باسم
الشعب



المحكمة
الدستورية العليا




بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 4 إبريل سنة 2004 م ، الموافق 14 صفر سنة
1425 ه .



برئاسة السيد المستشار / ممدوح
مرعى

رئيس
المحكمة



وبحضور السادة المستشارين :


وحضور السيد المستشار / نجيب جمال
الدين علما
رئيس
هيئة المفوضين



وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن


أمين
السر



أصدرت
الحكم الآتى



فى القضية
المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 109 لسنة 25 قضائية "
دستورية " .



المقامة
من



السيد / محمد هانى محمد أحمد شلبى


ضد


1 السيد رئيس الجمهورية


2 السيد رئيس مجلس الوزراء


3 ورثة المرحوم / أحمد حسن أحمد محمد
الحداد وهم :



أ السيد / حسن أحمد محمد الحداد عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على
أولاده القصر شيماء إبراهيم دعاء .



4 السيد / سمير أحمد علام جابر


5 الممثل القانونى لشركة الشرق للتأمين


الإجراءات


بتاريخ الخامس عشر من مارس سنة 2003 ، أودع المدعى قلم كتاب
المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة ، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة الخامسة من
القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية الناشئة من
حوادث السيارات فيما تضمنته من آثار عقد التأمين بشأن باقى أنواع السيارات لصالح
الغير والركاب دون عمالها .




قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .



وبعد
تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .




ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم
فيها بجلسة اليوم .



المحكمة


بعد
الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .



حيث إن
الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن النيابة العامة
كانت قد أحالت المدعى عليه الرابع إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح وادى
النطرون فى الجنحة رقم 4199 لسنة 99 ، وذلك لأنه تسبب بإهماله أثناء قيادته للسيارة
رقم 60486 نقل ، والمقطورة رقم 17103 اسكندرية فى موت مورث المدعى عليهم ثالثاً فى
الدعوى الماثلة ، وقضت المحكمة بتغريم المتهم مبلغ مائتى جنيه وإلزامه بأن يؤدى
للمدعين بالحق المدنى مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المدنى المؤقت ، وإذ أصبح هذا
الحكم نهائياً وباتاً فقد أقام الورثة المذكورين الدعوى رقم 975 لسنة 2000 أمام
محكمة دمنهور الابتدائية ( مأمورية كفر الدوار ) ، ضد المدعى والمدعى عليه الرابع
، بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا لهم بالتضامن والتضامم فيما بينهما مبلغ مائة
وخمسون ألف جنيه ، تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة التى لحقت بهم
من جراء موت مورثهم وذلك باعتبار أن السيارة المتسببة فى الحادث مملوكة لشركة طنطا
الهندسية للمقاولات التى يمثلها المدعى . وأثناء نظر تلك الدعوى قامت الشركة
المذكورة بالادعاء فرعياً ضد شركة الشرق للتأمين المؤمن لديها تأميناً إجبارياً على
السيارة المتسببة فى الحادث ، وليحكم عليها بما عساه أن يقضى به من تعويض عملاً
بنص المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 الذى يلزمها بتعويض الأضرار التى
تصيب الغير بسبب الحوادث ، وقد قضت المحكمة المذكورة فى الدعوى الأصلية بإلزام
المدعى والمدعى عليه الرابع بأن يؤديا للورثة بالتضامن مبلغ عشرون ألف جنيه
تعويضاً مادياً وأدبياً . ومبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً موروثاً ورفض ما عدا ذلك
من طلبات ، وفى الدعوى الفرعية برفضها وإذ لم يرتض الطرفان هذا القضاء فقد طعن
عليه المدعى عليهم ثالث بالاستئناف رقم 2423 لسنة 58 قضائية " مستأنف
اسكندرية " ، كما أقام المدعى الاستئناف رقم 2546 لسنة 58 قضائية "
مستأنف اسكندرية " وقررت محكمة استئناف الإسكندرية ضم الاستئنافين للارتباط
ليصدر فيهما حكم واحد ، وأثناء تداولهما دفع المدعى بعدم دستورية المادة الخامسة من
القانون رقم 652 لسنة 1955 المشار إليه ، وإذ قدرت محكمة الاستئناف جدية هذا الدفع
، صرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .




وحيث إن المادة (5) من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجبارى من
المسئولية الناشئة من حوادث السيارات تنص على أن " يلتزم المؤمن بتغطية
المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة أو عن أية إصابة بدنية تلحق أى شخص من حوادث
السيارة إذا وقعت فى جمهورية مصر وذلك فى الأحوال المنصوص عليها فى المادة (6) من
القانون رقم 449 لسنة 1955 ، ويكون التزام المؤمن بقيمة ما يحكم به قضائياً من تعويض
مهما بلغت قيمته ، ويؤدى المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق فيه .




