البحث الثاني ، الفصل
الثاني



نشأة الدساتير و مسارها


معنــــى
الدستور
:


لم يرد في قواميس اللغة العربية القديمة
معنى واضح لكلمة الدستور ، لذلك حاول بعض فقهاء القانون الدستوري
إرجاعها الى
الاصل الفارسي ، ومعلوم ان اللغة العربية قد تأثرت سلبا وايجابا في
مراحل مابعد نشر
الدعوة الاسلامية في اصقاع الارض وتفاعلها مع الثقافات الاخرى
الامر الذي يفسر
لنا دخول الكثير من المصطلحات الى هذه اللغة واستقرارها على اساس
انها ترمز لمفهوم
معين ومن هذه المصطلحات ما يعرف بالدستور .



والمعنى
المرادف لكلمة
الدستور في اللغة العربية ( الاساس او القاعدة )
كما يمكن ان تعني الاذن والترخيص
.


ويقابل
كلمة الدستور في
اللغة العربية اصطلاحا ( القانون الاساسي )


اما
في اللغة الفرنسية
واللغات المشتقة منها تعني كلمة دستور (constitution ) تعني
التأسيس او التكوين .



فالدستور
بهذا المعني ومن
الناحية اللغوية ، هو مجموعة القواعد التي تحدد الاسس
العامة لطريقة تكوين الجماعة
وتنظيمها . وطبقا لذلك ، يمكن تصور وجود دستور في كل
جماعة بشرية منظمة ، كالاسرة
والقبيلة والحزب السياسي وكذلك يوجد وبصورة مستقرة في كل
دولة حاليا على اساس ان
الدولة هي من اكبر التنظيمات استقرارا واهمها ولها
القدرة على تفعيل دور الجماعات
الاقل حجما منها وتوجيه برامج التنمية ورفع القيمة
الانسانية للافراد والجماعات
المنضوية تحت لوائها لو احسن بناء هياكلها .


اما
من الناحية الاصطلاحية
: فكلمة الدستور تعني مجموعة القواعد القانونية المنظمة
لممارسة السلطة ومصادرها
والعلاقة بين القابضين عليها والاشخاص المعنوية
والطبيعية العاملين تحت امرتها .
وكذلك القواعد المتعلقة بالضمانات الاساسية للحقوق
والحريات العامة في المجتمع



او هو : مجموعة القواعد القانونية التي تبين وضع
الدولة و تنظم السلطات فيها من حيث التكوين و الاختصاص و تحديد العلاقة بينها
بالإضافة إلى تقرير ما للفرد من حقوق وواجبات .



كان فلاسفة اليونان
أول من تناول مصطلح الدستور بالمدلول السياسي ، و كان أبرزهم هو (أرسطو ) ، وإذا
كانت بداية استخدام مصطلح الدستور كمفهوم سياسي قد بدأت في اليونان القديمة، إلا
أن الاستخدام الحديث والمعاصر لهذا المصطلح قد ارتبط بنظريات العقد الاجتماعي
والتطور الديمقراطي الذي بدأ في أوروبا.



إن الدستور كمفهوم
سياسي قانوني قد تطور عبر العديد من المراحل ، وتبعا لنتيجة الصراع في كل مرحلة
وصولا إلى مرحلة الدستور الديمقراطي ، فقد أدى هذا إلى تبلور مجموعة من التقاليد
الدستورية الأصلية التي صارت تحكم العمل السياسي في الدول الغربية، خاصة وأن هذه
التقاليد نابعة من واقع خبرة هذه المجتمعات ، الأمر الذي أدى إلى توفير الإطار
الملائم للتطور الدستوري المستمر في هذه البلدان .






أسس و مبادئ
الدستور الديمقراطي



لابد أن يحتوي الدستور على جملة من المبادئ يجري
تفصيلها على نحو يلزم المشرع العادي بالتقيد بها من جهة، و أن تجد هذه المبادئ
طريقها للتطبيق الكامل والنزيه من جهة أخرى، ومن أهم خصائص الدستور الديمقراطي
والتي تبلورت عبر سنوات طويلة من الصراع بين أنصار إطلاق السلطة وأنصار تقييدها هي
:



أ - لا سيادة لفرد
أو لقلة على الشعب :



قديما كانت السيادة
تعنى الحق المطلق في الأمر دون قيد أو منازع و نشأ هذا المفهوم للسيادة في ظروف
خاصة في أوربا و فرنسا على وجه الخصوص ، ألا انه في الممارسات الدستورية الديمقراطية
المعاصرة ليس هناك حق مطلق غير منازع وغير مقيد يعطى لصاحبه الحق في إصدار الأوامر
، حتى الشعب لا يملك هذا الحق المطلق غير المقيد ، وإنما يمارس الشعب سلطاته بموجب
أحكام الدستور وكل دستور ديمقراطي معاصر مقيد بحقوق وحريات عامة لا يجوز مسها
وشرائع وعقائد يجب مراعاتها .



