قضيةرقم84 لسنة28 قضائية المحكمةالدستورية العليا "دستورية"
نص الحكم------------------
باسمالشعبالمحكمة
الدستورية العليا

بالجلسة
العلنية المنعقـدة
يوم الأحد 4 من نوفمبر سـنة 2007 م ، الموافق 23 من
شوال
سنة 1428 هـ .
برئاسة السيد المستشار /ماهر
عبد الواحد `
رئيس
المحكمة
وعضوية السـادة المستشاريـن :
ماهر البحيرى ومحمد
على سيف الدين وعدلـى محمـود منصـور وماهـر سامـى يوسـف ومحمـد خيـرى
طـه
والدكتور عادل عمر شريف .
وحضور السيد المستشار / رجب عبد
الحكيم
سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد
حسن أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة
الدستورية
العليا برقم 84 لسنة 28 قضائية " دستورية " .
المقامة من
شركة مصر للغزل
والنسيج بالمحلة
الكبرى
ضـــــد
1 ـ
السيد رئيس الجمهورية
2 ـ السيد رئيس مجلس الشعب
3 ـ السيد رئيس
مجلس الوزراء
4 ـ السيد وزير العدل
5 ـ السيد نقيب
نقابة مصممى
الفنون التطبيقية
بصفته الممثل القانونى للنقابة


الإجــراءات
بتاريخ 20 مايو سنة 2006 أودع
المدعى
بصفته
صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية
نص البندين ( ج ، هـ ) من المادة (45) من القانون رقم 84
لسنة 1976 بشأن
نقابة مصممى الفنون التطبيقية .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة
طلبت
فيها الحكم برفض الدعوى .
كما قدمت نقابة مصممى الفنون
التطبيقية
مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة
المفوضين
تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين
بمحضر الجلسة ،
وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمــة
بعد
الاطلاع على
الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع ـ على ما يتبين
من
صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ـ تتحصل فى أن نقابة مصممى الفنون
التطبيقية
كانت قد أقامت الدعوى رقم 590 لسنة 99 مدنى كلى أمام محكمة طنطا
الابتدائية
مأمورية المحلة الكبرى ، ضد الشركة المدعية بطلب الحكم بندب
خبير لحساب قيمة الدمغة
المستحقة للنقابة على منتجات الشركة وعلى كافة
عقود البيع وأوامر التوريد ، عن
مدة أربع سنوات سابقة على رفع الدعوى ،
وذلك على سند من التزام الشركة بسـداد قيمة
هذه الدمغة طبقـاً لنص
البندين ( ج ، هـ ) من المادة (45) من القانون رقم 84
لسنة 1976 المشار
إليه ، وأثناء نظر الدعوى أضافت النقابة طلباً جديداً بإلزام
الشركة
بدفع مبلغ أربعة ملايين وخمسمائة وخمسين ألفاً وأربعمائة وتسعة وخمسين
جنيهاً
، والذى انتهى إليه تقرير اللجنة الثلاثية المنتدبة فى الدعوى بتاريخ
23/5/2003
، وبجلسة 30/1/2005 قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تؤدى للنقابة مبلغ
أربعة
ملايين وخمسمائة وخمسين ألفاً وأربعمائة وتسعة وخمسين جنيهاً ،
كرسم دمغة عن الفترة من
عام 1994/1995 وحتى عام 1997/1998 ، وإذ لم ترتض
الشركة
هذا القضاء فقد طعنت عليه بالاستئناف رقم 1677 لسنة 55 قضائية
أمام محكمة استئناف طنطـا ، وأثناء
نظـره دفعت بعـدم دستورية نص البندين
( ج ، هـ ) من المادة (45) من القانون رقم 84 لسنة 1976
سالف الذكر ،
وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع ، وصرحت لها برفع الدعوى
الدستورية ،
فقد أقامت الدعوى الماثلة .

وحيث إن المادة (45) من القانون
رقم
84 لسنة 1976 المشار إليه تنص على أن " يكون لصق دمغة النقابة إلزامياً
على
الأوراق والدفاتر والرسومات ومنتجات الفنون التطبيقية
.......................................

( أ )
.............................. ( ب )
...................................

( ج ) عقود التوريد عن السلع
والأدوات والأجهزة والمعدات التى تلزم
لأعمال تصميمات الفنون التطبيقية وذلك كله
طبقاً لما يحدده النظام
الداخلى للنقابة .
( د )
..................................................
.......................
( هـ ) منتجات تصميمات الفنون
التطبيقية
التى تنتجها الهيئات الصناعية الحكومية والقطاع العام
والأفراد
المشتغلين بإنتاجها .
وتكون فئة الدمغة
..................................................
" .

