثار التي تترتب على البيع من حيث التزامات البائع، فليزم كل من المتقاضين بنقل الشيء الذي قاضي به إلى الطرف الآخر، كما يلتزم بتسليمه إياه وضمان التعرض والاستحقاق" (الطعن 184 لسنة 53 ق س ص 111 جلسة 1/4/1984 ، الطعن 42 لسنة 51 ق جلسة 14/6/1984 ، الطعن 1678 لسنة 56 ق جلسة 22/3/1989). ولكن قد يدق التميز فيما إذا أعطى شخص داراً لآخر في مقابل أوراق مالية أو سبائك ذهبية، فهل يعتبر المقابل هنا بمثابة النقد فيكون العقد بيعاً ؟ الظاهر أن هذا المقابل، وإن أمكنت معرفة قيمته نقداً بمجرد تبين سعر السوق، إلا من العبرة فيه هي بطبيعته وقت العقد، وهو ليس نقداً، فيكون العقد مقايضة لا بيعاً، وإذا كان المقابل إيراداً مرتباً مدى الحياة، فقد ذهب البعض إلى أن المقابل ليس بنقود بل هو الحق في المرتب، ومن ثم يكون العقد مقايضة، ولكن الصحيح أن العقد بيع قدر الثمن فيه – وهو نقود – على وجه احتمالي في صورة الإيراد، وإذا كان المقابل بعضه نقود وبعضه غير نقود، فإذا كان العنصر الغالب هو النقود، كما إذا بيعت سيارة جديدة بألفين على أن يحسب من الثمن سيارة قديمة قدرت قيمتها بخمسمائة، فالعقد بيع، أما إذا كان العنصر الغالب هو غير النقود، كما إذا استبدلت سيارة بأخرى متقاربتين في القيمة مع دفع معدل من النقود زهيد، فالعقد مقايضة . (منصور مصطفى منصور ص 28 – السنهوري ص 27)
(3) البيع والمقاولة : عقد المقاولة هو "عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر" ومن هذا يتضح الفارق بين البيع والمقاولة حيث أن البيع يتمثل في نقل الملكية أو الحق المالي مقابل من نقدي في حين أن المقاولة تلزم الشخص بإتمام عمل لقاء بدل أو أجر يتعهد به المتعاقد الآخر.
ورغم ذلك هناك حالات تقترب فيها المقاولة والبيع. مثل ذلك حالة ما إذا كلف شخص صانعا أو مقاولا بتقديم المواد إلى جانب صناعتها، كأن يتفق مع صانع الأثاث على أن يتقدم الأخشاب اللازمة لصنعها. في مثل هذه الحالة يبدو أنه ينبغي أن يعتبر العقد بيعا، اللهم إلا إذا ثبت أن قيمة العمل كانت أهم بكثير من قيمة الشيء الذي قدمه الصانع.
ومن أمثلة ذلك أيضا حالة ما إذا تعهد. مقاول بإقامة بناء. فإذا قدم صاحب العمل الأرض من عنده وقام المقاول بالعمل كان العقد مقاولة أما إذا كانت الأرض ملكا للمقاول . فإن هذا يعتبر بيعا للأرض بحالتها المستقبلة بعد إقامة البناء عليها . (توفيق حسن فرج ص 44)
(4) البيع والهبة : عرفت المادة 486 من التقنين المدني الهبة بأنه "عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عوض ويجوز للواهب دون أن بتجرد عن نية التبرع أن بفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين" وتتشابه الهبة مع البيع في أن كلا منهما ناقل للملكية وتختلف عنه في أن الهبة تكون بلا مقابل، في حين أن نقل الملكية من البائع إلى المشترى في عقد البيع يتم بمقابل هو الثمن.
