اختصاص- الاختصاص المحلي للمحاكم التأديبية ومجالس التأديب- تحديد اختصاص المحاكم التأديبية يكون بمكان وقوع المخالفة المنسوبة إلى الموظف، ولو نُقِلَ بعد ذلك إلى جهةٍ تقع في دائرة اختصاص محكمة تأديبية أخرى.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 29126 لسنة : 56 قضائية ـ جلسة  17-5-2014)
² بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونًا.
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بطلباته المبينة آنفًا.
وحيث إن الطعن استوفى جميع أوضاعه الشكلية المقررة قانونًا، فمن ثم يغدو مقبولا شكلا.
وحيث إن التصدي لموضوع الطعن يغني عن بحث الشق العاجل منه.
وحيث إنه عن موضوع الطعن: فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن أقام طعنه الماثل طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مجلس تأديب أعضاء هيئة النيابة الإدارية الصادر في الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002 فيما قضى به من معاقبته بالعزل من وظيفته، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك على سندٍ من أنه أُحيل للمحاكمة التأديبية أمام مجلس تأديب أعضاء هيئة النيابة الإدارية بالدعوى رقم 3 لسنة 2002؛ لأنه بوصفه رئيس نيابة إدارية من الفئة (ب)، وخلال المدة من 1/1/1995 حتى 20/6/1995، خرج على مقتضى واجب وظيفته القضائية، ولم يحافظ على كرامتها، ولم يلتزم بالسلوك القويم بأن: (1) حرَّر شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب بتاريخ 1/1/1995 بمبلغ عشرة آلاف جنيه لمصلحة السيد/...، مسحوبًا على بنك الإسكندرية/ فرع السادات. (2) حرَّر شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب بتاريخ 20/3/1995 بمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه لمصلحة السيد/...، مسحوبًا على البنك المصري الخليجي/ فرع مصر الجديدة. (3) حرَّر شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب بتاريخ 20/6/1995 بمبلغ عشرين ألف جنيه لمصلحة السيد/...، مسحوبًا على بنك مصر/ فرع أشمون..............................
وبجلسة 27/10/2002 قضى مجلس التأديب المذكور بمعاقبته بالعزل من وظيفته نظير الاتهامات المسندة إليه.
ونعى الطاعن على الحكم المذكور مخالفته للقانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله، وصدوره مشوبًا بالغلو في تقدير الجزاء؛ لأسبابٍ حاصلها: (أولا) بطلان قرار مجلس التأديب لصدوره بناءً على إجراءات باطلة؛ لعدم اتصال الدعوى التأديبية التي تمخض عنها القرار أو الحكم بعزله من وظيفته بمجلس تأديب أعضاء هيئة النيابة الإدارية اتصالا صحيحًا متفقًا ونص المادة (39) من قانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 والقوانين المعدِّلة له، إذ لم تقم الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002 من وزير العدل، ولم تُوَقَّع منه صحيفتُها، ومن ثم لا تنعقد الخصومة فيها انعقادًا صحيحًا، بل أقيمت هذه الدعوى بناءً على طلبِ أو أمرِ وزيرِ العدل بتقريرِ اتهامٍ وقَّعَهُ رئيسُ هيئة النيابة الإدارية مُهدرًا بذلك ضمانة جوهرية لا ينبغي التجاوز عنها، وهي ضرورة أن تُقام الدعوى التأديبية من وزير العدل.
 (ثانيًا) أن الاتهامات التي أسندت إليه في الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002 التي قُضِيَ فيها بمعاقبته بالعزل من وظيفة استنادًا إليها، سبق أن قرر رئيس هيئة النيابة الإدارية حفظها نهائيا، على نحوٍ لا يجوز معه إعادةُ محاسبته أو مساءلته عنها.
 (ثالثًا) أن مجلس تأديب أعضاء هيئة النيابة الإدارية سبق أن حاكمه في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 1998 عن المخالفات نفسها المسندة إليه في الدعوى رقم 3 لسنة 2002، وقضى ببراءته من إحدى التهم الثلاث، وهي التهمة الأولى الخاصة بتحريره شيكًا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب للسيد/... بمبلغ عشرة آلاف جنيه.