إن وضع هذا المبدأ
موضع التطبيق يتطلب ضرورة انتخاب أعضاء (البرلمان ) ، المناط بهم مهمة التشريع في
ظل قيود الدستور ، بمعنى ألا تخالف التشريعات التي يضعونها أحكام ونصوص الدستور
،كما يتطلب ضرورة انتخاب المسؤولين عن السلطة التنفيذية المناط بهم دستوريا
السيطرة على قرارات الحكومة وسياساتها، والقيام بمساءلة السلطة التنفيذية عن أداء
مهامها وفقا لاختصاصاتها الدستورية .



ب - مبدأ سيادة
القانون :



و يعني إن القانون
هو أعلى سلطة في الدولة و لا يعلو عليه أحد ، إن تطبيق هذا المبدأ على ارض الواقع
هو ما تتميز به الحكومة الدستورية الديمقراطية و من أجل تطبيق هذا المبدأ لابد من
وجود ضمانات لاحترامه ، وتتمثل هذه الضمانات في وجود جزاء على مخالفة أحكام هذا
المبدأ وأفضل أداة لتحقيق ذلك هي وجود هيئة قضائية تتوافر فيها ضمانات الاستقلال
والنزاهة والكفاية وتكون مهمتها إلغاء القرارات المخالفة للقانون .



وأبرز مظاهر هذا
المبدأ هو ( مبدأ سمو الدستور)، ، أي انه لا يوجد أي نص أعلى من الدستور أو يساويه
في المرتبة ، ومن ثم لا يجوز مخالفة أحكامه ، لذا يُطلق على الدستور مصطلح القانون
الأساسي، أو قانون القوانين، تمييزاً له عن بقية التشريعات (القوانين والأنظمة)، و
لكون الدستور أعلى مرتبة من القوانين فقد نشأ : مبدأ سمو الدستور، والحقيقة أن
القوانين هي الأخرى سامية ولكن بالنسبة للأنظمة فقط، ولذلك انحصر السمو على
الدستور فحسب لأنه هو الذي يحدد معاييراً وقيماً للنظامين القانوني والسياسي في
الدولة.



وينطوي سمو الدستور
على سمو موضوعي وآخر شكلي:



ويتحقق السمو
الموضوعي بالدستور لأنه يتضمن قواعد بشأن شكل الدولة ونظام الحكم فيها، والسلطات
الثلاث ( التشريعية و التنفيذية و القضائية )، أي كيفية ممارسة السلطة ومصدرها،
والعلاقة بين الحكام والمحكومين، إضافة إلى حقوق وحريات الأفراد.



أما السمو الشكلي
فإنه يتضمن شكل وإجراءات وضع القواعد الدستورية، وهي طريقة أصعب من طريقة وضع
قواعد القوانين العادية، وكذلك قواعد وطرق تعديل الدستور.



ويترتب على هذا
المبدأ ، نتيجتين هامتين :



1 - دعم مبدأ
المشروعية القانونية ، من خلال أيجاد مرجعية دستورية تنبثق عنها القوانين وتقيد
سلطة المشرع في إصدار القوانين .



2 - التأكيد على إن
الدستور يبين الاختصاصات وأنه على جميع سلطات الدولة أن تراعى اختصاصاتها
الدستورية ، فلا تخرج عن إطار اختصاصاتها .



جـ - الفصل بين
السلطات الثلاث وتحقيق التوازن فيما بينها :



الدستور الديمقراطي
يقوم على عدم تركيز السلطة في هيئة واحدة ، وإنما يقوم على توزيع السلطات وتحقيق
التوازن بين السلطات الثلاث( التشريعية والتنفيذية والقضائية) ، بما يؤدى إلى عدم
انفراد أي مؤسسة من مؤسسات النظام السياسي بالسلطة ، و في نفس الوقت يحقق التعاون
المطلوب بينها لتسيير العمل السياسي،



د - ضمان الحقوق
والحريات العامة :



يتمثل هذا البعد
للدستور الديمقراطي في توفير الضمانات اللازمة لممارسة الحقوق والحريات العامة ،
وهو بعد مكمل لخصائص الدستور الديمقراطي ، ويعبر عن مميزاته ، ومن ثم فالدستور
الديمقراطي يهتم بتوفير هذه الضمانات قدر عنايته بتحديد اختصاصات السلطات وضبط
تصرف الحكام .



هـ - تداول السلطة
سلمياً :



وهو مبدأ أساسي من
مبادئ الدستور الديمقراطي ، فتداول السلطة بين القوى السياسية الشرعية ، أي
المعترف بها قانونيا ، يجب أن يكون وفقا لنتائج الاقتراع العام ، وما يسفر عنه
انتخابات ديمقراطية ، وعلى أحكام الدستور الديمقراطي أن توجد المؤسسات وتخلق
الآليات اللازمة لذلك .