فيجب إذن للتميز بين الهبة والتبرع الوقوف على توافر نية التبرع أو عدم توافرها، فإذا توافرت هذه النية فإن العقد يكون هبة وإذا لم تتوافر وكان نقل الملكية بمقابل فإن التصرف يكون بيعاً (محمد علي عمران وأحمد عبد العال ص 12) ولا يثير الأمر صعوبة إذا كانت الهبة دون مقابل أو عوض، ففي مثل هذه الحالة يسهل التميز بين البيع والهبة، ويصبح الأمر صعباً إذا كانت الهبة بمقابل وتمت دون أن يتجرد الواهب عن نية التبرع. فيثور في مثل هذه الحالة التساؤل حول حقيقة هذا التصرف وهل هو بيع أو هبة ؟ يذهب الفقه عموماً إلى القول بأن التصرف لا يكون هبة بل بيعاً إذا كان العوض مساويا لقيمة الشيء الموهوب، وأما إذا كان المقابل غير متناسب مع قيمة الشيء، فقد يكون بيعاً بثمن بخس وقد يكون هبة سترت بالبيع، وتصح هذه الهبة ولو كانت مجردة من الطابع الرسمي إذا تمت تحت ستار عقد آخر (السنهوري فقرة 24) (المادة 498/1 مدني)، ويشترط لعقد الهبة في هذه الحالة أن يكون له مظهر البيع فعلاً، حتى لا يمكن استخلاص الهبة المستترة من مظهره، وأما إذا أمكن استخلاص الهبة المستترة من مظهره فإن البيع لا يصلح في هذه الحالة ستاراً للهبة مثال ذلك تحديد الثمن في العقد مع ذكر أن البائع قد أبرأ منه المشترى. فلا يكون العقد بيعاً في هذه الحالة، بل هبة وتبطل لعدم إفراغها في الشكل الرسمي . (محمد لبيب شنب ومجدي خليل شرح أحكام عقد البيع فقرة 42 سليمان مرقص مرجع سابق فقرة 28 – منصور مصطفى منصور فقرة 14)
(5) البيع والوكالة : عرفت المادة 699 من التقنين المدني الوكالة بقولها: "الوكالة عقد بمقتضاه يلتزم الوكيل بأن يقوم بعمل قانون لحساب الموكل" ففي عقد الوكالة يتعهد أحد الطرفين، وهو الوكيل بأن يقوم بعمل قانوني (تصرف قانوني) لحساب الطرف الآخر وهو الموكل. وليس بشرط في الوكالة أن يتعهد الوكيل بأن يقوم بالعمل القانوني باسم الموكل. فقد يتعهد الوكيل بأن يقوم بالعمل القانوني باسمه الشخصي ولكن لحساب الموكل، وتلك هي حالة الوكالة غير النيابية، أو الاسم المستعار أو المسخر. وهنا تتصرف آثار العمل القانوني إلى الوكيل الذي أبرمه، على أن يقوم بعد ذلك بنقل ما اكتسب من حقوق إلى الموكل الذي أبرم العمل القانوني لحسابه. وللتميز بين البيع والوكالة يجب معرفة ما إذا كان المستلم قد تملك بمقتضى العقد الأشياء التي تسلمها أم لم يتملكها فإذا كان العقد من شأنه نقل الملكية إلى المتسلم كنا بصدد بيع وإلا كنا بصدد وكالة . (عزمي البكرى ص39)
ومع ذلك فإن من المفروض العملية ما يثير صعوبة حول معرفة ما إذا تعلق الأمر ببيع أم بوكالة. ويكون ذلك في الحالة التي يعطى فيها شخص لآخر مالا لكي يتصرف فيه تصرفا قانونيا، وهنا يثار التساؤل حول ما إذا كان هذا المال قد أعطى للشخص على أساس نقل ملكيته إليه، فتكون بصدد بيع، أما أنه أعطى إليه لكي يتصرف فيه لحساب صاحبه، ونكون بصدد عقد وكالة، الموكل فيه هو صاحب المال، والوكيل هو من أخذ منه هذا المال لكي يقوم ببيعه إلى الغير لحساب صاحبه