 (رابعًا) أن جريمة تحرير شيك بدون رصيد ليست جريمةً مُخلة بالشرف والأمانة في كل الأحوال، على وفق ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وقد حرَّر الشيكات الثلاثة المنوَّه عنها في ظروفٍ صعبة ألمت به وأعوزته إلى تحريرها، وانقضت بعض الدعاوى الخاصة بها بالتصالح، والبعض الآخر صدر فيه حكمٌ مشمول بالإيقاف الشامل.
 (خامسًا) أن ما اقترفه من ذنب، بفرض ثبوته قِبله، لا يتناسب البتة وعظيم الجزاء الذي حلَّ به، والذي حُرِمَ بموجبه من وظيفته القضائية وكان له أبلغ الأثر عليه.
........................................................
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ينص في المادة (39)، المعدَّلة بالقانونين رقمي 12 لسنة 1989 و15 لسنة 1999 على أن: "العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعُهَا على أعضاء النيابة الإدارية هي: الإنذار- اللوم- العزل. وتُقام الدعوى التأديبية من وزير العدل بناءً على طلب رئيس هيئة النيابة الإدارية أو أحد نوابه، ولا يُقدَّم هذا الطلب إلا بناءً على تحقيقٍ جنائي أو بناءً على تحقيقٍ إداري تُسمع فيه أقوال العضو. ويتولى إجراء التحقيق الإداري عضوٌ يندبه وزير العدل لهذا الغرض على أن يكون سابقًا في ترتيب الأقدمية على العضو الذي يُجرى التحقيق معه، وبشرط ألا تقل وظيفته عن نائب رئيس بالنسبة للتحقيق مع نواب الرئيس، وعن وكيل عام أول بالنسبة للتحقيق مع الوكلاء العامين الأُول والوكلاء العامين، أما باقي الأعضاء فيتولى إجراء التحقيق معهم وكيل عام على الأقل من إدارة التفتيش يندبه رئيس الهيئة... وتُرفع الدعوى التأديبية بصحيفةٍ تشتمل على التهمة والأدلة المؤيدة لها، وتُعلن للعضو، ولمجلس التأديب أن يجري ما يراه لازمًا من التحقيقات وأن يأمر بوقف العضو عن مباشرة أعمال وظيفته أو وضعه في إجازة حتمية، وله أن يعيد النظر في أمر الوقف أو الإجازة المذكورة في كل وقت. ويحضر العضو بشخصه أمام المجلس، وله أن يقدم دفاعه كتابةً وأن ينيب في الدفاع عنه أحد أعضاء النيابة الإدارية، وللمجلس الحق في طلب حضوره شخصيا، فإذا لم يحضر جاز الحكم في غيبته بعد التحقق من صحة الإعلان. ويصدر الحكم ويُنطق به مُشتمِلا على الأسباب التي بُنِيَ عليها في جلسةٍ سرية، ويكون الطعن فيه أمام الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا المشار إليها في المادة (40 مكررًا -1) من هذا القانون خلال ستين يومًا من تاريخ صدور الحكم. وتنقضي الدعوى التأديبية باستقالة العضو أو بإحالته إلى المعاش، ولا تأثير للدعوى التأديبية على الدعوى الجنائية أو المدنية الناشئة عن الواقعة ذاتها".
وينص في المادة (40)، المعدَّلة بالقانون رقم 15 لسنة 1999، على أن: "يختص بتأديب أعضاء النيابة الإدارية بجميع درجاتهم مجلسُ تأديبٍ يُشَكَّلُ من رئيس الهيئة أو من يحل محله رئيسًا، وعضوية أقدم ستة من النواب، وعند غياب أحدهم أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم من النواب أو الوكلاء العامين الأُول. ولا يجوز أن يجلس في مجلس التأديب مَنْ طلب إقامة الدعوى التأديبية أو دعوى الصلاحية، أو شارك في أيهما بإجراء تحقيق أو فحص، أو بإبداء رأي، أو بإعداد التقرير المعروض".