يقع الدستور في قمة الهرم القانوني للدولة، وتحتاج
إليه كل دولة قانونية، إذ هو يحدد طبيعة الدولة (هل هي بسيطة أم اتحادية)،و شكل نظام
الحكم فيها، كما يحدد علمها وعاصمتها ولغتها وعقيدتها الفكرية والسياسية، والمسألة
الثانية التي ينظمها الدستور هي السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية من
حيث تشكيلاتها واختصاصاتها، وطبيعة العلاقة الدستورية فيما بينها، و يُنظم الدستور
الحقوق والحريات السياسية والمدنية سواء على صعيد الفرد أو مؤسسات المجتمع المدني
،وكلما تضمن الدستور في نصوصه على مبادئ حقوق الإنسان كان أكثر ديمقراطياً ، و
الأهم من ذلك تطبيق هذه ! النصوص ، فالنصوص التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ تعد
نصوصاً معطلة .



إن هناك معيارين لتعريف الدستور، المعيار الشكلي
وهو يعتمد بصفة أساسية على الشكل الخارجي للدستور أو الجهة التي أصدرته ،فالدستور
هو مجموعة من القواعد القانونية التي لا يمكن أن توضع أو تعدل إلا بعد إتباع
إجراءات خاصة تختلف عن إجراءات وضع وتعديل القانون العادي. والمعيار الموضوعي الذي
يعتمد على مضمون القاعدة أو موضوعها ، ففي ظل المعيار الموضوعي يقصد بالدستور
مجموعة القواعد القانونية التي تنظم مزاولة السلطة السياسية في الدولة فتنظم شكل
الدولة الخارجي والسلطات المختلفة فيها ووظيفة كل منها والعلاقات فيما بينهما، كما
أنها تبين ما يفترض أن تقوم به الحكومة وما لا ينبغي أن تقوم به من ناحية أخرى.






أنواع الدساتير


1 - الدساتير
المكتوبة والدساتير غير المكتوبة



أ - الدستور
المكتوب :
يكون الدستور مكتوباً إذا كان صادراً عن الجهة المختصة بذلك على شكل
نصوص تشريعية رسمية ، قد تكون في وثيقة رسمية واحدة( وثيقة الدستور) أو عدة وثائق
دستورية مكتوبة ، و اتخذت الإجراءات و الأشكال الخاصة التي تختلف عن الإجراءات و
الأشكال التي تصدر بها القوانين العادية .



ب - الدستور غير
المكتوب :
وهو الذي تتكون قواعده نتيجة العادة و التكرار في الشؤون التي تتعلق
بنظام الحكم و العلاقة بين السلطات ،فهو عبارة عن قواعد عرفية استمر العمل بها
لسنوات طويلة حتى أصبحت بمثابة القانون الملزم و يطلق بعض الفقهاء على الدستور غير
المكتوب اصطلاح(الدستور العرفي) ، نظرا لأن العرف يعتبر المصدر الرئيسي لقواعده ،و
تكون الدساتير عرفية عندما تستند إلى العرف ولا تضمها وثيقة خاصة ، والعرف هو تصرف
مادي وسلوك معين تقوم به مؤسسات الدولة أو بعض هذه المؤسسات ولا يحصل اعتراض على
هذا السلوك بوصفها تتميز بوصف قانوني . وهذا يعني إن للعرف ركنين : الركن المادي
والمتمثل بالسلوك . والركن المعنوي المتمثل بحصول الرضا عن هذا السلوك بوصفه
قانونا مل زما.



من الناحية
التاريخية فإن الدساتير غير المكتوبة أسبق من الدساتير المكتوبة ،إلا أنه بعد
انتشار حركة التدوين تقلصت الدساتير غير المكتوبة و أصبحت الدساتير المكتوبة هي
الغالبة ،و لم يبقى من الدساتير العرفية في الوقت الحاضر سوى الدستور الإنجليزي.
لقد ظهرت أول الدساتير المكتوبة في القرن الثامن عشر ، حيث أخذت بها الولايات
الأمريكية التي بدأت تضع دساتيرها ابتداء من سنة 1771 بعد استقلالها عن إنجلترا ،
و عندما كونت هذه الولايات تعاهداً فيما بينها صدر دستور الدول المتعاهدة عام
1781، وبازدياد الروابط بينها تحولت إلى نظام الدولة الاتحادية، وظهر الدستور
الاتحادي سنة 1787 وهو الساري الآن في الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن ادخل
عليه الكثير من التعديلات ، وأخذت الدول الأخرى فكرة الدساتير المكتوبة من
الولايات المتحدة ، فلما قامت الثورة الفرنسية اعتنق رجالها هذه الفكرة ، وكان أول
دستور لهم دستورا مكتوبا وهو دستور سنة 1791 و تأخذ فرنسا بالدساتير المكتوبة منذ
ذلك الوقت، و انتشرت فكرة الدساتير المكتوبة إلى كل بلاد العالم من أمريكا و فرنسا
، بحيث أصبحت الدساتير المكتوبة هي القاعدة العامة و الدساتير غير المكتوبة (
العرفية ) هي الاستثناء.