وكثيرا ما يقع مثل هذا الفرض في الحياة العملية عندما يسلم تاجر جملة إلى تاجر تجزئة بخصائص لبيعها، أو عندما يسلم صاحب مصنع إلى أحد المحلات التجارية بعض المنتجات ليبيعها. فإذا قيل أن من تسلم البضائع أو المنتجات قد تسلمها على سبيل انتقال الملكية إليه ليقوم هو ببيعها بعد ذلك. كان الأمر بيعا. وإذا قيل بأنه أنما تسلمها لكي يبيعها لحساب تاجر الجملة، أو صاحب المصنع كان المستلم وكيلا. ولكن الأمر قد يزيد تعقيدا فيتفق على أنه إذا لم يبع من تسلم البضائع ما سلم إليه خلال مدة معينة، استردها من سلمها إليه، فإذا كان بعضها قد بيع، كان على من تسلم البضاعة أن يرد ثمنها المتفق عليه مع صاحبها الأول واستفاد من الفرق بين هذا الثمن والثمن الذي باعها به . (توفيق حسن فرج ص 46)
 والعبرة في تحديد الوصف القانوني الصحيح لهذا العقد بما تنصرف إليه إرادة المتعاقدين. وللقاضي أن يستعين في ذلك ببعض القرائن، فإذا اقتصر الأمر على قيام الوكيل فقط بالتوزيع مقابل نسبة مئوية معينة على أن يرد إلى مالك الشيء أو منتجه ما يتبقى لديه دون توزيع فإن العقد يكون وكالة، وأما إذا اتفق الطرفان على أن يؤدي القائم بالتوزيع إلى مالك الشيء أو منتجه مبلغاً محدداً، فإن العقد لا يكون وكالة بل يكون بيعاً. فالأمر مرده في النهاية إلى النية المشتركة للمتعاقدين، وعلى القاضي أن يستخلصها مستعيناً بما ذكرنا من قرائن وإن كانت قابلة لإثبات عكسها. ويجب على القاضي عدم الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، بل عليه البحث عن المضمون الحقيقي لما أراده المتعاقدان مستهدياً في ذلك كله بما يوجبه التعامل من أمانة وثقة (محمد علي عمران وأحمد عبد العال ص 22 وما بعدها) .
(6) البيع والوديعة : عرفت المادة 718 من التقنين المدني الوديعة بأنها "عقد يلتزم به شخص أن يتسلم شيئاً من آخر على أن يتولى حفظ هذا الشيء وعلى أن يرده عيناً" فالوديعة عقد من عقود الأمانة يلتزم بتوجيه الشخص الذي يتسلم منقولا أو عقاراً لحفظه بأن يرده عيناً بعد ذلك. فلا يقبل من المودع لديه أن يرد للمودع شيئاً آخر غير الذي تسلمه منه. وفي هذا تختلف الوديعة عن البيع . فالبيع يترتب عليه نقل الملكية من البائع إلى المشترى في حين أن الوديعة لا تنقل إلى الوديع سوى الحيازة المادية للشيء ، ومع سهولة التمييز بين عقد البيع وعقد الوديعة، إلا أن التفرقة بينهما قد تدق في بعض الحالات .
 ويتحقق ذلك على سبيل المثال أن يودع الشيء صاحبه عند آخر ليبيعه بمبلغ معين، على أن يأخذ المودع عنده مقداراً معلوماً أجراً له، مثل ذلك أن يودع المؤلف نسخاً من كتابه في مكتبة ليبيعها صاحب المكتبة، أو أن يودع تاجر الجملة مجوهرات عند تاجر التجزئة ليبيعها. ففي هذه الأحوال تكون النسخ أو المجوهرات مودعة عند صاحب المكتبة أو عند تاجر التجزئة، وهذا إما أن يبيعها لحساب صاحبها فيكون وكيلاً بالبيع أن كان مودعاً عنده، وهو وكيل بالأجر إذ يتقاضى أجراً معيناً على ما يقوم ببيعه، وإما أن يعتبر، عندما يجد مشترياً، أنه هو اشتراها أولا من صاحبها بثمن معين، ثم باعها للعمل بثمن أكبر، والفرق هو مكسبه. والقول بتكييف أو بآخر يتوقف على نية المتعاقدين، وهذه النية يستخلصها قاضي الموضوع من ظروف الواقع . (السنهوري 29)