وتخضع دعوى المضرور قبل المؤمن للتقادم المنصوص عليه فى المادة (752) من
القانون المدنى " .



وتنص
المادة (6) من القانون رقم 449 لسنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور على أن
" إذا اثبت الفحص الفنى صلاحية السيارة فعلى الطالب أن يقدم وثيقة تأمين من
حوادث السيارة عن مدة الترخيص صادرة من إحدى هيئات التأمين التى تزاول عمليات
التأمين بمصر .



ويجب أن
يغطى التأمين المسئولية المدنية عن الإصابات التى تقع للأشخاص وأن يكون التأمين
بقيمة غير محدودة .



ويكون
التأمين فى السيارة الخاصة والموتوسيكل الخاص لصالح الغير دون الركاب ولباقى أنواع
السيارات يكون لصالح الغير والركاب دون عمالها ... " .




وحيث إن المدعى ينعى على نص المادة الخامسة المشار إليها فى ضوء ما قضت به المحكمة
الدستورية العليا فى القضية رقم 56 لسنة 22 قضائية " دستورية " بجلسة
9/6/2000 أن النص قد مايز بين فئتين من ركاب السيارات ، إحداهما فئة ركاب السيارات
الخاصة وهؤلاء أصبحت تشملهم آثار عقد التأمين ، بينما قصر الأمر بالنسبة لباقى
السيارات على الغير والركاب دون عمال السيارة رغم كونهم من الركاب ويشتركون معهم
فى مركز قانونى واحد ، وذلك بالمخالفة لنص المادة (40) من الدستور .




وحيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بتاريخ 9/6/2000 فى القضية رقم 56 لسنة 22
قضائية " دستورية " بأن قانون التأمين الإجبارى على السيارات رقم 652
لسنة 1955 ، إذ أحال فى مادته الخامسة على البيان الوارد بنص المادة (6) من
القانون رقم 449 لسنة 1955 ، فإنه قصد من ذلك إلحاق هذا البيان بأحكامه منتزعاً
إياه من إطاره التشريعى ، جاعلاً منه لبنة من بنيانه وجزءاً من نسيجه مندمجاً فيه
، وأن هذا النص بالتحديد المتقدم لازال قائماً لم يعدل أو يلغى بالقانون رقم 66
لسنة 1973 ، ومن ثم قضت بعدم دستوريته فيما تضمنه من قصر آثار عقد التأمين فى شأن
السيارات الخاصة على الغير دون الركاب بحيث أصبح التأمين يشمل أيضاً ركاب السيارة
الخاصة .




وحيث إن ما ينعيه المدعى على النص الطعين وفقاً للتحديد المتقدم من إخلاله
بمبدأ المساواة ، نعى سديد ، غذ أن النص بعد قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم
دستوريته فى النطاق المتقدم ذكره ينطوى على تمييز غير مبرر بين فئة الركاب فى
السيارات الخاصة وباقى أنواع السيارات ، وبين فئة العمال فى أنواع السيارات الأخرى
غير السيارات الخاصة إذ شمل التأمين الفئة الأولى دون الثانية ، حال أن العمال
بالنسبة للسيارات الأخرى غير الخاصة ، هم الركاب ، إذ ينطبق وصف الركاب عليهم ولو
كانوا من عمال السيارة ، كما أنهم ليسوا طرفاً فى عقد التأمين المبرم بين شركة
التأمين ومالك السيارة ، وطالما لم تثبت مسئوليتهم الجنائية عن وقوع الحادث بل
كانوا على العكس ضحية له ، فإنه يتعين أن ينصرف إليهم آثار عقد التأمين إعمالاً
لمبدأ المساواة أمام القانون الذى يستهدف وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة حماية
حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها ،
وهو بذلك يعد وسيلة لتقدير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر تطبيقها على
الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها فى الدستور ، بل ينسحب مجال إعمالها إلى
الحقوق التى يقررها القانون العادى ويكون مصدراً لها ، ومن ثم فلا يجوز للقانون أن
يقيم تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التى تتماثل عناصرها . إذ كان
ذلك ، وكان النص الطعين ، قد انطوى على تمييز تحكمى بين هاتين الفئتين من الركاب ،
فإن ما ينعاه المدعى من مناقضته لمبدأ المساواة الذى كفلته المادة (40) من الدستور
يكون فى محله .



فلهذه
الأسباب



حكمت المحكمة بعدم قبول دستورية المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة
1955 بشأن التأمين الإجبارى من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات فيما
تضمنته من قصر آثار عقد التأمين فى شأن باقى أنواع السيارات غير الخاصة على الغير
والركاب دون العمال ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب
المحاماة