حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص بالتحكيم العمالى
القضية رقم 9 لسنة 1 قضائية - المحكمة الدستورية العليا "تنازع"

باسم الشعب ؛
المحكمة الدستورية العليا ؛
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 5 من ديسمبر سنة 1981 .
برئاسة السيد المستشار / أحمد ممدوح عطية --- رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : فاروق سيف النصر وكمال سلامة عبدالله ود. فتحي
عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ ومصطفى جميل مرسى وممدوح

مصطفى حسن ---أعضاء

وحضور السيد المستشار/ محمد كمال محفوظ --- المفوض .

وحضور السيد / أحمد على فضل الله أمين السر

أصدرت الحكم الآتى ؛

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 9 لسنة 1 قضائية
"تنازع".
المقامة من ---
ضد ---
"الإجراءات"

بتاريخ 25/5/1978 أودع المدعيان بصفتهما صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة
طالبين الاعتداد بحكم محكمة استئناف القاهرة رقم 456 لسنة 94 ق دون حكم
هيئة التحكيم رقم 1363 لسنة 1977.

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأي بالاعتداد
بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة .

حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم .
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية.

وحيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن
اللجنة النقابية للعاملين بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية كانت قد
أقامت الدعوى رقم 768 لسنة 1976 عمال كلى جنوب القاهرة ضد الشركة طالبة
الحكم بعدم جواز استقطاع ضريبتي الدفاع والأمن القومي من مرتبات العاملين
بها اعتباراً من 1/7/1971 وحتى انتهاء تكليفهم بالمصانع الحربية ورد ما
استقطع من هذه المرتبات.

وبتاريخ 31/1/1977 قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنفت اللجنة النقابية هذا
الحكم بتاريخ 10/3/1977 وقيد استئنافها برقم 456 لسنة 94 قضائية القاهرة ،
وتقدمت بعد ذلك فى 7/6/1977 بطلب التحكيم رقم 363 لسنة 1977 ضد الشركة
ومصلحة الضرائب للحكم لها بذات الطلبات فقضت لها هيئة التحكيم بجلسة
9/11/1977 بطلباتها، ثم قضى بتاريخ 11/2/1978 فى الاستئناف المرفوع من
اللجنة النقابية برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

وإذ رأت مصلحة الضرائب والشركة أن الحكم الصادر من هيئة التحكيم يتناقض مع
حكم محكمة استئناف القاهرة فقد أقاما الدعوى الماثلة بطلب الاعتداد بالحكم
الصادر من محكمة الاستئناف.

وقدمت اللجنة النقابية المدعى عليها مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
تأسيساً على أنه يتعين فى حالة النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين
متناقضين أن يكون الحكمان قابلين للتنفيذ ، ولا يتصور ذلك إذا قضى أحدهما
برفض الدعوى، بالإضافة إلى أن الدعويين تختلفان من حيث طبيعة كل منهما
وأطرافها إذ أن الدعوى التى نظرت أمام القضاء العادي من الدعاوى الفردية
وقد أقامتها النقابة بصفتها نائبة أو وكيلة عن أعضائها، فى حين أن النزاع
الذى طرح على التحكيم يعتبر من قبيل المنازعات الجماعية إذ رفعته بصفتها
شخصية معنوية مستقلة.

وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين
متناقضين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- هو أن يكون أحد الحكمين
صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة
أخرى منها وأن يكون الحكمان قد حسما النزاع وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما
معاً.

ولما كان الثابت من الأوراق أن الحكمين موضوع الطلب الماثل قد صدر أحدهما
من محكمة استئناف القاهرة والآخر من هيئة التحكيم وفصلا فى دعويين أقامتهما
اللجنة النقابية للعاملين بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية كشخص
اعتباري ينفرد بشخصية مستقلة عن العمال الذين ينتمون إليها ، وكان هذان
الحكمان قد حسما النزاع القائم بين أطراف الدعويين وتناقضاً بأن رفض أحد
الحكمين طلبات اللجنة النقابية بينما قضى لها الحكم الثاني بذات الطلبات ،
وهو ما يتعذر نتيجة له تنفيذ الحكمين معاً لأن تنفيذ أحدهما لا يتأتى الا
بإهدار حجية الحكم الآخر، فانه يتعين اطراح ما أثارته اللجنة المدعى
عليها فى هذا الشأن. لما كان ذلك وكانت الفقرة الأخيرة من المادة 60 من
قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 60 لسنة
1971 - قبل إلغائها بالقانون رقم 26 لسنة 1981 - قد نصت على أنه "...ويجوز
لهيئات التحكيم أن تنظر أيضاً فى المنازعات التى تقع بين شركات القطاع
العام وبين الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية وطنيين كانوا أو أجانب
إذا قبل هؤلاء الأشخاص بعد وقوع النزاع إحالته على التحكيم"، وكانت اللجنة
النقابية للعاملين بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية قد أقامت دعواها فى
أول الأمر أمام القضاء العادي -على ما سلف بيانه- وعزفت عن استعمال
الرخصة التى كانت تجيزها لها الفقرة الأخيرة من المادة 60 المشار إليها ،
ثم استمرت فى مباشرة دعواها هذه حتى صدر الحكم ابتدائياً برفضها فقامت
باستئنافه ، فانه لا يقبل منها من بعد أن تلجأ إلى طريق التحكيم - وهو
طريق اختياري نزلت عنه - وأن تجمع بذلك بينه وبين مباشرة دعواها أمام
القضاء العادي صاحب الولاية العامة، وبالتالي يكون الحكم الصادر من هيئة
التحكيم قد صدر من جهة انتفت ولايتها بالفصل فى هذا النزاع.

لما كان ما تقدم وكانت هذه المحكمة وهى فى مجال الفصل فى النزاع الذى يقوم
بشأن تنفيذ حكمين متناقضين ، إنما تفاضل بينهما أساساً طبقاً لقواعد
الاختصاص بحيث تعتد بالحكم الصادر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى
الدعوى،فإنه يتعين الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة دون
الحكم الصادر من هيئة التحكيم.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بالاعتداد بحكم محكمة استئناف القاهرة بتاريخ 11 فبراير سنه
1978 فى الاستئناف رقم 456 لسنة 94 قضائية فيما قضى به من تأييد الحكم
المستأنف الصادر فى الدعوى رقم 768 لسنة 1976 عمال كلى جنوب القاهرة برفض
دعوى اللجنة النقابية للعاملين بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية دون حكم
هيئة التحكيم رقم 1363 لسنة 1977 الصادر بجلسة 9 نوفمبر سنة 1977.
أمين السر رئيس المحكمة