باسم
الشعب



المحكمة
الدستورية
العليا


بالجلسة العلنية المنعقدة يوم
السبت 6 يونيو سنة 1998 الموافق 11 صفر سنة 1419 ه



برئاسة السيد
المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر
رئيس
المحكمة



وعضوية السادة المستشارين: حمدى محمد
على وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف
الدين وعدلى محمود منصور



وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى
على جبالى
رئيس
هيئة المفوضين



وحضور السيد/ حمدى أنور صابر



أمين
السر



أصدرت الحكم الآتى


فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 42
لسنة 17 قضائية "دستورية"



المقامة من


1 - السيد/ فتحى محمد حسن عبد
الجواد



2 - السيد/ مصطفى محمد حسن عبد
الجواد



3 - السيد / محمود محمد حسن عبد
الجواد



4 - السيد / أحمد محمد حسن عبد
الجواد



ضد


1- السيد الدكتور/ رئيس مجلس
الوزراء



2- السيد المستشار/ وزير العدل


3- السيد الدكتور/ محافظ الفيوم


الإجراءات


بتاريخ 19 يونيو سنة 1995،
أودع المدعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة، طالبين الحكم بعدم
دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 37، المادة 38 من القرار بقانون رقم 142 لسنة
1964 بنظام السجل العينى



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة
طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة 38 من القرار بقانون
المشار إليه، وبرفضها فيما عدا ذلك



وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة
المفوضين تقريراً برأيها



ونظرت الدعوى على النحو المبين
بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم



المحكمة


بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة



حيث إن الوقائع - على ما يبين من
صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 381
لسنة 1993 مدنى كلى الفيوم ضد السيدين عبد المجيد سعيد عبد الله وأحمد حسن عبد
الجواد والسيدة / عليه عبد التواب قطب، طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهم لسبع وعشرين فدانا
كائنة بناحية جبلة مركز سنورس، والمبين حدودها ومعالمها فى صحيفة تلك
الدعوى، على سند من أنهم حازوها بنية التملك - ومورثهم من قبلهم - مما يكسبهم
ملكيتها



وبجلسة 24 يناير سنة 1995 قضت
محكمة الفيوم الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى بالنسبة
إلى 19 سهم، 13 قيراط، 14 فدان من أطيان التداعى، والمقيدة بالسجل العينى فى ملكية
المدعى عليه الأول فى تلك الدعوى، وبتثبيت ملكية المدعين لمساحة قدرها 19
سهم، 13 قيراط، 14 فدان من أطيان التداعى، والمقيدة بالسجل العينى باسم مورثهم،
وأقامت قضاءها فى ذلك على ماتنص عليه المادة 37 من قانون السجل العينى الصادر
بالقرار بقانون رقم 142 لسنة 1964 من أن للسجل العينى قوة إثبات لصحة البيانات
الواردة فيه • ولايجوز التملك بالتقادم على خلاف ماهو ثابت بالسجل• فضلا عن
أن المادة 38 من ذات القانون استلزمت لقيد الحقوق استنادا إلى وضع اليد المكسب
للملكية أن ترفع الدعوى أو يصدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من تاريخ سريان قانون
السجل العينى على القسم المساحى الذى تقع فيه الأرض المطلوب الحكم بثبوت ملكيتها
لواضع اليد عليها، وقد نص قرار وزير العدل على تطبيق نظام السجل العينى على القسم
المساحى الكائنة به أرض التداعى وذلك اعتبارا من 18/11/1978



وإذ لم يرتض المدعون الحكم
الابتدائى آنف البيان، فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 269 لسنة 31 قضائية
أمام محكمة استئناف بنى سويف [ مأمورية استئناف الفيوم ]، وأثناء نظره دفعوا بعدم
دستورية ماتنص عليه المادة 37 من قانون السجل العينى من عدم جواز التمسك بالتقادم
المكسب للملكية على خلاف ماهو ثابت بالسجل العينى• وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية
دفعهم هذا، وصرحت لهم برفع الدعوى الدستورية، فقد أقاموا دعواهم الماثلة وضمنوا
صحيفتها طلبهم الحكم بعدم دستورية هذا الحظر وكذلك المادة 38 من قانون السجل
العينى



وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة
-وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها ارتباطها عقلا بالمصلحة التى يقوم بها
النزاع الموضوعى، وذلك بأن يكون الفصل فى المسائل الدستورية، لازما للفصل فى
الطلبات الموضوعية المرتبطة بها؛ وكان المدعون يقولون بأنهم تملكوا عقار النزاع
بالتقادم المكسب للملكية، فإن مصلحتهم الشخصية المباشرة تتوافر بإبطال ماتنص عليه
المادة 37 من قانون السجل العينى التى لاتجيز التملك بالتقادم على خلاف ماهو ثابت
بالسجل



وحيث إن المادة 38 من قانون هذا
السجل، وإن أجازت استثناء من المادة السابقة عليها قيد الحقوق استنادا إلى
وضع اليد المكسب للملكية، إلا أنها تقيد مجال عمل هذا الاستثناء بالدعاوى التى
ترفع أو التى يصدر حكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها فى
القرار الوزارى المشار إليه فى المادة الثانية من قانون الإصدار• ومن ثم يعتبر نص
المادة 38 من قانون السجل العينى ساقطا إذا ما قضى بعدم دستورية قاعدة الحظر التى
قررتها الفقرة الثانية من المادة 37 من هذا القانون، تقديرا بأن الاستثناء من
قاعدة، يفترض بقاءها، فإذا أبطلتها المحكمة لمخالفتها للدستور، سقط الاستثناء
معها



وحيث إن الفقرة الأولى من المادة
37 من قانون السجل العينى الصادر بالقرار بقانون رقم 142 لسنة 1964 تنص على أن
يكون للسجل العينى قوة إثبات لصحة البيانات الواردة به، وتقضى فقرتها الثانية بإنه
لايجوز التملك بالتقادم على خلاف ماهو ثابت بالسجل، بما مؤداه أن بيانات السجل
العينى فى شأن الملكية، لها قوة تؤكد صحتها، ولايجوز تغييرها إذا كان التقادم سببا
لكسبها



وحيث إن المدعين ينعون على النص
المطعون فيه، مخالفته أحكام المواد 8 و40 و34 و68 من الدستور، وذلك من الأوجه
الآتى بيانها: أولها: أن من حاز أراض فى مناطق لم يشملها السجل العينى،
يملكها بالتقادم • فإذا امتد إليها تطبيق هذا القانون، صار تملكها به
مستحيلا؛ وفى ذلك إهدار لتكافؤ الفرص



فضلا عن أن النص المطعون فيه
يخل باستقرار أوضاع كثير من المزارعين الذين تملكوا أراضيهم بمقتضى عقود
عرفية عزفوا عن تسجيلها، ولاتزال أيديهم متصلة بها من خلال حيازتها• غير أنهم
فوجئوا بأن اللجان القائمة على تطبيق قانون السجل العينى لاتعير آذانها لحقوقهم،
وأنها تقيد أراضيهم هذه بأسماء ملاكها القدامى أو ورثتهم بزعم أن التقادم لايجوز
أن يناهض بيانا مثبتا بالسجل العينى ثانيها: أن الذين يدعون الملكية بناء
علي أحد أسباب كسبها غير التقادم، يستطيعون تثبيتها من خلال اللجوء إلى
قاضيهم الطبيعى ثم قيدها فى السجل العينى، فإذا كان التقادم سبب كسبها، حيل بينهم
وبين إثباتها • وفى ذلك تمييز دون مسوغ بين من يملكون، وتأبيد للنزاع حول الملكية
ثالثها: أن القيد الأول بالسجل العينى يستند إلى أعمال وقرارات إدارية
وحرمان من تملك بالتقادم من تسجيل ملكيته على سند من مخالفتها للثابت بالسجل،
مؤداه أن تظل هذه الأعمال والقرارات بعيدة عن الرقابة القضائية



وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى
مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية مالم يقيدها الدستور بضوابط تحد من إطلاقها،
وتقيم لها تخومها التى لايجوز اقتحامها • وكلما كان هذا التنظيم منتهيا إلى إهدار
الحقوق التى تناولها؛ أومؤديا إلى إرهاق محتواها بقيود لاتكفل فعاليتها، وبما ينال
من مجالاتها الحيوية التى لاتقوم إلا بها، كان مخالفا للدستور



وحيث إن الدستور يكفل للحقوق التى
نص عليها، الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية؛ وكان الأصل فى
النصوص القانونية هو ارتباطها عقلا بأهدافها باعتبارها وسائل صاغها المشرع
لتحقيقها؛ وكان من المقرر أن الحقوق جميعها لاتنشأ ولاتنتقل إلا من خلال أسبابها
التى حددها القانون، فقد صار متعينا أن نستظهرما إذا كان قانون السجل العينى
ملتزما إطارا منطقيا للدائرة التى يعمل فيها، كافلا من خلالها تحقيق الأغراض التى
رصد عليها، أم كان بالنصوص التى تضمنها مجاوزا لها



وحيث إن الشهر -وكلما كان
شخصيا- لايحيط بكل صور التعامل التى يكون العقار محلها، وإنما تسجل الحقوق
المشهرة، وفقا لأسماء أصحابها التى قد تختلط فيما بينها بالنظر إلى تشابهها •
وكثيراً مايكون العقار الواحد محلا لأكثر من علاقة قانونية لايتحد أطرافها، فلا
ترصد فى صحيفة واحدة تجمعها؛ وإنما تتفرق مواضعها فى السجل، فلا تسهل
معرفتها• كذلك فإن تسجيل الأعمال القانونية التى يكون من شأنها إنشاء
الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها، لايطهرها من
عيوبها كلما كان الشهر شخصيا، ولايحول دون الطعن عليها والنزاع فى شأن صحتها، بما
يخل بالحماية الواجبة لكل ذى شأن فيها



ولاكذلك أن يكون السجل عينيا،
متطلبا قيد الحقوق العينية الأصلية المتعلقة بالعقار الواحد، وكذلك مااتصل بهذا
العقار من الحقوق العينية التبعية، فضلا عن التصرفات والأحكام النهائية المقررة
لحق من الحقوق العينية الأصلية، فى صحيفة واحدة تجمعها، تتضمن وصفا للعقار من حيث
أبعاده وحدوده وطبيعته، وما تعلق به من صور التعامل على اختلافها، ومانشأ أو ارتبط
بها من الحقوق العينية وأصحابها، فلايكون قيد هذه الحقوق فى السجل إلا لإثباتها
بصورة مطلقة، ضمانا لاستقرار أوضاعها، وبما يطهرها من عيوبها أيا كان نوعها أو
مداها



وحيث إن القوة المطلقة للقيود
التى يثبتها السجل العينى فى صحائفه وفقا لأحكامه، وإن كانت جوهر نظامه، ولايتصور
أن يوجد هذا السجل بدونها، ولو كان هذا القيد قد تم خلافا للحقيقة، إلا أن شرط
إجراء القيد -وعلى ماتنص عليه المادة الحادية عشرة من قانون السجل العينى - هو أن
تكون الحقوق العينية التى يثبتها القيد فى صحائفه، قد أنشأتها أو قررتها أسباب
كسبها، تقديرا بأن أسبابها هذه، تمثل روافدها التى لايتصور أن يتجاهلها هذا السجل،
شأنها فى ذلك شأن مصادر الحقوق الشخصية



ولايجوز بالتالى أن ينفصل قيد
الحقوق العينية الأصلية عن أسبابها التى رتبها القانون المدنى، وحصرها



بل إن أسبابها هذه، هى التى يكون
الاستيثاق من صحتها سابقا على قيد الحقوق التى أنشاتها أو نقلتها، فلايكون
من شأن السجل العينى تحوير بنيانها، ضمانا لتقيده بالأغراض التى رصد عليها، ولأن
القيد فى هذا السجل لايعتبر ركنا شكليا لاتكتمل بغيره عناصر وجود الحقوق المراد
إثباتها فيه، بل تظل لهذه الحقوق -حتى وإن لم تقيد- مقوماتها باعتبار أنها ترتد
مباشرة إلى أسبابها التى أنتجتها، وهو ما تؤكده الفقرتان الثانية والثالثة من
المادة 26 من قانون السجل العينى بما قررتاه من أن الأعمال القانونية التى لاتقيد،
لاتزول بكامل آثارها، وإن امتنع الاحتجاج بالحقوق العينية الأصلية التى أنشاتها أو
نقلتها أو غيرتها أو أزالتها، سواء فى العلاقة بين أطرافها أو على صعيد الأغيار
عنها



وحيث إن الحيازة هى السيطرة
المادية على الحق أو الشئ محل الحق من خلال أعمال مادية يأتيها الحائز
ابتداء أو انتقالا من الغير، ويستبقيها - ولو كان مغتصبا للحق موضوعها- مع
اقترانها بقصد استعمال هذا الحق محددا على ضوء محتواه• ولاتعتبر الحيازة -باجتماع
عنصريها هذين، وبالنظر إلى طبيعتها- حقا عينيا أو شخصيا، ولاهى بحق أصلا،
ولكنها تنقل الحقوق موضوعها -وعند توافر شرائطها- إلى من يكسبونها بأثر رجعى يرتد
إلى تاريخ بدئها•ولاتعتبر الحيازة بالتالى مجرد قرينة لايجوز دحضها على أن الحائز
صار مالكا للشئ محلها بعد أن حازه المدة التى عينها المشرع، ولكنها تتمحض سببا
مباشرا لنقل ملكية الحق موضوعها• والحيازة بذلك تحيل الأوضاع الفعلية التى استقر
أمرها بعد أن امتد زمنها من خلال التقادم، إلى حقائق قانونية لاتتزعزع بها الملكية
بعد اكتمال الحق فيها، وإنما تخلص لحائز اتصل بها، وظهر عليها أمدا، مباشرا
سلطاتها دون اعتراض من مالكها



وكان منطقيا أن يقدم المشرع على
مصلحته التى أهمل الدفاع عنها ورد من يناهضونها على أعقابهم، مصلحة حائز اطمأن
الناس إلى الأوضاع الظاهرة التى بسطها، والتى يقدرون معها أن امتداد زمنها، يقلبها
إلى ملكية كاملة، ولو كان مغتصبا للحق فيها



وحيث إن الحماية التى أظل بها
الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان، لاتقتصر على الصور التى تظهر
الملكية فيها بوصفها الأصل الذى تتفرع عنه الحقوق العينية الأصلية جميعها، وإنما
تمتد هذه الحمايةإلى الأموال كلها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال حق ذو قيمة
مالية، سواء كان هذا الحق شخصيا أو عينيا أو كان من حقوق الملكية الأدبية أو
الفنية أو الصناعية، ذلك أن الحقوق العينية التى يكون العقار محلها، تعتبر مالا
عقاريا• أما مايقع منها على منقول، وكذلك الحقوق الشخصية -أيا كان محلها- فإنها
تعد مالا منقولا وإلى هذه الأموال كلها، تنبسط الحماية التى كفلها الدستور
لحق الملكية، فلا تخلص لغير أصحابها



وحيث إن نظم الشهر على اختلافها -
ماكان منها شخصيا أو عينيا - تفترض اشتقاق الحقوق التى تسجلها أو تقيدها فى
صحائفها، من أسبابها التى حددها المشرع حصرا • تقديرا بأن أسبابها هذه هى التى
تقيمها وفقا للقانون، حتى ولو كان السجل عينيا؛ وكان مايقيد فى هذا السجل، إما أن
يكون تصرفا قانونيا أو عملا ماديا؛ وكان كلاهما مصدراً للحقوق العينية يُكْسبها
وفقا للشروط التى نص عليها القانون؛ فإن استكمالها لشروطها هذه، يظل مناط صحتها



وما تنص عليه المادة 13 من قانون
السجل العينى -والتى يتعلق حكمها بالقيد الأول- من أن الحقوق التى يطلب أصحابها
قيدها فى السجل استنادا إلى وضع اليد، لايجوز إثباتها إذا كان فى المحررات المشهرة
مايناقضها، يعتبر انفلاتا عن كل منطق



ذلك أن التقادم، طويلا كان أم
قصيرا - وعلى ماتقضى به المادتان 968 و 969 من القانون المدنى على التوالى - يعتبر
سببا ناقلا للملكية من أصحابها فإذا كان طويلا تمحض حيازة استطال زمنها مع
اقترانها بقصد استعمال الحق موضوعها • فإن كان قصيرا، فإن واقعة الحيازة يظل لها
دورها، وإنما ينبغى أن يدعمها حسن نية الحائز، واقتران يده على الشئ محلها بما
يكون سببا صحيحا وفقا للقانون ويعتبر كذلك كل سند يصدر عن شخص ليس مالكا للشئ
والحيازة بالتالى تناقض بالضرورة حقوق ملكية قائمة مشهر سندها



وحيث إن القول بأن قانون السجل
العينى، يعتبر - بالنصوص التى تضمنها - ملغيا أحكام القانون المدنى فى شأن الحيازة
المكسبة للملكية، مردود أولأ: بأن الأصل فى النصوص القانونية، هو أن تتحدد
مضامينها على ضوء موضوعها، وبمراعاة مقاصدها، وبما لايُخِْرجُ عبارة تضمنها النص
عن سياقها



ولاشأن لقانون السجل العينى
بمصادر الحقوق العينية الأصلية فى غير مجال إثباتها، ومن ثم يبقيها، ممحصا على
ضوئها طبيعة الحقوق التى يراد إثباتها فى السجل ونطاقها، متوخيا من رصدها وتحقيق
مشروعيتها، أن يحل تدريجيا محل نظام يكون الشهر فيه شخصيا، وليس للتسجيل بمقتضاه،
ماللقيد فى السجل العينى من أثر ومردود ثانيا: بأن تعلق قيد الحقوق العينية فى السجل
العينى بمجال إثباتها، هو ماتنص عليه المادة الأولى من قانون إصدار قانون هذا
السجل، وكذلك الفقرة الأولى من المادة 37 من هذا القانون اللتان تصرحان بأن شهر
المحررات مرتبط بإثباتها فى السجل وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها فى القانون،
وأن مؤدى إثباتها فيه، إسباغ قوة مطلقة على بياناتها، فلا تتزعزع صحتها



ومردود ثالثا: بأن إلغاء النصوص
القانونية -وعلى ماتقضى به المادة الثانية من القانون المدنى- إما أن يكون صريحا
أو ضمنيا• وهو لايكون ضمنيا إلا إذا أعاد المشرع تنظيم موضوعها بما يناقض النصوص
التى كان قد قررها فى شأن هذا الموضوع • ويفترض ذلك أن يكون التنظيمان
القديم والجديد، دائرين حول المسائل عينها، وأنهما تعامدا بالتالى على محل واحد
ولاكذلك القانون المدنى وقانون السجل العينى، ذلك أن أولهما لايتناول الحقوق
العينية إلا على صعيد أسبابها التى تنشئها أو تنقلها، بعد استكمالها لعناصرها•
ولايتصور أن يكون قانون السجل العينى -وباعتباره لاحقا للقانون المدنى- معدلا من
روافد حقوق لايعنى بغير إثباتها



وحيث إن ما تنص عليه المادة 38 من
قانون السجل العينى -واستثناء من حكم المادة السابقة عليها- من جواز قيد
الحقوق استنادا إلى وضع اليد المكسب للملكية، إذا رفعت الدعوى أو صدر الحكم فيها
خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها فى القرار الوزارى المشار إليه فى
المادة الثانية من قانون الإصدار؛ مؤداه أن الحيازة فى ذاتها، لاتناقض
بالضرورة طبيعة السجل العينى، ولاتحول -بخصائصها ولا بآثارها- دون قيد الحقوق
الناشئة عنها؛ وكان القيد وإن تناول أصلا الحقوق التى يكون سندها تصرفا قانونيا،
إلا أن النصوص التى تضمنها قانون السجل العينى، لاتحول دون قيد الحقوق التى تكون
الوفاة -وهى واقعة مادية- مصدرا لها



وحيث إن مؤدى النص المطعون فيه،
حظر تملك الحقوق العينية الأصلية من خلال قيدها بالسجل العينى إذا كان التقادم سبب
كسبها؛ وكانت دستورية النصوص القانونية تفترض ارتباطها عقلا بأهدافها بما يقيم
علاقة منطقية بين الوسائل وغاياتها؛ وكانت المذكرة الإيضاحية لهذا النص، تراه
دارئا لخطرين : أولهما ألا يفاجأ من يملكون الحقوق العينية الأصلية المقيدة فى
السجل، بآخرين ينازعونهم فيها من خلال اغتصابها عن طريق الحيازة • ثانيهما أن من
يطلبون حقوقا عينية أصلية يدعون تملكها بالحيازة، يطرحون موقفا يناهض القوة
المطلقة التى أثبتها السجل، فلايجوز قيدها؛ وكان هذان الخطران متوهمين، ذلك إن
الحيازة لاتتمحض غصبا فى كل صورها وأحوالها وحتى وإن كانت كذلك، فإن الأوضاع
العملية التى تستمد منها، هى التى قلبها المشرع إلى حقائق قانونية يتم التعامل على
أساسها، فلا تكون أوضاعها الظاهرة إلا قرين مشروعيتها كذلك فإن التأشير الهامشى،
يرد عن الحيازة المخاطر التى يُدَّعى اتصالها بها، وبمقتضاه لاتقيد الحقوق
العينية الأصلية التى تنقلها الحيازة فى السجل العينى، إلا بعد التأشير
بدعواها على هامش صحيفة السجل للوحدة العقارية المتعلقة بها، وصدور حكم نهائى
بصحتها يرتد أثره إلى تاريخ هذا التأشير فلايكون التغيير فى السجل بناء على التملك
بالتقادم، إلا فى الحدود التى يقوم فيها الدليل عليه نقيا كاملا



وحيث إنه متى كان ماتقدم؛ وكان
النص المطعون فيه قد أخل بالحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية؛ ويقيم فيما بين
الحقوق العينية الأصلية تمييزا من جهة أسبابها لايستند إلى أسس موضوعية
تقتضيها طبيعة القيد فى السجل العينى؛ وكانت تنمية الدخل القومى وفقا لنص المادة
23 من الدستور، لايكفلها من أهمل أعيانا يملكها، أوتركها مواتا متخليا عنها؛ وإنما
يرعاها من اتصل بهذه الأعيان، وبسط يده عليها لإحيائها واستثمارها؛ فإن النص المطعون
فيه يكون مخالفا أحكام المواد 23 و 32 و 34 و 40 من الدستور



فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية
مانصت عليه المادة 37 من قانون السجل العينى الصادر بالقانون رقم 142 لسنة 1964
بنظام السجل العينى من حظر التملك بالتقادم على خلاف ماهو ثابت بالسجل، وبسقوط نص
المادة 38 من هذا القانون، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب
المحاماة•