وقد قضت محكمة النقض بأن "إذا كان العقد يتضمن إقراراً بدين مصحوباً بتأمين كمية من القطن أودعها المدين لحساب دائنة لدى تاجر قطن كان اشترى فيما اشتراه من الدائن هذه الكمية، وذلك على أن يكون لهذا التاجر حق بيع القطن بسعر الكونتراتات والاستداد بدينه على الدائن وفوائده من ثمنه إذا هبط سعره،ولم يقم البائع بالتغطية بحسب العرف المقرر لبيع الأقطان ببورصة البضائع، فإن هذا العقد ليس مجرد عقد بيع مدني عادي يكون في المودع لديه أو المشترى ملزماً بنقل أسعار القطن شهراً فشهراً حتى يأذن له البائع في بيعه، وإنما هو عقد يتضمن تكليف المشترى أو المودع لديه ببيعه إذا لم يقم البائع بالتغطية الواجبة عرفاً عند هبوط السعر (مجموعة عمر 2 رقم 131 ص 401 نقض مدني 22 يونيه سنة 1928) وبأنه "إذا اشترط في عقد البيع أن الملكية في المبيع تبقى للبائع حتى يجريه المشترى، فإن وجود المبيع عند المشترى في فترة التجربة إنما يكون على سبيل الوديعة، فإن تصرف فيه إضراراً بصاحبه فإن يكون خان الأمانة ويحق عقابه بمقتضى المادة 341 من قانون العقوبات" (نقض جنائي 25 نوفمبر سنة 1940 المحاماة 21 رقم 247 ص 549) ، وبأن "التزم المودع لديه رد الشيء بعينه عند طلب شرط أساسي في وجود عقد الوديعة، فإذا انتفى هذا الشرط انتفى معه معنى الوديعة، فإذا سلم قطن لمحلج بموجب إيصالات ذكر فيه أنه لا يجوز لحاملها طلب القطن عيناً، ثم تصرف صاحب المحلج في القطن بدون إذن صاحبه، لم يعتبر ذلك تبديداً معاقباً عليه بالمادة 296 من قانون العقوبات (م341 جديد)" . (مجموعة عمر الجنائية 2 رقم 337 ص 488 نقض جنائي 21 مارس سنة 1932)
(7) البيع والقرض : ذكرنا فيما تقدم أن عقد البيع عقد ناقل للملكية ولكن إذا كان المتعاقد أن لم يقصدا نقل الملكية على سبيل البيع بل قصدا تحقيق قرض بربا فاحش كان العقد قرضاً وليس بيعاً ومن هذا القبيل مثلا تصرف المشترى في المبيع قبل قبضه للبائع نفسه، فمثل هذا البيع يخفى في الغالب قرضا بربا. كأن يشتري شخص من آخر شيئاً بمائتي جنيه مؤجله لمدة عام، ثم يبيعه له في الحال بمائة مقبوضة. ففي هذا الفرض يعتبر البائع مقرضاً بربا فهو أقرض المشترى المزعوم مائتي جنيه يستردها منه بعد سنة . (أنور سلطان ص 34 – عبد المنعم البدراوي ص79)
وقد قضت محكمة النقض بأن "إذا كانت المحكمة حين قالت إن العقد المتنازع عليه عقد قرض لا بيع خلافا لظاهره، قد أقامت ذلك على أن نية طرفيه كانت منصرفه إلى القرض لا إلى البيع، تستخلص هذه النية من ورقة الضد التي عاصرت تحرير العقد ومن التحقيق الذي أجرته. في الدعوى والقرائن الأخرى التي أوردتها استخلاصاً لم يرد عليها طعن الطاعن في حكمها، فيتعين رفض هذا الطعن" (طعن رقم 51 لسنة 16 ق جلسة 3/4/1947) .
