باسم الشعـــــــــــب


المحكمةالدستورية
العليا



بالجلسة
العلنية
المنعقدة يوم السبت 6 يناير سنة 2001 الموافق 11
شوال
سنة 1421 ه برئاسة السيد المستشار / محمد ولي
الدين جلال رئيس المحكمة



وعضويةالسادة
المستشارين
:حمدي محمد علي وعبد
الرحمن
نصير
والدكتور
عبد المجيد فياض
وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور



وحضور
السيد
المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين



وحضور
السيد

/
ناصر أمام محمد حسن أمين السر


أصدرت الحكم الآتي


في القضية المقيدة بجدول المحكمةالدستورية
العليا برقم 65
لسنة 18 قضائية ( دستورية )



المقامة من


: السيد / عبدالحي
محمد صالح



ضـــــــــــــد :


1- السيد رئيس مجلس الوزراء 2- السيد وزيرالمالية
3- السيد رئيس مصلحة
الضرائب على المبيعات



الإجراءات :


بتاريخ العشرين منيونيو
سنة 1996 أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة طالبا الحكم بعدم
دستورية
المادتين 17 , 35 , من قانون الضريبة العامة
على المبيعات بالقانون رقم 11
لسنة
1991 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها
الحكم برفض الدعوى وبعد تحضير
الدعوى
أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها ونظرت
الدعوى على النحو المبين بمحضر
الجلسة
وقررت المحكمة أصدار الحكم فيها بجلسة اليوم



المحكمـــــــــــــــــة


بعدالأطلاع
على الأوراق والمداولة حيث أن الوقائع - على
ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر
الأوراق
- تتحصل في أن المدعي قد
أقام الدعوى رقم 1488 لسنة
1994
أمام محكمة
المنصورة الأبتدائية ضد
المدعى عليهما الثاني والثالث
طالبا الحكم ببراءة ذمته من
مبلغ
5268 جنيها الذي قدرته مصلحة الضرائب على
المبيعات جزافيا عن أنتاج مصنع الطوب
الذي
يملكه وذلك في الفترة من 1/4/1993 حتى 30/9/1993
قولا منه بأنه يقوم بسداد
الضريبة
المستحقة عليه شهريا وفقا لأنتاجه الفعلي من
تاريخ العمل بقانون تلك
الضريبة
وأنه تظلم من هذا التقدير ألا أن تظلمه رفض



وبتاريخ
26/1/1995 قضت تلك
المحكمة بعدم قبول الدعوى
لرفعها بغير الطريق الذي
حددته المادة 17 من القانون رقم
11 لسنة 1991 فطعن المدعي على
ذلك الحكم بالأستئناف رقم
834 لسنة 47 قضائية
المنصورة
وأثناء نظره دفع بعدم دستورية المادتين 17 ,
35 من قانون الضريبة العامة
على
المبيعات



وأذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له
برفع
الدعوى الدستورية
فقد أقام الدعوى الماثلة