وحيث إن مؤدى ذلك أن المشرع بمقتضى قانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 لسنة 1958 والقوانين المعدلة له، أفرد تنظيمًا متكاملا لمحاكمة أعضاء هيئة النيابة الإدارية -بجميع درجاتهم- تأديبيا، حدَّد فيه تشكيل مجلس التأديب، والعقوبات التي يجوز له توقيعها، ومن له سلطة إقامة الدعوى التأديبية، ومن له سلطة التحقيق، وكيفية إقامة هذه الدعوى، وغير ذلك من الضمانات التي تكفل محاكمة عادلة مُنصفة محايدة لعضو النيابة الإدارية، إذ عهد إلى مجلس تأديب يُشكَّل من رئيس هيئة النيابة الإدارية أو من يحل محله رئيسًا وعضوية أقدم ستة من النواب، يحل محل من يغيب منهم أو يوجد مانع لديه الأقدم فالأقدم من النواب أو الوكلاء العامين الأُول، عهد إليه ولايةَ تأديب أعضاء هيئة النيابة الإدارية بجميع درجاتهم، وحظر أن يجلس في هذا المجلس مَنْ طلب إقامة الدعوى التأديبية أو شارك فيها بإجراء تحقيق أو فحص أو بإبداء رأي أو بإعداد التقرير المعروض، وأوجب أن تُقام الدعوى التأديبية من وزير العدل بناءً على طلب رئيس هيئة النيابة الإدارية أو أحد نوابه، وأن يُقدم هذا الطلب بناءً على تحقيقٍ جنائي، أو تحقيقٍ إداري تُسمع فيه أقوال العضو، وأن تُرفع هذه الدعوى بصحيفةٍ تشتمل على التهمة الموجَّهة للعضو والأدلة المؤيِّدة لها، وأن تُعلن للعضو المحال للتأديب الذي له أن يحضر بشخصه أمام المجلس وأن يبدي دفاعه كتابة، أو ينيب في الدفاع عنه أحد أعضاء النيابة الإدارية، كما أوجب المشرع أن يتولى التحقيق الإداري عضو يندبه وزير العدل لهذا الغرض، على أن يكون سابقًا في ترتيب الأقدمية على العضو الذي يُجرى التحقيق معه، وبشرط ألا تقل وظيفته عن نائب رئيس بالنسبة للتحقيق مع نواب الرئيس، وعن وكيل عام أول بالنسبة للتحقيق مع الوكلاء العامين الأُول والوكلاء العامين، أما باقي الأعضاء فيتولى إجراء التحقيق معهم وكيل عام على الأقل من إدارة التفتيش الفني يندبه رئيس الهيئة.
وحيث إن المشرع لم يقرِّر ضمانات المحاكمة المنوَّه عنها عبثًا، ولم يفرضها اعتباطًا، بل قصدَ بها إحاطة عضو النيابة المحال للمحاكمة التأديبية بها وصولا لمحاكمة تأديبية عادلة ومُنصفة ومحايدة، يتمخض عنها حكمٌ لمجلس التأديب يُمثِّل عنوانًا للحقيقة، فإذا راعى مجلسُ التأديب هذه الضمانات واستخلص حكمَه استخلاصًا سائغًا من الأوراق، كان حكمُه مطابقًا لصحيح القانون بمنأى عن الإلغاء، أما إذا أهدر أية ضمانة من هذه الضمانات أو بنى حكمَه على غير الثابت من الأوراق، وقع حكمُه مخالفًا للقانون متعينَ الإلغاء.