(Cool البيع والوصية : البيع عقد يتم بين الأحياء في مقابل ثمن نقدي. أما الوصية فإنها على العكس من ذلك تصرف بإرادة منفردة، مضاف إلى ما بعد الموت: يتم دون مقابل، أي أنها من أعمال التبرع. فالوصية تصرف يتم بإرادة الموصى المنفردة . وفي هذا التصرف يظل للمتصرف مزايا الملكية على المال المتصرف فيه، طالما بقي حيا، ولهذا كانت الوصية تصرفا مضافا إلى ما بعد الموت. ومن ناحية أخرى، فإنها تتم دون مقابل . (توفيق حسن فرج ص 56)
كما أن الوصية لا تنفذ فيما يزيد على ثلث التركة في مواجهة الورثة إلا بموافقتهم عليها (المادة 73 من قانون الوصية) ، في حين أن البيع ينفذ فوراً في العلاقة بين البائع والمشترى وفي مواجهة خلف البائع ولو أدى ذلك إلى عدم وجود تركة للبائع عند وفاته. وكثيراً ما يلجأ بعض الأشخاص – رغبة منهم في التحايل على الأحكام الخاصة بالوصية – إلى إبرام تبرعات في صورة بيوع، ويحتفظون لأنفسهم بالحق في الانتفاع بالشيء المتصرف فيه طوال حياتهم، أو يشترطون على المتصرف إليه عدم جواز التصرف في الشيء محل التصرف أثناء حياة المتصرف وهذه التصرفات بلا شك ضارة بورثة المتصرف كما أنها تعتبر تحايلا على القانون . (محمد علي عمران وأحمد عبد العال ص 14)
ولما كان تكيف الأفراد لتصرفاتهم لا يلزم القاضي، فإن على محكمة الموضوع أن تتبين إرادة المتصرف الحقيقية وأن تكيف التصرف التكييف القانوني الصحيح، وهي في ذلك تخضع لرقابة محكمة النقض فإذا تبين لها أن العقد الذي وصف بأنه بيع قد تضمن شروطا من شأنها تراخي نقل الملكية إلى ما بعد وفاة المتصرف، وأن نقل الملكية بدون عوض، أمكن القطع بأن إرادة ذو الشأن قد أرادت الوصية لا لبيع، وتعين من ثم عليها أن تنزل التصرف منزلة الوصية وأن تجري عليها أحكامها . (عزمي البكري ص 43)
 وقد وضع المشرع المصري في هذا الشأن قرينة على وجود نية الايصاء فنص في المادة 917 مدني على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته، واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، اعتبر التصرف مضافا إلى ما بعد الموت، وتسرى عليه أحكام الوصية، ما لم يقم دليل يخالف ذلك" . (انظر عبد المنعم البدراوي بند رقم 37 إلى 48 – أنور سلطان وجلال العدوي بند رقم 87)
(9) البيع والوفاء بمقابل : لما كان الوفاء بمقابل ينقل ملكية شيء يعطي في مقابله دين يوفى به؛ فيسري عليه من حيث أنه ينقل الملكية أحكام البيع، وبخاصة ما تعلق منها بأهلية المتعاقدين وضمان الاستحقاق وضمان العيوب، ويسري عليه من حيث أنه يقضي الدين أحكام الوفاء، وبخاصة ما تعلق منها بتعين جهة الدفع وانقضاء التأمينات (انظر م351 مدني) .
وقد قضت محكمة النقض بأن "إن الوفاء بالدين بغير النقد قد اختلف في تكييفه. في رأي اعتبر استبدالا للدين بإعطاء شيء في مقابله. وفي رأي أخر اعتبر كالبيع تسرى عليه جميع أحكامه. ومحكمة النقض ترى أنه في حقيقته كالبيع إذا تتوافر فيه جميع أركانه، وهي الرضاء والشيء المبيع والثمن. فالشيء الذي أعطى للوفاء يقوم مقام البيع، والمبلغ الذي أريد الوفاء به يقوم مقام الثمن الذي يتم دفعه في هذه الحالة بطريق المقاصة، ومن ثم يجب أن يسرى على هذا النوع من الوفاء جميع أحكام القانون المقررة للبيع" (طعن رقم 123 لسنة 13 ق جلسة 18/5/1944)
 وعلى كل يختلف البيع عن الوفاء بمقابل، من حيث أن البيع عقد قام بذاته، على حين أن الوفاء بمقابل يفترض وجود التزام سابق، ولذا تكون صحة الوفاء بمقابل مرتبطة بوجود هذا الالتزام . (أنور سلطان ص 33 وما بعدها)
(10) البيع وتقديم حصة في شركة :  تنص المادة 511 في فقرتها الأولى على أنه "إذا كانت حصة الشريك حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني أخر، فإن أحكام البيع هي التي تسري في ضمان الحصة إذا هلكت، أو استحقت، أو ظهر فيها عيب أو نقص" ولكن ليس معنى هذا أن جميع أحكام البيع تطبق على تقديم الحصة في الشركة. فالبيع كما رأينا هو تمليك مقابل ثمن من النقود، أما هنا فالمقابل هو حق الاشتراك في الأرباح (إذا حققت الشركة أرباحاً بالطبع) .