إن تقسيم الدساتير
إلى مكتوبة و عرفية هو تقسيم نسبي و غير مطلق ، فالدول التي تأخذ بالدستور العرفي
قد أوجدت إلى جانبه وثائق مكتوبة ، كما هو الحال في إنجلترا حيث يحكمها دستور عرفي
تكونت قواعده بالعادة والسوابق الدستورية المتكررة ، و إلى جانب الدستور العرفي
فإنها تأخذ بعدد من الوثائق المكتوبة ، كالعهد الأعظم الصادر سنة 1215 ووثيقة
ملتمس الحقوق الصادرة سنة 1629 ، ووثيقة إعلان الحقوق الصادرة سنة 1688 ، و وثيقة
الانضمام بين إنجلترا و ايرلندا سنة 1800 ، و وثيقة البرلمان سنة 1911 و وثيقة
تنظيم الوصاية على العرش سنة 1937. و بالعكس فإن الدول التي تأخذ بالدستور المكتوب
لا تنكر إن للقواعد العرفية دوراً إلى جانب الوثائق الدستورية المكتوبة.



إن التمييز بين
الدساتير المكتوبة والدساتير غير المكتوبة يقوم على أساس العنصر الغالب أو الأعم ،
حيث يرى بعض فقهاء القانون الدستوري إن الدستور يعتبر مكتوباً إذا كان في اغلبه
صادر في شكل وثيقة أو عدة وثائق رسمية من المشرع الدستوري ، ويعتبر غير مكتوب إذا
كان في أغلبه مستمدا من العرف والقضاء أي من غير طريق التشريع .
و هناك خلاف بين فقهاء القانون الدستوري حول مسألة أي النوعين أفضل، الدساتير
العرفية أم الدساتير المكتوبة ، حيث يرى بعض الفقهاء بأن النوع الأول أفضل على
أساس إنها تتسم بالمرونة و عدم التعقيد على عكس الدساتير المكتوبة والتي تتسم
بالجمود ، في حين يرى البعض الآخر بأن الدساتير المكتوبة أفضل ، لأنها:
- تؤدي إلى ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم كونها تتسم بالوضوح و الدقة والتحديد و
سهولة الإطلاع عليها ومعرفة ما تحتويها من نصوص منظمة لنظام الحكم وللحقوق
والحريات مما يسهّل على أفراد الشعب معرفة ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات ،
على عكس القواعد العرفية التي يشوبها الغموض وعدم التحديد.
- يمكن وضع القواعد الدستورية في وقت قصير بالمقارنة بالقواعد العرفية التي تستغرق
وقتاً أطول حتى يتم تكوينها.
- يتجاوب الدستور المكتوب مع المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في
الدولة .
2 - الدساتير المرنة والدساتير الجامدة


أ - الدساتير
المرنة:
هي التي يمكن تعديلها بنفس الإجراءات التي يتم بها تعديل القوانين
العادية أي تكون الجهة المناط بها سلطة التعديل أو الإلغاء هي السلطة التشريعية
وفقاً لأحكام الدستور ، و تعتبر الدساتير العرفية دساتير مرنة وأبرز مثال لها هو
الدستور الإنجليزي ، إذ إن سلطة التعديل ممنوحة للبرلمان حيث يستطيع أن يعدل
الدستور بالطريقة التي يعدل بها أي قانون عادي آخر ، كما يمكن أن تتسم الدساتير
المكتوبة بالمرونة إذا لم تشترط إجراءات معقدة لتعديلها ، مثل دستور إيطاليا لسنة
1848 و دستور الاتحاد السوفيتي السابق لسنة 1918.
ب - الدساتير الجامدة: هي الدساتير التي لا تعدل أو تلغى بنفس
الإجراءات التي تعدل بها القوانين العادية ، بل يستلزم تعديلها إجراءات أشد من تلك
التي تم بها تعديل القوانين العادية ، ويهدف واضعو الدستور الجامد إلى كفالة نوع
من الثبات لأحكامه وذلك باشتراط إجراءات خاصة تجعل تعديل الدستور صعباً ، و يتلاءم
الجمود مع طبيعة الدساتير باعتبارها أعلى مرتبة بين القوانين العادية، إذ يجب إلا
تتساوى إجراءات تعديلها مع إجراءات تعديل هذه القوانين، بل يجب أن تكون أصعب و أشد
منها، و يتميز الدستور الجامد بالثبات و الاستقرار ، وتحقيق الاحترام للدستور سواء
لدى أفراد الشعب أو الهيئات الحاكمة ، و من أمثلة الدساتير الجامدة هو دستور
أمريكا سنة 1787 و الدساتير الفرنسية و المصرية 1923 - 1956 - 1971 .