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد
جرى على أن المصلحة الشخصية
المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها
قيام علاقة منطقية
بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم
فى
المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع ،
لما
كان ذلك ، وكان النزاع الموضوعى يدور حول مدى التزام الشركة المدعية
بأداء قيمة دمغة
النقابة المستحقة على منتجاتها ، وعقود البيع وأوامر
التوريد ، عن السنوات الأربع
السابقة على رفع الدعوى ، ومن ثم تضحى
للشركة المدعية مصلحة فى الطعن على نص البند
( ج ) من المادة (45) من
القانون رقم 84 لسنة 1976 المشار إليه ، ونص البند ( هـ ) من المادة
ذاتها
فيما تضمنه من إلزام شركات القطاع العام ـ التى حلت محلها شركات قطاع
الأعمال
العام إعمالاً لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر
بالقانون رقم 203
لسنة 1991 ـ بلصق دمغة النقابة على منتجات تصميمات
الفنون التطبيقية التى
تنتجها هذه الشركات .

وحيث إن الشركة
المدعية تنعى
على النصين المطعون فيهما مخالفة المواد 8 ، 25 ، 38 ، 40 ،
56 ، 61 ، 115 ، 116 ، 119 ،
120 من الدستور ، قولاً منها إن المشرع قد
فرض بهذين النصين ضريبة لصالح نقابة
بذاتها وهى نقابة مصممى الفنون
التطبيقية ، وبالتالى يكون قد اختص هذه النقابة
بميزة لا تتوافر لغيرها ،
بما يصادم مبدأى المساواة والعدالة اللذين كفلهما
الدستور ، فضلاً عن
أن هذه الدمغة تعد ضريبة فرضت بالمخالفة للضوابط الشكلية والموضوعية
للضريبة
التى حددها الدستور ، وبقصد تحقيق أغراض نقابة بعينها ، دون أن تستهدف
تحقيق
مصلحة المواطنين فى مجموعهم ، ولا تدخل حصيلتها
خزانة الدولة ،
بل تستأثر بها النقابة وحدها .

وحيث إن من المقرر على ما جرى
به
قضاء هذه المحكمة ـ أن الضريبة فريضة مالية تقتضيها الدولة جبراً من
المكلفين بأدائها ،
إسهاماً من جهتهم فى أعبائها وتكاليفها العامة ، وهم
يدفعونها لها بصفة
نهائية ، ودون أن يعود عليهم نفع خاص من وراء التحمل
بها ، فلا تقابلها خدمة محددة بذاتها
، يكون الشخص العام قد بذلها من
أجلهم ، وعاد عليهم مردودها ، ومن ثم كان فرضها
مرتبطاً بمقدرتهم
التكليفية ، على خلاف الرسم الذى يستحق مقابل نشاط خاص
أتاه الشخص العام
، عوضاً عن تكلفته ، وإن لم يكن بمقدارها ، متى كان ذلك ، وكانت
الدمغة
المفروضة بالنصين المطعون فيهما ، على عقود التوريد عن السلع والأدوات
والأجهزة
والمعدات التى تلزم لأعمال تصميمات الفنون التطبيقية، وكذا منتجات تصميمات
الفنون
التطبيقية التى تنتجها شركات القطاع العام لا تقابلها خدمة فعلية ، تكون
النقابة
قد بذلتها مباشرة لمن يتحملون بها ، فإنها لا تعد من الناحية القانونية
رسماً
إنما تنحل إلى ضريبة ، وهى بعد ضريبة عامة ، إذ لا يقتصر نطاق تطبيقها على
رقعة
إقليمية معينة ، بل تسرى كلما توافر مناطها فى أية جهة داخل حدود
الدولة
الإقليمية .

وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن
الضريبة
العامة يحكمها أمران أساسيان لا ينفصلان عنها ، بل تتحدد
دستوريتها على ضوئهما معاً :
أولهما : أن الأموال التى
تجبيها الدولة
من ضرائبها وثيقة
الصلة بوظائفها الحيوية ، وقيامها على هذه الوظائف
يقتضيها أن توفر بنفسها – ومن خلال الضريبة
وغيرها من الموارد – المصادر
اللازمة لتمويل خططها وبرامجها ، والرقابة التى
تفرضها السلطة
التشريعية بوسائلها على هذه الموارد ضبطاً لمصارفها ، هى الضمان لإنفاذ
سياستها
المالية ، كما أن اختصاص السلطة التشريعية فى مجال ضبطها لمالية الدولة
يقتضى
أن تقوم هذه السلطة بربط الموارد فى جملتها بمصارفها تفصيلاً ،
وإحكام الرقابة عليها ، لا أن
تناقض فحواها بعمل من جانبها . ثانيهما :
أن الضريبة العامة هى أصلاً وابتداءً
مورد مالىُّ يتضافر مع غيره من
الموارد التى تستخدمهـا الدولة لمواجهة نفقاتها
الكلية ، بما مؤداه أن
استخدامها لمواردها ، لا ينفصل عن واجباتها الدستورية
التى تقتضيها أن
تكون مصارفها مسخرة لتحقيق النفع العام لمواطنيها ، ومن ثم يكون النفع
العام
أو ما يعبر عنه أحياناً بأكبر منفعة جماعية ، قيداً على إنفاقها
لإيراداتها
، وكذلك شرطاً أوليا لاقتضائها لضرائبها ورسومها .

وحيث إن ما تقدم
مؤداه أن أغراض
التمويل تعتبر قيداً على السلطة
الضرائبية يقارنها
ولا يفارقها ، وحداً من الناحية الدستورية على ضوابط إنفاق المال العام ،
ولا
يعنى ذلك أن الدولة لا تستطيع تحويل بعض مواردها إلى الجهة التى
تراها لتعينها بها على
النهوض بمسئوليتها وتطوير نشاطها ، بل يجوز لها
ذلك
بشرطين :-
أولاً : أن تكون الأغراض التى
تقوم عليها هذه الجهة
وفقاً لقانون إنشائها ، وثيقة الصلة بمصالح
المواطنين فى مجموعهم ، أو
تؤثر على قطاع عريض من بينهم .
ثانياً : أن يكون دعمها مالياً
مطلوباً
لتحقيق
أهدافها ، على أن يتم ذلك لا عن طريق الضريبة التى تفرضها
السلطة التشريعية
ابتداءً لصالحها لتعود إليها
مباشرة غلتها ، بل من
خلال رصد ما يكفيها بقانون الموازنة العامة ، وفقاً للقواعد التى نص
عليها
الدستور ، وفى إطار الأسس الموضوعية التى يتحدد على ضوئها مقدار هذا الدعم
.

وحيث إن الأصل فى الضريبة – باعتبار أن حصيلتها تعد إيراداً
عاماً – أن
يؤول مبلغها إلى الخزانة العامة ليندمـج مع غيره من الموارد
التى تم تدبيرها ، لتفقد
كل منها ذاتيتها ، ولتشكـل جميعها مصدراً
واحداً لإيراداتها الكلية ، وكان المشرع قد فرض
بالنصين المطعون فيهما
الضريبة محل النزاع لصالح نقابة بذاتها وهى نقابة مصممى
الفنون
التطبيقية ، واختصها بحصيلة تلك الضريبة ، بحيث تؤول إليها مباشرة ، فلا
تدخل
خزانة الدولة أو تقع ضمن مواردها ، ليمتنع عليها استخدامها فى
مجابهة نفقاتها
العامة ، فإنها تكون فى حقيقتها معونة مالية رصدتها
الدولة لتلك النقابة ، لا عن
طريق الضوابط التى فرضها الدستور فى شأن
الإنفاق العام ، ولكن من خلال قيام
الضريبة المطعون عليها بدور يخرجها
عن مجال وظيفتها ، ويفقدها مقوماتها لتنحل عدماً
، وبالتالى يتعين
القضاء بعدم دستورية نص البندين ( ج ، هـ ) من المادة 45
المطعون فيهما ،
لمخالفتهما أحكام المواد ( 61 ، 115 ، 116 ، 119 ، 120) من الدستور .

وحيث
إنه متى كان
ما تقدم ، وكانت أحكام المواد
46 ، 47 ، 75/7 ، 98 من
القانون رقم 84 لسنة 1976 سالف الذكر ، قد تناولت بالتنظيم بعض الجوانب
المتعلقة
بفرض الضريبة المشار إليها وتحصيلها وتقادمها والعقوبات التى توقع على عدم
أدائها ،
بما مؤداه ارتباط هذه الأحكام بنص البندين ( ج ، هـ ) من
المادة 45 المطعون
فيها ، ارتباطاً لا يقبل الفصل أو التجزئة ، وذلك
بالنسبة لنطاق تطبيقها على
النصين المطعون فيهما ، ومن ثم فإن القضاء
بعدم دستورية البندين المذكورين يستتبع حتماً
سقوط تلك الأحكام ، بقدر
اتصالها بهذين البندين .

فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة بعدم
دستورية نص
البند (ج) من المادة 45 من القانون رقم 84 لسنة 1976 بشأن نقابة
مصممى
الفنون التطبيقية ، ونص البند (هـ) من المادة ذاتها
فيما تضمنه من إلزام
شركات
القطاع العام
بلصق دمغة النقابة على منتجات تصميمات الفنون التطبيقية التى
تنتجها
، وألزمت الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه
مقابل أتعاب المحاماه