وحيث إن الثابت من الأوراق، وبالقدر اللازم للفصل في الطعن الماثل، أنه بجلسة 27/10/2002 أصدر مجلسُ تأديب أعضاء هيئة النيابة الإدارية حكمَه محل الطعن بمعاقبة الطاعن بالعزل من وظيفته؛ استنادًا إلى ما أسند إليه من أنه بوصفه رئيسًا للنيابة الإدارية من الفئة (ب)، وخلال المدة من 1/1/1995 حتى 20/6/1995، خرج على مقتضى واجب وظيفته القضائية، ولم يحافظ على كرامتها، ولم يلتزم السلوك القويم بأن: (1) حرَّر شيكًا لا يقابله رصيدٌ قائم وقابل للسحب بتاريخ 1/1/1995 بمبلغ عشرة آلاف جنيه لمصلحة السيد/...، مسحوبًا على بنك الإسكندرية/ فرع السادات. (2) حرَّر شيكًا لا يقابله رصيدٌ قائم وقابل للسحب بتاريخ 30/3/1995 بمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه لمصلحة السيد/...، مسحوبًا على البنك المصري الخليجي/ فرع مصر الجديدة. (3) حرَّر شيكًا لا يقابله رصيدٌ قائم وقابل للسحب بتاريخ 20/6/1995 بمبلغ عشرين ألف جنيه لمصلحة السيد/...، مسحوبًا على بنك مصر/ فرع أشمون، ومتى كان الاتهامان الثاني والثالث -ودون نظر للاتهام الأول الذي سبق أن قضى مجلسُ التأديب ببراءته منه في الدعوى التأديبية رقم (1) لسنة 1998 التي عُوقِب فيها بالعزل، ثم صدر حكم هذه المحكمة في الطعن رقم 1383 لسنة 45ق. عليا بجلسة 12/8/2000 بإلغاء هذا القرار، وأُعيدت محاكمته إثر ذلك بالدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002 التي تمخض عنها القرار المطعون فيه- ثابتين بحق الطاعن الذي أقر صراحةً أنه حرَّر هذين الشيكين اللذين لا يقابلهما رصيدٌ قائم وقابل للسحب، وقد عُوقب بالحبس لمدة شهرين مع الإيقاف الشامل في القضية رقم 1139 لسنة 1996 جنح أشمون نظير تحريره شيكا بدون رصيد لمصلحة المواطن/...، ومن قبل عُوقب بالحبس لمدة سنة مع الشغل والإيقاف لمدة ثلاث سنوات نظير تحريره شيكًا بدون رصيد بمبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه لمصلحة السيد/...، ثم قُضِيَ استئنافيا بإلغاء هذا الحكم لإقامة الدعوى الجنائية بغير الطريق الذي رسمه القانون، وصدر عقب ذلك أمرٌ بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، بعد أن تصالح مع المجني عليه المذكور، وقد شهد مَنْ تحرر لمصلحتهما هذان الشيكان بتحقيقات النيابة العامة بأن الطاعنَ حرَّرهما لمصلحتهما دون أن يقابلهما رصيدٌ قائم وقابل للسحب، ومما لا شك فيه أن الإثم الذي اقترفه الطاعن والمخالفة التي تردى فيها تنطوي على مساسٍ خطير بكرامة وظيفته القضائية، وتُفقِدُه الثقةَ والاعتبار اللذين يجب أن يتحلى بهما كلُّ شاغلٍ للوظيفة العامة، فما بالك بشاغل الوظيفة القضائية الذي يجب أن يتحلى بأكبر قدر من الاستقامة والأخلاق الحميدة التي تنأى به عن الدنايا، وأن يتحلى بالأمانة والصدق والنزاهة التي لا يستقيم معها أن يُحرِّر شاغلها شيكات لا يقابلها رصيد، وهو يعلم -بحكم وظيفته- أن ذلك يُشكِّل جريمةً جنائية، وإذ أصدر مجلس التأديب قراره بعزل الطاعن من وظيفته بعدما وقر في يقينه واستقر في وجدانه اقترافُ الطاعن للمخالفات المسندة إليه، واستخلص ذلك استخلاصًا سائغًا من الأوراق التي تنطق جهرًا بذلك، وخلا قرارُه من الغلو في تقدير الجزاء، كما خلت الأوراق مما يفيد قيام أي عيب في تشكيل المجلس أو إهداره لأية ضمانة من الضمانات المقررة قانونًا، ومن ثم يغدو القرار المطعون فيه متفقًا وصحيح حكم القانون، قائمًا على سببه المشروع الذي يبرِّره قانونًا، ويضحى الطعن الماثل فاقدًا لسنده، متعينَ الرفض.