وحيث
أن المادة 11 من قانون الضريبة العامة على
المبيعات
الصادر
بالقانون
رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن ( للمصلحة تعديل الأقرار المنصوص عليه
في
المادة السابقة ويخطر
المسجل بذلك بخطاب موصى عليه مصحوبا بعلم الوصول خلال ستين
يوما
من تاريخ تسليمه الأقرار
للمصلحة وللمسجل أن يتظلم لرئيس المصلحة خلال ثلاثين
يوما
من تاريخ تسليم الأخطار
فأذا رفض التظلم أو لم يبت فيه خلال خمسة عشر يوما
فلصاحب
الشأن أن يطلب أحالة
النزاع الى التحكيم المنصوص عليه في هذا القانون خلال
الخمسة
عشر يوما التالية وفي
جميع الأحوال يجوز مد هذه المدد بقرار من الوزير
ويعتبر
تقدير المصلحة نهائيا أذا لم يقدم التظلم أو
يطلب أحالة النزاع للتحكيم خلال
المواعيد
المشار أليها كما تنص المادة 35 من ذلك
القانون على أنه ( أذا قام نزاع مع
المصلحة
حول قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو
كميتها أو مقدار الضريبة المستحقة
عليها
وطلب صاحب الشأن أحالة النزاع الى التحكيم في
المواعيد المقررة وفقا للمادة
(17) من
هذا القانون فعلى رئيس المصلحة أو من ينيبه خلال
الخمسة عشر يوما التالية
لتاريخ
أخطاره بطلب التحكيم أم يحيل النزاع كمرحلة
أبتدائية للتحكيم الى حكمين تعين
المصلحة
أحدهما ويعين صاحب الشأن الآخر وفي حالة
أتفاق الحكمين يكون رأيهما نهائيا
فأذا
لم تتم المرحلة السابقة بسبب عدم تعيين صاحب
الشأن للحكم أو أذا أختلف الحكمان
المنصوص
عليهما في الفقرة السابقة رفع النزاع الى
لجنة مؤلفة من مفوض دائم يعينه
الوزير
رئيسا وعضوية كل من ممثل عن المصلحة يختاره
رئيسها وصاحب الشأن أو من يمثله
ومندوب
عن التنظيم المهني أو الحرفي أو الغرفة التي
ينتمي أليها المسجل يختاره رئيس
هذه
الهيئة ومندوب عن هيئة الرقابة الصناعية يختاره
رئيسها وتصدراللجنة قرارها
بأغلبية
الأصوات بعد أن تستمع الى الحكمين عند توافر
المرحلة الأبتدائية ومن ترى
الأستعانة
بهم من الخبراء والفنيين ويعلن قرار اللجنة
الى كل من صاحب الشأن
والمصلحة
خلال خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره بكتاب
موصى عليه مصحوب بعلم الوصول
ويكون
القرار الصادر من اللجنة واجب النفاذويشتمل على
بيان من يتحمل نفقات التحكيم
ويحدد
الوزير أجراءات التحكيم بالمراعاه للقواعد
المنصوص عليها في قانون المرافعات
كما
يحدد نفقاته وعدد اللجان ومراكزها ودوائر
اختصاصها والمكافآت التي صرف لأعضائها



وحيث
أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول
الدعوى الدستورية - مناطها ان
يكون
ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في
الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون
الحكم
في المسألة الدستورية مؤثرا في الطلبات
الموضوعية المرتبطة بها المطروحة على
محكمة
الموضوع



لما
كان ذلك وكان فصل محكمة الموضوع في النزاع المردد
بين المدعي
ومصلحة
الضرائب يتوقف على الفصل في دستورية نظام
التحكيم المنصوص عليه في قانون
الضريبة
العامة على المبيعات فأن نطاق هذه الدعوى
ينحصر فيما تضمنته المادة 17 من
ذلك
القانون من تخويل صاحب الشأن - أذا رفض تظلمه أو
لم يبت فيه - الحق في طلب
أحالة
النزاع الى التحكيم وألا أعتبر تقدير المصلحة
نهائيا وكذلك في نص المادة 35
منه
اشتمل على الأحكام المنظمة لذلك التحكيم وحيث أم
المدعي ينعي على النصين
المطعون
فيهما - محددين نطاقا على النحو المتقدم -
أنهما قد جعلا اللجوء الى
التحكيم
أجباريا على خلاف الأصل فيه وحالا بذلك دون
خضوع قرارات تقدير الضريبة
لرقابة
القضاء بما يخل بحق التقاضي المنصوص عليه في
المادة 68 من الدستور وحيث أن
الدستور
قد كفل لكل مواطن - بنص مادته الثامنة
والستين - حق الألتجاء الى قاضيه
الطبيعي
مخولا أياه بذلك أن يسعى بدعواه الى قاض يكون
بالنظر الى طبيعتها وعلى ضوء
مختلف
العناصر التي لابستها مهيئا دون غيره للفصل
فيها كذلك فأن لحق التقاضي غاية
نهائية
توخاها تمثلها الترضية القضائية التي يناضل
المتقاضون من أجل الحصول عليها
لجبر
الأضرار التي أصابتهم من جراء العدوان على
الحقوق التي يطلبونها فأذا أرهقها
المشرع
بقيود تعسر الحصول عليها أو تحول دونها كان
ذلك أخلالا بالحماية التي كفلها
الدستور
لهذا الحق وأنكارا لحقائق العدل في جوهر
ملامحها