إن معظم الدساتير
النافذة في الوقت الحاضر هي دساتير جامدة بالنظر لاختلاف إجراءات تعديلها عن
إجراءات تعديل القوانين العادية ، حيث تشترط إجراءات صعبة لغرض تعديل الدستور ، و
يتراوح جمود الدستور بين حظر تعديل الدستور ، و بين جواز التعديل بشروط خاصة أو
مشددة ، فبالنسبة لحظر تعديل الدستور فإن واضعي الدساتير المحظور تعديلها لا
يوردون فيها عادة نصا بالحظر المطلق من كل قيد ، بل يلجأ ون إلى نوعين من الحظر ،
الحظر الزمني حيث يتم تحديد فترة زمنية كافية لتثبيت أحكام الدستور قبل السماح
باقتراح تعديلها، أو الحظر ا لموضوعي وذلك لحماية أحكام معينة في الدستور بطريقة
تحول دون تعديلها أصلا، حيث يتقرر هذا الحظر بالنسبة لأحكام معينة في الدستور
تعتبر جوهرية وخاصة ما يتعلق منها بنظام الحكم المقرر، و من أمثلة الدساتير التي
أخذت بالحظر الموضوعي هو دستور البرتغال لسنة 1991 الذي يحظر تعديل شكل الحكومة
الجمهورية .
أما بالنسبة لجواز التعديل بشروط خاصة ، فإن الدساتير تختلف اختلافا كبيراً فيما
تورده من أحكام بشأن كيفية تعديلها
3 - الدساتير
المفصّلة والدساتير الموجزة



إن أغلب دساتير
العالم هي مفصّلة ، و قد تكون بعض الدساتير موجزة كما هو الحال في الدستور
الأمريكي ، و النوع الأول من الدساتير هي الأفضل لأنها لا تحتاج إلى كثرة التعديل،
كما أنها تنظم الأمور الدستورية تنظيماً واضحاً وصريحاً.



4 - الدساتير
الدائمة والدساتير المؤقتة



الأصل في الدساتير
أن تكون دائمة ، غير أنه يمكن أن تكون هناك ضرورة لإصدار دستور مؤقت ، كما هو
الحال عند حدوث ثورة أو انقلاب أو أن يحدث تغيير سياسي في إحدى الدول ، فقد يحدث
أن يصدر الحكام الجدد الذين قبضوا على السلطة إعلان دستوري مؤقت يسري تطبيقه إلى
أن يتم وضع دستور دائم من قبل الهيئة المخولة بذلك، ثم إقراره من قبل الشعب في استفتاء
عام، وهدف ذل ك هو تحقيق نوع من الضبط لأداء وممارسة السلطة القائمة ، ويعتبر هذا
الترتيب جزء من ترتيبات المرحلة الانتقالية ، غير أن بعض الأنظمة وخاصة
الدكتاتورية التي تخضع إلى دستور مؤقت تبقي على دستورها المؤقت ولا تحترم ما وعدت
به في أول يوم وصلت فيه إلى السلطة بوضع دستور دائم في أقرب وقت ممكن، وهذا كان
حال الحكم الدكتاتوري البائد منذ أن استولى على الحكم و حتى سقوطه في 9/4/2003 ،
ويمر العراق الآن بمرحلة كتابة مسودة الدستور الدائم ، وطبقاً لأحكام المادة
الواحدة و الستون من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، فإن على
الجمعية الوطنية كتابة المسودة للدستور الدائم و عرضها على الشعب العراقي للموافقة
عليه باستفتاء عام .



أساليب نشأة الدساتير


لقد مرت عملية نشأة الدساتير بعدة مراحل:


المرحلة الأولى حيث كان الملوك ينفردون بسلطة وضع
وتأسيس الدستور وهو ما يطلق عليه أسلوب المنحة ، المرحلة الثانية وهى المرحلة التي
تبرز فيها جهود الشعب عن طريق هيئات تعمل باسمه لحمل الملوك على الاعتراف بحق
الشعب في المشاركة في هذه السلطة وهو ما يعرف بأسلوب العقد ، المرحلة الثالثة وهى
مرحلة انفراد الشعب بسلطة وضع الدستور وهو أسلوب الجمعية التأسيسية ، والذي قد أدى
إلى ظهور أسلوب الاستفتاء الدستوري ( الاستفتاء الشعبي )، و في الحالات التي لا
يباشر فيها الشعب بنفسه السلطة التأسيسية بل يوكلها إلى هيئة أو لجنة مختصة تضع
مشروع الدستور ، فإنه لا يتحول إلى دستور إلا بعد موافقة الشعب عليه في الاستفتاء
العام .
و تتباين أساليب نشأة الدساتير في الدول حسب ظروف النظام السياسي القائم ونوع
الحكم السائد في الدولة ودرجة النضج السياسي لدى الرأي العام فيها ، و يلعب
الأسلوب الذي يتبع في وضع الدستور دوراً هاما في كشف المذهب السياسي الذي ينطوي
عليه ، و يجمع فقهاء القانون الدستوري على أن أساليب نشأة الدساتير تصنف إلى نوعين
رئيسيين هما الأساليب غير الديمقراطية و الأساليب الديمقراطية ، و تعبر الأساليب
غير الديمقراطية عن غلبة إرادة الحاكم على إرادة الشعب أو على الأقل اشتراك
الإرادتين في وضع الدستور، و الأساليب غير الديمقراطية هي:
1 – أسلوب المنحة :


في بداية نشأة الدول كان الحكام ( ملوكاً أو أمراء
) ينفردون وحدهم بتملك وممارسة السلطة ، وكانوا يقومون من جانبهم بإصدار الدساتير
،لذلك أطلق على هذا الأسلوب لوضع الدستور ( أسلوب المنحة) ، حيث يصدر الدستور
بإرادة الحاكم صاحب السلطان والسيادة ، دون أن يشاركه أحد في هذا الإصدار، و يأتي
الدستور في هذه الحالة من الأعلى ، أي ينزل من الحاكم على الشعب ، فالحاكم يوافق
على التضحية بجزء من سيادته أو يوافق على تنظيم طريقة مزاولته لها، مثال ذلك
الدستور الذي أصدره الملك لويس الثامن عشر ملك فرنسا في يونيو 1814 و دستور
اليابان 1889 الذي منحه الإمبراطور للشعب .



إن هذا الأسلوب هو أسلوب قديم لوضع الدساتير و قد
عفى عليه الزمن واندثر تماما،ً لما فيه من عيوب و ما توجه إليه من انتقادات، أهمها
، إنه يعطي للحاكم حق إلغاء ما أصدره ومنحه لشعبه من دستور ، لاعتقاده القوي بأن
من يملك المنح يملك المنع ، كما أنه دليل على عدم تقدم الديمقراطية . ومع تقدم
الديمقراطية في العصر الحديث فقد تراجع الأخذ بهذا الأسلوب في إصدار الدساتير ،
حيث اندثرت في الوقت الحاضر جميع الدساتير الصادرة بها الأسلوب باستثناء دستور
إمارة موناكو 1911.



و يمكن القول بأن الدستور المؤقت الذي تصدره حكومة
معينة يعتبر من قبيل المنحة ، فقد يحدث أن يصدر إعلان دستوري مؤقت يسري تطبيقه إلى
أن يتم وضع دستور دائم من قبل الهيئة المخولة بذلك، ثم إقراره من قبل الشعب في
استفتاء عام، وهدف ذلك هو تحقيق نوع من الضبط لأداء وممارسة السلطة القائمة،
ويعتبر هذا الترتيب جزء من ترتيبات مرحلة انتقالية.



2 – أسلوب العقد :


وهي الطريقة الثانية من الطرق التي اندثرت و عفى
عليها الزمن في وضع الدساتير ، حيث ينشأ الدستور في هذه الحالة بناء على اتفاق بين
الحاكم والشعب واشتراك إرادتهما على قبول الدستور ، فالشعب يدخل في الأمر كطرف
أصيل في هذا العقد، ويترتب على هذه الطريقة عدم استطاعة أي منهما( الحاكم أو الشعب
) إلغاء الدستور أو سحبه أو تعديله إلا بناء على اتفاق الطرفين ، وبذلك يضمن الشعب
عدم إقدام الحاكم على إلغائه أو تعديله، فالدستور هو نتيجة لاتفاق إرادتين في صورة
عقد، و وفقاً للقاعدة القانونية - العقد شريعة المتعاقدين - فلا يجوز نقضه أو
إلغاؤه أو تعديله إلا بإرادة طرفيه.



وهذه الطريقة تفترض حدوث نوع من أنواع التطور على
طريق التقدم الديمقراطي حيث يمثل هذا الأسلوب خطوة إلى الأمام في الطريق نحو
الحرية والديمقراطية ، إلا أنه لا يعتبر أسلوبا ديمقراطيا، وهذا الأسلوب فرضته
الظروف الجديدة التي ظهرت بعد فترة من نضال الشعوب من أجل الحقوق والحريات العامة،
وكسر شوكة الحكم المطلق و محاربة استبداد السلطة المطلقة المتمثلة في استبداد الملوك
والأمراء وقادة الانقلابات العسكرية . ومن الدساتير التي وضعت حسب هذه الطريقة هو
دستور دولة الكويت سنة 1962 وكذلك دستور دولة البحرين سنة 1973.
وتوجه إلى طريقة العقد عدة انتقادات أهمها هو، إن الملك يعد في هذه الحالة مساويا
للشعب مع أنه لا يقتسم معه حق السيادة ، وطالما إن السيادة للشعب ، فلا يكون له أن
يشترك معه في إبرام عقد يحدد اختصاصاته واختصاصات ممثلي الشعب .



الأساليب الديمقراطية لنشأة الدساتير


1 - أسلوب الجمعية التأسيسية :


تعد هذه الطريقة من الأساليب الديمقراطية لخلق
الدساتير ،حيث تعد أكثر ديموقراطية من الطريقتين السابقتين ،كما يمثل م رحلة أكثر
تقدماً في نضال الشعوب ضد الحاكم المطلق ، ويصدر الدستور وفقاً لهذه الطريقة من
الجمعية التأسيسية ، أو كما يطلق عليها اسم الجمعية النيابية التأسيسية ، والتي
تنتخب بصفة خاصة من الشعب و يعهد إليها مهمة وضع و إصدار دستور جديد يصبح واجب
النفاذ ، حيث يتاح للشعب فرصة انتخاب ممثليه ليقوموا بمهمة وضع الدستور ، وأول من
أخذ بهذه الطريقة هي الولايات المتحدة الأمريكية بعد استقلالها عن بريطانيا سنة
1776 كما اتخذته أمريكا أسلوباً في وضع وإقرار دساتير الولايات و دستورها
الاتحادي، و اعتمد رجال الثورة الفرنسية على هذا الأسلوب ،و اتبع هذا الأسلوب في
وضع معظم الدساتير التي ظهرت عقب الحرب العالمية الأولى و الحرب العالمية الثانية
،مثال على ذلك ( فرنسا في دستور 1948) .



2 - أسلوب الاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء الدستوري
:



في هذه الحالة يصدر الدستور مباشرة من الشعب ،و
تعد أكثر الطرق ديموقراطية ، حيث يتم تحضير مشروع الدستور بواسطة جمعية نيابية
منتخبة من الشعب أو بواسطة لجنة حكومية أو بواسطة الحاكم نفسه ثم يعرض على الشعب
في استفتاء عام لأخذ رأى الشعب في مشروع الدستور ولا يصبح الدستور نافذا إلا بعد
موافقة الشعب عليه.
ومن الدساتير التي وضعت حسب هذه الطريقة دستور الجمهورية الفرنسية الرابعة دستور
1946، والدستور المصري لعام 1956 والدائم لعام 1971 .



عملية تعديل الدستور


يمكن أن تمر عملية
تعديل الدستور بأربع مراحل أساسية هي :



- اقتراح التعديل:
قد يتقرر حق اقتراح تعديل الدستور للحكومة وحدها أو للبرلمان وحده أو لكليهما معا،
أو لكل من البرلمان والشعب.



- تقرير مبدأ التعديل: يمنح البرلمان عادة سلطة
تقرير ما إذا كانت هناك ضرورة لتعديل الدستور من عدمها ، على اعتبار إن البرلمان
يمثل الشعب وهو بهذه الصفة أكثر السلطات صلاحية لتقرير مدى ضرورة التعديل ، و
تتطلب بعض الدساتير موافقة الشعب على إقرار مبدأ التعديل ، بالإضافة إلى موافقة
البرلمان.



- إعداد التعديل : إن بعض الدساتير تشترط انتخاب
هيئة خاصة توكل إليها مهمة التعديل، إلا أن معظم الدساتير تعطي البرلمان هذه
المهمة حسب شروط خاصة من أهمها اجتماع البرلمان في شكل مؤتمر أو اشتراط نصاب خاص
لصحة جل سات البرلمان أو في التصويت لصحة القرارات الصادرة منه أو في كليهما معا.
- الإقرار النهائي للتعديل : إن معظم الدساتير تجعل نفس الهيئة التي توليها اختصاص
إعداد التعديل الدستوري مختصة أيضا بإقراره نهائيا وهذه الهيئة تكون هيئة تنتخب
خصيصا لأداء المهمة الموكولة إليها، مع تطلب شروط خاصة فيه. و تعطي بعض الدساتير
سلطة إقرار التعديل للشعب عن طريق الاستفتاء الدستوري .



التعديل الدستوري في الجزائر :


عرفت الجزائر 4 عمليات مراجعة للدساتير ، فقد تم
وقف العمل بدستور 1963 ، كما تم تعديل دستور 1976 ثلال مرات 1979 و 1980 و 1988 ،
قبل أن يوضع دستور جديد للبلاد عام 1989 الذي تمت مراجعته في 1996 و عرف هذا الأخير
تعديل ، و اغلب الفقهاء يقولون أن المراجعة ليست تعديل وإنما إلغاء .



إجراءات التعديل :


- المبادرة بالتعديل : تم إناطة حق
المبادرة بالتعديل إلى رئيس الجمهورية فقط في دستور 1976 و دستور 1989 ، وبرئيس
الجمهورية و البرلمان معا في دستور 1963 . أما في دستور 1996 فلرئيس الجمهورية حق
المبادرة بالتعديل الدستوري م 174 ، وكذلك ل ثلاث أرباع أعضاء غرفتي البرلمان
المجتمعتين معا أن يبادروا باقتراح التعديل على رئيس الجمهورية الذي يمكنه عرضه
على الاستفتاء الشعبي .م 177 .



- إقرار التعديل : يكون بطريق
مختلفة :



*إما عن طريق البرلمان لكن وفق إجراءات خاصة و
بنسبة تصويت معينة تختلف عن نسبة المصادقة على القوانين العادية ، ونجد ذلك في نص
المادة 176 "
إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع اي تعديل دستوري لا يمس
البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن
وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية،
وعلل رايه، أمكن لرئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري
مباشرة دون ان يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة ارباع (4/3) أصوات أعضاء
غرفتي البرلمان " .



* او عن طريق الاستفتاء الشعبي أي أن مشروع
التعديل يعرض على الشعب للمصادقة عليه حتى يصبح نافذا و تناولت هذا المادة 174
فيقوم رئيس الجمهورية بإصداره خلال 50 يوم
الموالية لإقراره .



في الأخير نجد أن عملية تنظيم المراجعة الدستورية بعيد
عن الشعب صاحب السيادة حتى ولو أن نص المادة 7 تقول ان السلطة التأسيسية ملك للشعب
" ، لكن أحكام المراجعة الدستورية لا تعكس ذلك بحيث انه لم تدرج ضمن أسلوب
المراجعة الدستورية ممارسة حق الاقتراح الشعبي المعمول به في الأنظمة الديمقراطية
شبه المباشرة ، وبالتالي فالشعب مستبعد تماما من حق القيام بتعديل الدستور .



نهاية الدساتير


لا نقصد بنهاية الدستور نهاية بعض نصوصه أي الإنهاء
الجزئي لهذه النصوص عن طريق تعديلها ، ولكننا نقصد التعديل الشامل او الإنهاء
الكلي للوثيقة الدستورية . و يحدث الإنهاء عندما يتضح عجز ما يتضمنه من مبادئ و أحكام
عن مسايرة التطورات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية في المجتمع ، بحيث لا تكفي
التعديلات بل يلزم وضع دستور جديد



الطريق العادي لإنهاء الدساتير : يعني الإعلان عن إلغائه
و توقف العمل به في هدوء و بغير عنف ، واستبداله بدستور جديد يتلاءم مع التطورات
السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للبلاد .



و انتهاء حياة الدستور بالإلغاء يختلف بحسب ما إذا
كان الدستور عرفيا أو مكتوبا . لان تعديل الدستور العرفي سواء تعديل جزئي أو كلي
لا يمثل صعوبة فقد يتم إما عن طريق إنشاء قواعد عرفية جديدة تتوافر لها أركان
العرف المادي و المعنوي ، وإما بإصدار دستور مكتوب يلغي الدستور العرفي و يحل محله
، أما الدساتير المكتوبة فقد تكون جامدة أو مرنة . ولا توجد عقبات في سبيل تعديل
الدستور المرن لانها تعدل بنفس الطريقة التي تعدل بها القوانين العادية . اما
الدستور الجامد فيتم الالغاء فيه بوضع دستور جديد يحل محل القديم باحد اساليب نشاة
الدساتير السابق دراستها .



الطريق الغير عادي لإنهاء الدساتير : المقصود بالطريق
الثوري لإنهاء الدساتير إسقاطها و القضاء عليها و إيقاف العمل بها في أعقاب اندلاع
ثورة أو وقوع انقلاب .



يميز بعض الفقه الدستوري بين الثورة و الانقلاب من
حيث الهيئة التي تقوم بالنشاط الثوري فالثورة تصدر عن الشعب و تنبع منه أما
الانقلاب فيصدر عن السلطة الحاكمة أو طائفة معينة . و الراجح فقها أن الفارق
الجوهري إنما يكمن في الهدف الذي ابتغاه مصدر الحركة فإذا كان الهدف من الحركة
تغيير النظام السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي السائد في الدولة و إحلال نظام جديد
محله غدت الحركة ثورة . أما إذا كان الهدف من الحركة هو تغيير الحكومة القائمة
بطريق العنف و إحلال حكومة جديدة محلها دون تغيير النظام القانوني السائد في
الدولة غدت هذه الحركة انقلابا . و على هذا النحو تهدف الثورة إلى إقامة نظام
سياسي و اجتماعي و اقتصادي جديد على أنقاض النظام القديم بينما يهدف الانقلاب إلى
استبدال حاكم بآخر و تغيير الأوضاع السياسية فقط .