ولا يغير مما تقدم ما تمسك به الطاعن من أن الدعوى التأديبية التي تمخض عنها القرار المطعون فيه قد أقيمت بغير الطريق الذي رسمه القانون، لكون وزير العدل لم يُوَقَّعْ تقريرَ الاتهام؛ ذلك أن الثابت يقينًا من الأوراق أن الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002 التي حُوكِمَ فيها الطاعن وتمخض عنها القرار محل الطعن قد أقيمت بناءً على أمرٍ من وزير العدل، وليس هناك نصٌّ قانوني يُوجِبُ أن يكون تقريرُ الاتهامِ مُذيَّلا بتوقيع وزير العدل، وكل ما استلزمه القانون أن تُقام الدعوى من وزير العدل دون أن يتطلب لذلك شكلا معينًا، ومن ثم يكفي في هذا المقام أن يأمر وزير العدل بإقامتها، ثم تتولى هيئة النيابة الإدارية ما تبقى من إجراءات، خاصةً أن أمرَ وزيرِ العدل بإقامة الدعوى التأديبية لن يتأتى إلا بعد فحصٍ ودراسة للحالة القانونية للعضو المحال، والوقوف على جميع الجوانب القانونية والإجرائية والواقعية لها، على نحوٍ يغدو استلزام توقيعه تقرير الاتهام هو محض استغراق في إجراءاتٍ شكلية لا طائل منها.
كما أن التذرع بأن رئيس هيئة النيابة الإدارية سبق أن وافق على حفظ المخالفات المسندة إليه في الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002 حفظًا نهائيًا في غضون عام 1995، ومن ثم لا يسوغ من الناحية القانونية إعادةُ مساءلتِه عنها، مردودٌ بأن الأوراق تنطق جهرًا بأن إدارة التفتيش الفني بهيئة النيابة الإدارية شرعت في غضون عام 1995 في التحقيق فيما أسند إلى الطاعن في الفحوص أرقام 169 و180 و304 لسنة 1995 (المخالفات نفسها التي أسندت للطاعن في الدعوى التأديبية رقم 3 لسنة 2002)، بيد أنها لم تستكمل إجراءات التحقيق لصدور قرار رئيس الجمهورية رقم 291 لسنة 1995 في 13/9/1995 بنقل الطاعن إلى وظيفة غير قضائية، ومن ثم طلبت إدارة التفتيش الفني الوقوف بالإجراءات عند هذا الحد، ووافق على ذلك رئيس هيئة النيابة الإدارية في 22/10/1995، وبمناسبة عودته إلى وظيفته القضائية إثر صدور حكمٍ عن هذه المحكمة بإلغاء قرار نقله إلى وظيفة غير قضائية، أعيد التحقيق معه في المخالفات نفسها، ومن ثم فإن الإجراء الذي اتُّخِذَ لا يُعَدُّ من الناحية القانونية حفظًا للتحقيق يحول دون إعادة طرحه من جديد، خاصةً أن الوقوف بالإجراءات كان لأمرٍ عارض يتصل بنقل الطاعن إلى وظيفة غير قضائية، ولم يكن لأسبابٍ موضوعية تتصل بموضوع المخالفات المسندة إليه.
فضلا عن أن ما تمسك به الطاعن من أنه سبق أن قضى مجلسُ التأديب في الدعوى التأديبية رقم 1 لسنة 1998 ببراءته من التهمة الأولى المسندة إليه والمتصلة بتحريره شيكًا لا يقابله رصيدٌ لمصلحة السيد/...، ومن ثم لا تجوز مساءلتُه عنها لدى إعادة محاكمته إثر صدور حكمِ هذه المحكمة في الطعن رقم 1383 لسنة 45ق. عليا بإلغاء قرار مجلس التأديب الصادر في الدعوى رقم 1 لسنة 1998 بعزله من وظيفته القضائية، مردودٌ بأن المخالفتين الأخريين كافيتان لحمل القرار المطعون فيه على سببه دون نظر لهذه المخالفة.
كما أن القول بأن جريمة إصدار الشيك بدون رصيد لا تُعَدُّ مخلةً بالشرف في كل الأحوال، مردودٌ بأن مجلسَ التأديب لدى إصداره القرار الطعين لم يرتب أثر الحكم الجنائي الصادر بحق الطاعن إعمالا لنص المادة (94) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، والتي لا تطبق أحكامُها على أعضاء هيئة النيابة الإدارية، بل حاكمَهُ عن هذه المخالفة تأديبيا كجريمةٍ تأديبية مستقلة تمامًا عن الجريمةِ الجنائية، واستخلص -بِحق- بعدما استيقن من اقتراف الطاعن لهذه المخالفة، أنه لم يَعُدْ أهلا للثقة التي يوليها الناسُ رجالَ القضاءِ وأعضاءَ الهيئات القضائية، وأنزل به عقابًا مُتسِقًا ومُتناسبًا مع ما تردى فيه من مخالفات، وهو العزل من وظيفته القضائية.