وحيث
أن قضاء هذه المحكمة
مطرد
على أن الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين
طرفين محكم يعين بأختيارهما أو
بتفويض
منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا
المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون
نائيا
عن شبهة الممالأة مجردا من التحامل وقاطعا
لدابر الخصومة في جوانبها التي
أحالها
الطرفان أليه بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره
تفصيلا من خلال ضمانات
التقاضي
الرئيسية ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم
أجباريا يذعن أليه الطرفين أنفاذا
لقاعدة
قانونية آمرة لا يجوز الأتفاق على خلافها وذلك
سواء كان موضوع التحكيم نزاعا
قائما
أو محتملا ذلك أن التحكيم مصدره الأتفاق أذ
يحدد طرفاه - وفقا لأحكامه - نطاق
الحدود
المتنازع عليها بينهما أو المسائل الخلافية
التي ممكن أن تعرض لهما وأليه
ترتد
السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون عند البت
فيها ويلتزم المحتكمون بالنزول
على
القرار الصادر فيه وتنفيذه تنفيذا كاملا وفقا
لفحواه ليؤول التحكيم الى وسيلة
فنية
لها طبيعة قضائية غايتها الفصل في نزاع مبناه
علاقة محل أهتمام من وركيزته
أتفاق
خاص يستمد المحكمون منه سلطاتهم ولا يتولون
مهامهم بالتالي بأسناد من الدولة
وبهذه
المثابة فأن التحكيم يعتبر نظاما بديلا عن
القضاء فلا يجتمعان ذلك أن مقتضى
الأتفاق
عليه عزل المحاكم جميعها عن نظر المسائل التي
انصب عليها استثناء من أصل
خضوعها
لولايتها ومؤدى ما تقدم جميعه أنه أذا ما فرض
المشرع التحكيم قسرا بقاعدة
قانونية
آمرة فأن ذلك يعد انتهاكا لحق التقاضي الذي
كفله الدستور