وحيث إن الطعن مُعفى من الرسوم عملا بنص المادة (40 مكررًا -1) من قانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المبين سالفًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعًا.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 2288 لسنة : 49 قضائية ـ جلسة  22-3-2014)
موظف- تأديب- الطعن في أحكام المحاكم التأديبية- الرقابة التى تمارسها المحكمة الإدارية العليا على أحكام المحاكم التأديبية، ومجالس التأديب التي لا تخضع قراراتها وأحكامها لتصديق سلطة أعلى، هي رقابةٌ قانونية، لا تعني استئناف النظر في الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتًا ونفيًا، ولا تتدخل فيه المحكمة الإدارية العليا وتفرض رقابتها عليه، إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه القضاء المطعون فيه غير مستند إلى أصول ثابتة بالأوراق، أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 5233 لسنة : 58 قضائية ـ جلسة  1-2-2014)
موظف- تأديب- تقدير الجزاء التأديبي- اختلال التناسب بين المخالفة والجزاء هو وجه من أوجه عدم المشروعية- الغلو في تقدير الجزاء التأديبي يخرجه عن دائرة المشروعية.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 5233 لسنة : 58 قضائية ـ جلسة  1-2-2014)
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً لقيامه بتقديم مذكرة من القلم الجنائي بعدم وجود دفتر قيد يومية الجلسات رغم وجوده وعدم انتظام كل الجلسات به
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً بإنشاء أكثر من دفتر تقارير استئناف وذلك بالمخالفة للتعليمات
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً لقيامه بالتأشير في دفتر حصر التنفيذ ببيانات المعارضة بالاستئناف بطريقة تعوق المراجعة لهذه البيانات
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً لعدم ضمه مفردات قضايا مما عطل الفصل في هذه القضايا
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً لقيامه بالتأشير بإنهاء مدة حصر رغم تحصيل مبلغ أقل من المحكوم به وحصر قيمة الغرامة المحكوم بها بأقل مما حكم به
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً لعدم إدراجه بعض القضايا بالجلسات المحددة لها لنظرها أمام المحكمة وعدم عرض قضيتين للتصرف
الدعوى التأديبية - دعوى مسألة الموظف بالمحكمة تأديبياً لقيامه بعدم إرفاق قسائم السداد بالمخالفات الخاصة بها والإكتفاء بالتأشير بها في دفتر الحصر
- 1 - دعوى- دفوع في الدعوى- الدفع بعدم الدستورية- موطن البحث فيه- تبحث المحكمة هذا الدفع في نطاق ما تعلق به النص المطعون فيه، فيتعين بحثه إذا ما تعلق بالإجراءات في موقع بحث الإجراءات في الحكم، وإذا تعلق بالاختصاص تعين بحثه في موقع بحث الاختصاص، وإذا اتصل بالحقوق الموضوعية تعين بحثه عند الفصل في الحقوق الموضوعية- لا يجوز للمحكمة أن تتناول الفصل في الدفع بعدم الدستورية الذي يتصل بالحقوق الموضوعية في الدعوى قبل الفصل في شكل الدعوى، وإلا كان حكمها مخالفا للقانون.
- 2 - حقوق وحريات- مبدأ المساواة- أولى الدستور مبدأ المساواة مكانا عليًّا في نصوصه؛ باعتباره ركيزة أساسية للحقوق والحريات، يستهدف المحافظة على الحقوق والحريات في مواجهة جميع صور التمييز التي قد تنال منها أو تحد من ممارستها، وكأساس ضروري لضمان الحماية المتكافئة بين أصحاب المراكز القانونية المتماثلة، وبما يملى وحدة القاعدة القانونية الواجبة التطبيق عليهم، وإلا كانت مخالفة للدستور.
- 3 - موظف- تأديب- لا يجوز أن يتضمن النظام التأديبي عبارة "لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة" في نطاق جواز معاقبة الموظف عما يسند إليه- هذه العبارة عبارة غامضة؛ لتعدد الدلالات التي تفيدها، وبما لا يمكن معه الوقوف على حقيقة المقصود منها، بما يفتح المجال واسعا للتأويل، خاصة إذا خلا النظام التأديبي من ضوابط تطبيقها، بأن لم يرد به تعريف للأسباب الجدية المتعلقة بالمصلحة العامة، ولا معايير لتحديد هذه الأسباب أو تعلقها بالمصلحة العامة أو طبيعة هذه الأسباب.
- 4 - هيئة الشرطة- شئون الضباط- تأديبهم- شبهة عدم الدستورية في نظام الإحالة إلى الاحتياط- وضع المشرع في قانون هيئة الشرطة نظامين لمواجهة المخالفات التي يرتكبها الضابط: (أحدهما) تأديبه لمعاقبته عن المخالفات التي تنسب إليه من خلال محاكمته تأديبيا، و(ثانيهما) نظام الإحالة إلى الاحتياط ثم المعاش- هذا النظام وإن كان يشترك مع النظام التأديبي في أنه يواجه وقائع ومخالفات تنسب إلى الضابط، إلا أنه يعد في الحقيقة نوعا من أنواع الجزاء يتم بغير النظام التأديبي الوارد في القانون، وبغير اتباع إجراءاته، فهو نظام جزائي استثنائي؛ لذلك اختصه المشرع بضوابطَ وشروطٍ خاصةٍ يجب توفرها حتى يسوغ لجهة الإدارة أن تترك نظام التأديب (وهو الأصل) إلى نظام الاحتياط الذي قد ينتهي بالإحالة على المعاش (وهو الاستثناء)- تَحُوطُ هذا النظام شبهة عدم الدستورية فيما قرره من جواز إحالة الضابط إلى الاحتياط لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة؛ وذلك لما يلي:
 (أولا) إخلاله بالمساواة بين شاغلي رتبة (لواء) ومن دونهم،
 (ثانيا) تترتب آثار جسيمة على الإحالة إلى الاحتياط، دون أن يُكفل لمن يُتَّخذُ هذا الإجراء في مواجهته حق الدفاع عن نفسه.
 (ثالثا) يتم الأمر برمته من جانب الجهة الإدارية بإِجراء تتخذه من تلقاء نفسها، دون أية رقابة سابقة من أية جهة خارجها، ودون وجود أية ضمانة لصدوره بناء على تحقيق موضوعي، في حين يتمتع بضمانة التحقيق والمواجهة والمحاكمة من تنسب له أفعال أقل جسامة.
 (رابعا) نظام الإحالة إلى الاحتياط لا يعدو أن يكون وقفا عن العمل كجزاء تأديبي بغير الضمانات المقررة لمن يوقف عن العمل، وبما يستتبعه فصلا بغير الطريق التأديبي بتسمية تخفي حقيقته والمقصود منه.
 (خامسا) يتناقض هذا النظام مع مبدأ خضوع الدولة للقانون، بما ينطوي عليه من تقرير جزاء تأديبي بهذه الخطورة بناء على عبارة متسعة ومتعددة الدلالات "لأسباب جدية تتعلق بالمصلحة العامة".
 (سادسا) يتعارض تشريع الإحالة إلى الاحتياط مع حق العمل المنصوص عليه في الدستور.
ترتيبًا على ذلك: حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبوقف الفصل في موضوعه، وإحالة أوراق الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية الفقرة الثانية من المادة (67) من قانون هيئة الشرطة .
- المواد أرقام (12) و(14) و(92) من دستور 2014.
- المادة رقم (129) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
- المواد أرقام (67/2) و(68) و(69) من قانون هيئة الشرطة، الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971.
- المواد أرقام (25) و(29) و(30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 سنة 1979.
 ( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 41410 لسنة : 56 قضائية ـ جلسة  23-3-2014)
جامعات- أعضاء هيئة التدريس- عميد الكلية- إقالته من منصبه- حدَّد قانون تنظيم الجامعات نظامًا لتنحية القيادات الإدارية، يختلف عن نظام تأديب أعضاء هيئة التدريس في الإجراءات والشروط والضمانات المقررة- ينفرد كلُّ نظامٍ منهما بأحكامِه الخاصة، فلا يجوزُ الخلطُ بينهما- ما يأتيه عميد الكلية من مخالفاتٍ قد يكون سببًا للسير ضده في أحد السبيلين أو كليهما- ما قد يكون سببًا في تنحية العميد عن منصبه قد لا يصلح لاتخاذ إجراء تأديبي ضده- تطلب المشرع استيفاء إجراءين سابقين على قرار الإقالة: (الأول) التحقيق معه على الوجه الذي بينه القانون، و(الثاني) عرض الأمر على مجلس الجامعة لاتخاذ ما يراه- لا محل لتعليق صدور قرار الإقالة على صدور حكم عن مجلس التأديب- قرار الإقالة قد يكون سابقًا أو معاصرًا أو لاحقًا على صدور قرار مجلس التأديب، كما يجوز أن يصدر دون وجود إجراءات تأديبية من الأساس.
- المواد أرقام (43) و(44) و(95) و(105) و(110) من قانون تنظيم الجامعات، الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 49 لسنة 1972، معدَّلا بموجب القانونين رقمي 54 لسنة 1973 و142 لسنة 1994.
 ( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 13776 لسنة : 56 قضائية ـ جلسة  20-4-2014)
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 27826 لسنة : 58 قضائية ـ جلسة  20-4-2014)
- 1 - تأديب- المسئولية التأديبية- قوامها- المسئولية التأديبية مسئولية شخصية شأنها شأن المسئولية الجنائية، قوامها إتيان الموظف فعلا إيجابيا أو سلبيا يشكل إخلالا بواجبات وظيفته أو خروجا على مقتضياتها- المخالفات التأديبية ليس لها تحديد تشريعي- يقصد بالإخلال بالواجبات الوظيفية: مخالفة الموظف لأحكام القوانين واللوائح أو التعليمات الإدارية، ويقصد الإخلال بمقتضياتها: أن يطأ الموظف مواطن الزلل وتحوم حوله الشبهات بما تضيع معه الثقة التي لا بد من توفرها في الوظيفة العامة والموظف العام معا- تقوم مسئولية الموظف التأديبية عما يرتكبه من مخالفات حتى لو كانت في حياته الخاصة، مادام لها تأثير في حياته الوظيفية وسمعته وكرامته الوظيفية.
- 2 - تأديب- المسئولية التأديبية- مدى جواز مساءلة الموظف تأديبيا عن فعل ارتكبه قبل تعيينه- الخطأ التأديبي لا يعتد به إلا من تاريخ التحاق الموظف بالوظيفة العامة؛ بحسبان أن التأديب يستند إلى المركز الوظيفي للموظف، فلا تقبل منطقيا مساءلته قبل اكتسابه صفة الموظف العام، إلى جانب اعتبارات العدالة التي تقضي بعدم جواز رجعية الجزاءات التأديبية، حيث لا يجوز توقيع جزاء عن خطأ وقع من الموظف قبل التحاقه بالوظيفة العامة، غير أن الأفعال السابقة على التحاقه بها يمكن أن تكون محل اعتبار في فتح باب المساءلة التأديبية له متى كانت هذه الأفعال لا تتلاءم بطبيعتها مع مباشرة الوظيفة- مثال ذلك: أن تقوم الجهة الإدارية بتعيين شخص في وظيفة، ثم تكتشف إخفاءه بعض البيانات التي كان من شأنها التأثير في صلاحيته لشغل هذه الوظيفة، بحيث لو كانت قد علمت بها سلفا لما أقدمت على تعيينه، فالغش يفسد كل شيء- يجب أن تتوفر الثقة والصدق في كل ما يقدمه الإنسان الطبيعي من بيانات، فلا يجوز له أن يلجأ إلى الوسائل غير المشروعة بغية تعيينه في الوظيفة العامة.
- 3 - تأديب- المسئولية التأديبية- سلطة المحكمة التأديبية في إثبات أو نفي مسئولية الموظف التأديبية- لمحكمة الموضوع سلطة تقديرية في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة لتكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الإثبات، دون حاجة إلى الرد استقلالا على الأدلة التي لم تعول عليها، مادام حكمها يرتكز على أسباب كافية لحمله، فحسْبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تذكر دليلها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، مادام أن قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال أو الشهادات التي تم طرحها جانبا، ولم تعول عليها في قضائها.
 
 ( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 21638 لسنة : 59 قضائية ـ جلسة  13-12-2014 )