وحيث
أن
البين من
أستقراء المادة 17 الطعينة
أنه متى اخطرت مصلحة
الضرائب على المبيعات المسجل بتعديل
الأقرار
المقدم منه بخطاب موصى عليه مصحوبا بعلم
الوصول خلال ستين يوما من تسلمها
الأقرار
فأن الأمر لايخرج عن أحدى حالتين فأما أن
يقبل المسجل - صراحة أو ضمنا - ما
أجرته
المصلحة من تعديل وأما أن يتقدم - خلال الميعاد
المحدد - متظلما منه - فأن
رفضت
المصلحة تظلمه أو لم تبت فيه كان عليه أن اراد
المضي في المنازعة في التعديل
الذي
أجرته المصلحة أن يطلب أحالة الأمر الي التحكيم
وألا صار تقدير المصلحة نهائيا
ثم
تناولت المادة 35 تنظيم التحكيم وجعلته على
مرحلتين أولاهما ابتدائية تعين فيها
المصلحة
محكما ويعين صاحب الشأن المحكم الآخر فأن لم
يعينه أو أختلف الحكمان رفع
النزاع
الى لجنة يستأثر وزير المالية بتحديد أجراءات
التحكيم أمامها يرأسها مفوض
دائم
يعينه الوزير وتضم صاحب الشأن أو من يمثله
وممثلا عن المصلحة ومندوبا عن
التنظيم
المهني أو الحرفي أو الغرفة التي ينتمي اليها
المسجل يختاره رئيس هذه الجهة
ومندوبا
عن هيئة الرقابة الصناعية يختاره رئيسها
وتصدر هذه اللجنة قرارها بالأغلبية
ويعلن
لكل من المصلحة وصاحب الشأن ويكون واجب النفاذ
مشتملا علة تحديد من يتحمل
نفقات
التحكيم ولازم ذلك كله أن المسجل أذا تلمس
طريقا الى المنازعة في مقدار
الضريبة
أو قيمة السلعة أو الخدمة أو نوعها أو كميتها
فليس أمامه سوى طلب أحالة
النزاع
الى التحكيم وألا كان تقدير المصلحة ـ مهما
شابه من عسف أو مبالغة ـ ملزما
له
ونافذا في حقه ولا ينال من النتيجة المتقدمة قالة
أن هذا التحكيم لا يمنع صاحب
الشأن
من أن يعزف عنه ويلجأ بظلامته من ذلك التقدير
مباشرة الى المحكمة أو أن
يختاره
ثم يطعن على قرار اللجنة أمام القضاء لأن الأصل
في النصوص القانونية ألا
تحمل
على غير مقاصدها وألا تفسر عباراتها بما يخرجها
عن معناها ويفصلها عن سياقها
أو
يحرفها عما اتجهت أليه أرادة المشرع متى كان
اصطلاح ( التحكيم ) أنما يقصد به
نظام
للفصل في منازعات معينة يكون مانعا من ولوج طريق
التقاضي أمام المحاكم بشأنها
وكان
قانون الضريبة العامة على المبيعات قد أورد النص
على التحكيم وما يرتبط به من
أجراءات
في المواد 17 , 35 , 36 , منه فأن أرادة
المشرع تكون قد انصرفت بيقين أنشاء
نظام
التحكيم ـ بديلا عن القضاء ـ في منازعات أنفرد
وحده بتعيينها وتحديد كيفية
تشكيل
اللجان التي تفصل فيها وبيان الأجراءات التي
تتبعها مع أن التحكيم لا يكون
ألا
وليد لأرادة طرفيه



وحيث
أنه متى كان ما تقدم فأن المادتين الطعينتين
تكونان قد
فرضتا
التحكيم قهرا على أصحاب الشأن وخلعتا قوة
تنفيذية على القرارات التي تصدرها
لجان
التحكيم في حقهم عند وقوع الخلاف بينهم وبين
مصلحة الضرائب على المبيعات وبهذه
المثابة
فأن هذا النوع من التحكيم ـ الذي يبسط مظلته
على جل منازعات هذه الضريبة ـ
يكون
منافيا للأصل فيه باعتبار أن التحكيم لا يتولد
ألا عن الأرادة الحرة ولا يجوز
أجراؤه
تسلطا وكرها بما مؤداه أن أختصاص جهة التحكيم
التي أنشأها قانون الضريبة
العامةعلى
المبيعات ـ بالمادتين الطعينتين ـ لنظر المنازعات
التي أدخلها جبرا في
ولايتها
يكون منتحلا ومنطويا بالضرورة على اخلال بحق
التقاضي بحرمان المتداعين من
اللجوء
الى قاضيهم الطبيعي بالمخالفة للمادة 68 من
الدستور ومنعدما بالتالي من
زاوية
دستورية



وحيث أن المادة 36 من قانون الضريبة العامة على
المبيعات
المشار أليه
ترتبط ارتباطا لا يقبل
التجزئة بالمادتين 17 , 35 ,
منه فأنها تسقط لزوما تبعا
للحكم
بعدم دستوريتهما أذ لا يتصور وجودها بدون هذين
النصين



فلهذه الأسباب


حكمتالمحكمة : أولا : بعدم دستورية نص
المادة 17 من قانون
الضريبة العامة على المبيعات
الصادر
بالقانون 11 لسنة 1991 فيما تضمنه من أن لصاحب الشأن أن يطلب
أحالة
النزاع
الى التحكيم المنصوص عليه في هذا
القانون أذا رفض تظلمه أو لم يبت فيه
وألا اعتبر
تقدير
المصلحة نهائيا



ثانياا : بعدم دستورية نص المادة
35
من ذلك القانون



ثالثا : بسقوط نص المادة 36 من القانون المشار أليه
رابعا : بألزام الحكومة
المصروفات
ومبلغ
مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماه