مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك


مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماهدخول

القانون المصرى

محمد جمعه موسى للمحاماه *جمهوريه مصر العربيه - محافظه البحيره - رشيد *01005599621- 002-01227080958-002

descriptionطبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية   هاني علي الطهراوي (*) Emptyطبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية هاني علي الطهراوي (*)

more_horiz
الملخص





يتناول هذا البحث
بالدراسة والتحليل طبيعة المخالفة التأديبية ومدى خضوعها لمبدأ المشروعية، والعقبات
التي تعترض تطبيق هذا المبدأ،ومرد ذلك أن هذه المخالفات تستعصي على الحصر
والتحديد، فليس بمقدور المشرع تعدادها على وجه الدقة كما هو الشأن بالنسبة للجرائم
المنصوص عليها في قانون العقوبات .






ويترتب على ذلك نتائج
بالغة الخطورة أهمها : إفساح المجال أمام الرؤساء الإداريين وهيئات التأديب للحكم
على تصرفات الموظفين وغيرهم من العاملين في المهن والمؤسسات المختلفة، وتقدير ما
إذا كان الفعل الصادر عنهم يُعدّ مخالفة تستوجب التأديب والعقاب .






ورغم إقرارنا
بالصعوبات المشار إليها فإننا لا نتردد بالمناداة بضرورة تقنين الواجبات
والمحظورات الوظيفية والمهنية بأقصى درجة ممكنة من الوضوح، ليكون الأشخاص
المخاطبون بهذه القواعد على علم بما هو مطلوب منهم وما هو محظور عليهم، علاوة على
أنّ اتباع هذا الأسلوب يُضيق الخناق على سلطات التأديب ويحد من تعسفها في تقديرها
وتكييفها لما يصدر عنهم من أفعال، وفي ذلك ضمان لحقوقهم وحماية لحرياتهم .






المقدمة


يدور جدل فقهي واسع
حول حقيقة الصلة ومدى الارتباط بين المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية، ما يستوجب
بداية تحديد المقصود بكل من هذين المصطلحين .



ذهب جانب من الفقه إلى
تعريف المخالفة أو الجريمة التأديبية بأنها : "كل فعل أو امتناع يرتكبه
العامل ويجافي واجبات وظيفته([1])
أو هي : "إخلال شخص بواجباته الوظيفية أو المهنة التي ينتمي إليها سواء أكان
هذا الإخلال إيجابياً أم سلبياً([2]).
ويرى جانب آخر من الفقه : "أن المخالفة التأديبية ليست فقط الإخلال بواجبات
الوظيفة أو المهنة، بل توجد كلما سلك العامل خارج نطاق وظيفته أو مهنته سلوكاً
معيباً يمس كرامته أو كرامة المرفق الذي يعمل فيه([3]).
ويرى بعض الفقهاء: "أن الجريمة التأديبية تعني عدم التزام الموظف بالأسس
التنظيمية والأخلاقية في أثناء تأدية الوظيفة وخارجها"([4]).






وأهم ما يمكن استنباطه
من هذه التعريفات هو التعميم وعدم التحديد الدقيق لفحوى المخالفة التأديبية، نظراً
لأن هذه التعريفات على درجة من الاتساع بحيث تشمل كل فعل يخل بمقتضيات الوظيفة أو
المهنة سواء تعلق بواجباتها أو محظوراتها أو أخلاقياتها، ويستوي وقوع هذا الإخلال
داخل نطاق العمل الوظيفي أو خارجه .






ويتبنى القضاء الإداري
ذات الموقف في بيانه للمقصود بالمخالفة أو الجريمة التأديبية، فقد جاء في أحد
الأحكام الصادرة عن مجلس الدولة الفرنسي بأن الجريمة أو المخالفة التأديبية تعني :
"إخلال الموظف بواجباته الوظيفية بما في ذلك الأفعال المخلة بشرف
الوظيفة"([5]).
ومما ورد في حيثيات أحد الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا المصرية قولها
: "كل عمل يخالف الواجبات المنصوص عليها في القوانين، أو يخرج على مقتضى
الواجب الوظيفي، أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة، يعاقب تأديبياً([6])،
وكذلك قولها أن الجريمة التأديبية تعني : "إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو
خروجه على مقتضياتها أو ارتكابه خارج الوظيفة ما ينعكس عليها"([7]).



وهذا أيضاً هو موقف
محكمة العدل وهي المحكمة الإدارية الوحيدة في الأردن، إذ تقرر أن المخالفة
المسلكية قوامها " مخالفة الشخص لواجبات وظيفته أو مهنته أو مقتضياتها
وكرامتها"([8])






نخلص من ذلك إلى تعريف
المخالفة التأديبية بأنها : فعل أو امتناع يمثل إخلالاً بواجبات الوظيفة أو المهنة
التي ينتمي إليها شخص ما أو محظوراتها، سواء أوقع ذلك في أثناء ساعات الدوام
الرسمي أم بعدها .






أما مبدأ المشروعية
بمفهومه العام فيقصد به خضوع جميع السلطات والأفراد أي الحكام والمحكومين لقواعد القانون وأحكامه، بينما يقصد
به في مجال التجريم والعقاب: قيام المشرع بتحديد الأفعال التي تُعدّ جرائم، وبيان
العقوبات المقررة لها بصورة واضحة ومحددة([9]).
ويُعدّ مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات من المبادئ الأساسية في التشريعات الحديثة
ومن مقتضاه أن لا يُجرّم فعل ولا يعاقب عليه إلا بنص قانوني يحدد نوع الفعل المجرم
وأركانه وشروطه، كما يبين العقوبة المستحقة. ويوفر هذا المبدأ حماية قانونية للفرد
وضمانة لحقوقه وحرياته؛ بمنع السلطة العامة المختصة من اتخاذ أي إجراء بحقه، ما لم
يكن قد ارتكب فعلاً ينص القانون على أنه جريمة معاقب عليها .






لذا يجب على القاضي أن
يلتزم بالنص القانوني، فلا يسوغ له أن يستند في تجريمه لأي فعل على القواعد
الأخلاقية أو الاجتماعية، أو على تقديره بأن الفعل ضار بالمجتمع، كما لا يسوغ
الحكم بعقوبة لم ينص عليها القانون؛ كأن يحظر المشرع فعلاً دون أن يذكر عقوبة
لفاعله، أو يطلب القيام بعمل دون النص على عقوبة الامتناع عن القيام به([10]).
ومن الواضح أن هذا المبدأ يتكوين من شقين؛ الأول : يتعلق بالتجريم، إذ يجب لاعتبار
فعل أو تصرف ما بأنه غير مشروع أن تجرمه وتؤثمه النصوص والقواعد القانونية، فإن لم
يكن هناك نص فلا يُعدّ القيام بهذا الفعل جريمة لأن الأصل في الأشياء الإباحة. أما
الشق (الثاني) فيتعلق بالعقاب، ومضمونه أن الشخص لا يعاقب إلا على الفعل الذي
يُعدّ جريمة، وبالعقوبة التي حددها المشرع.






وهكذا فإن مبدأ
المشروعية يستهدف مصلحة مزدوجة، فهو من جهة يحقق مصلحة الأفراد بعلمهم ومعرفتهم
المسبقة بالأفعال المحظورة عليهم والتي يؤدي اقترافها إلى تعرضهم للعقاب.






ومن جهة أخرى فإنه
يحقق مصلحة المجتمع وأمنه في تخفيض عدد الجرائم أو المخالفات،لأن قيام المشرع
بالنص عليها وعلى العقوبات المقررة لها، يدفع بالكثير من الأشخاص إلى التفكير
ملياً والتردد بل والأحجام عن إتيانها، خشية وقوعهم تحت طائلة المسؤولية، ويطلق
على ذلك عنصر الردع أو الأثر الوقائي([11]).






إن مبدأ المشروعية
بشقيه يعبر عنه بالقاعدة المشهورة في القانون الجنائي : "لا جريمة ولا عقوبة
إلاّ بنص "وبما أن بحثنا يقتصر على موضوع الجرمية في المجال التأديبي دون
الخوض في العقوبات المقررة لها وتفصيلاته، فسنعرض لهذا المبدأ في شقه الأول
المتعلق بالتجريم فقط أي "لا جريمة إلا بنص".



وتتجلى أهمية هذه
الدراسة وهدفها في بيان وتحديد مدى العلاقة بين مبدأ المشروعية والمخالفة
التأديبية، فهل يخضع هذا النوع من الجرائم للقاعدة السابقة فلا يُعدّ الفعل خاطئاً
والسلوك مؤثماً إلا بوجود نص قانوني يجرّمه صراحة؟ أم أن لهذا المبدأ لوناً
مختلفاً في هذا المجال فلا يطبق على المخالفات التأديبية بهذه الصيغة الصارمة؟
وإذا كان الأمر كذلك فما هو الأثر الذي يترتب على عدم الالتزام بالتطبيق الحرفي
لهذا المبدأ، خاصة بالنسبة لأولئك العاملين في الوظائف والمهن المختلفة الذين
يشكلون شريحة واسعة وقطاعاً كبيراً من مجتمعاتهم؟ وكيف يمكن ضمان حقوقهم وعدم
الافتئات على حرياتهم، إذا زعمت السلطة الرئاسية أو غيرها من الجهات التأديبية
التي تتولى الرقابة والحكم على تصرفاتهم وأعمالهم، أنّ فعلاً أو سلوكاً ما يُعدّ
مخالفة أو جريمة تستوجب العقاب والتأديب؟






وسنتولى في هذا البحث
دراسة هذه المسائل والإجابة عمّا تطرحه من تساؤلات بأسلوب تحليلي مقارن في ثلاثة
مباحث على النحو التالي :



المبحث الأول : طبيعة
المخالفة التأديبية وصعوبات تحديدها وحصرها تشريعياً.



المبحث الثاني : الأثر
المترتب على صعوبة حصر وتحديد المخالفات التأديبية .



المبحث الثالث : موقف
الفقه في تقنين المخالفات التأديبية .






المبحث الأول : طبيعة
المخالفة التأديبية وصعوبات تحديدها تشريعياً



باستقراء تعريفات
الفقه والقضاء الهادفة إلى تحديد المقصود بالجرم التأديبي، يتضح لنا أن هذا النوع
من الجرائم أو المخالفات يتسم بطبيعة خاصة ينفرد بها. لذا نجد المشرّع يعرض
لتقنينها بأسلوب مغير لما هو متبع في تحديد وحصر الجرائم المنصوص عليها في قانون
العقوبات، وذلك نظراً للصعوبات التي يواجهها في المجال التأديبي، وسنتناول بيان
ذلك في مطلبين.






المطلب الأول :
الطبيعة الخاصة للمخالفة التأديبية



يرى معظم الفقهاء([12])
أن للمخالفة التأديبية طبيعة خاصة تميزها عن سواها من الجرائم والمخالفات، وآية
ذلك أنها تستعصي على الحصر، مما يعني أنّه يصعب على المشرع تعدادها وتحديدها بصورة
حاسمة. وتتضح هذه الحقيقة باستعراض نصوص القوانين والأنظمة التي تحكم شؤون
الموظفين، وما ماثلها من التشريعات المنظمة لشؤون طائفة أو مهنة معينة، حيث لم يقم
المشرع بتحديد وحصر جميع الواجبات والمحظورات الوظيفية أو المهنية، والتي يُعدّ
الخروج عليها جريمة أو مخالفة تأديبية. فمن الملاحظ أنه يلجأ أحياناً إلى استعمال
ألفاظ ومصطلحات تتسم بالغموض وتحتمل العديد من المعاني، وعلى سبيل المثال فإن نظرة
فاحصة لنصوص نظام الخدمة المدنية الأردني رقم (1) لسنة 1998([13])
تؤكد هذا المنهج؛ فقد جاء في صدر المادة (43)
أن : "الوظيفة العامة مسؤولية وأمانة أخلاقية، تحكمها وتوجه مسيرتها
مصادر القيم الدينية والوطنية والقومية والحضارية العربية، والموظف هو وسيلة
الدولة في أدائها لدورها وتحقيقاً لهذا الدور على الموظف الالتزام بما يلي .........."وقد أورد النصّ تعداداً
للواجبات الوظيفية في سبع فقرات. وسنكتفي بذكر نص كل من الفقرتين (ب،ج) من هذه
المادة. فقد جاء نص الفقرة (ب) على النحو الآتي :



"أن يتصرف – أي موظف
– بأدب وكياسة في صلاته برؤسائه ومرؤوسيه وزملائه، وفي تعامله مع المواطنين، وأن
يحافظ في جميع الأوقات على شرف الوظيفة وحسن سمعتها"، أما الفقرة (ج) فقد نصت
على "أن يؤدي واجباته بدقة ونشاط وسرعة وأمانة، وينفذ أوامر رؤسائه
وتوجيهاتهم...".






وعلى الرغم من أن
المشرّع قد اتجه إلى تعداد واجبات الموظف العامّة، فإننا نلاحظ بأن صياغة هذه
الفقرات جاءت بعبارات عامة ينقصها الوضوح، وأحياناً تخلو من التحديد الدقيق لما
تتطلبه من التزامات ([14]).
فما هي حدود السلوك الذي يتصف بالأدب والكياسة، وهل يُعدّ طرح الرأي بجرأة
وموضوعية خروجاً على هذه الحدود؟ والأهم من ذلك ماذا يعني النص: "على أن
يحافظ الموظف في جميع الأوقات على شرف الوظيفة وسمعتها"؟






وإذا كان من الممكن أن
نتصور صعوبة مطالبته الالتزام بذلك داخل وخارج نطاق عمله الوظيفي، فإن التساؤل
يثور أيضاً حول تحديد المقصود بمصطلحي : شرف الوظيفة، وحسن سمعتها، وما هي الأعمال
التي يمكن اعتبارها إخلالاً بالشرف أو السمعة؟






ولا ريب بأنّ الباب
يبقى مفتوحاً أمام الرؤساء والجهات المختصة لتقدير تلك الأفعال والتصرفات. وكذلك
الحال بالنسبة لمضمون الفقرة (ج) فضرورة القيام بالعمل بدقة ونشاط وسرعة وأمانة،
هي مصطلحات تحتمل كثيراً من المعاني والتفسيرات .






كما تنطبق هذه
الملاحظات على صياغة المشرع الأردني للمحظورات الوظيفية التي ورد النص عليها في
المادة (44) من النظام المذكور، فقد جاء
فيها : "يحظر على الموظف تحت طائلة المسؤولية التأديبية الإقدام على أي من
الأعمال التالية.... معدداً إياها في سبع فقرات أيضاً. وعلى سبيل المثال فقد تكرر
ذكر مصطلح استغلال الوظيفة في الفقرتين (ج، و) من هذه المادة، وهو تعبير فضفاض
يتصف بالإبهام وعدم الوضوح.






وبناء على ما سبق ذهب
غالبية الفقه إلى القول بعدم إمكانية تحديد وحصر المخالفات التأديبية بصورة جامعة
مانعة، وبالتالي عدم خضوعها لمبدأ : لا جريمة بغير نص، إذ يكفي أن يرتكب الموظف أو
العامل فعلاً يُعدّ مخالفاً لمقتضيات الوظيفة أو المهنة التي ينتسب إليهان سواء
أنص المشرع على تلك المخالفة بعينها أم لم ينص عليها([15]).






ويعلق بعض الفقه على
مسلك المشرع التأديبي وما يمكن استخلاصه من نتائج بقوله :



"إن الأفعال
المكونة للجريمة التأديبية لم ترد على سبيل الحصر، كما هو الشأن في الجريمة
الجنائية، وكل ما ورد في قوانين العاملين هو بيان واجباتهم والأعمال المحظورة
عليهم بصفة عامة دونما تحديد دقيق. غير أنّ عدم وجود نص مجرّم لفعل ما لا يعني أنه
مباح، فهذه الأفعال غير محددة على سبيل الحصر، ولا تخضع لقاعدة لا جريمة بغير نص،
وإنما يجوز لمن يملك سلطة التأديب قانوناً، أن يرى في أي عمل إيجابي أو سلبي يقع
من الموظف ذنباً تأديبياً، إذا كان ذلك العمل لا يتفق مع واجبات وظيفته. وعليه فلا
يمكن حصر الذنوب التأديبية مقدماً"([16])






ويؤكد هذا التوجه
الطبيعة الخاصة التي يتميز بها هذا النوع من المخالفات، فالشائع أنّ المشرّع يحرّم
على الموظف ارتكاب مجموعة من الافعال على وجه التحديد، وفي نفس الوقت يحظر عليه
بنصوص عامة الخروج على واجبات الوظيفة أو الإخلال بكرامتها، أو سلوك ما يعد شائناً
من الأعمال، دون أن يحدد مظاهر هذا الخروج، أو حالات ذلك الإخلال، أو حصر تلك
الأفعال.






ويستخلص من هذا
الأسلوب أن المخالفات التأديبية لا يمكن حصرها سلفاً بأفعال محددة. وعليه فإنّ
القانون الإداري لا يأخذ بمبدأ شرعية المخالفة، الذي يوجب تحديد كافة الافعال،
التي يؤدي ارتكابها إلى تقرير المسؤولية على سبيل الحصر بنصوص قاطعة([17]).






ولعل الطبيعة الخاصة
للمخالفة التأديبية وما تمخض عنها من النتائج التي ظهرت جلية في مسلك المشرع، كانت
السبب الذي حدا ببعض الفقه إلى معالجة هذا الموضوع تحت عنوان :"غياب تطبيق
مبدأ شرعية الجريمة) في المجال التأديبي([18]).






وفي المقابل يرى جانب
آخر من الفقه أنّ مبدأ المشروعية يُعدّ ركناً من أركان المخالفة او الجريمة
التأديبية، مع اعترافه بالصعوبات التي تواجه تطبيق هذا المبدأ. و حجتهم أنه إذا
كان القانون التأديبي لا يتقيد بمبدأ الشرعية حسب مفهومه الجنائي، إلا أنّ ذلك لا
يعني عدم الخضوع لقاعدة شرعية الخطأ التأديبي. فالشرعية هنا تأخذ لونا مختلفاً
يتفق مع طبيعة القانون التأديبي، بحيث تتنوع مصادر الركن الشرعي بصورة تنسجم مع
واجبات الوظيفة ومقتضياتها([19]).






ويخلص أنصار هذا الا
تجاه إلى القول :



"لذلك لا نتردد
في الأخذ بالرأي القائل بلزوم الركن الشرعي لقيام الخطأ التأديبي، أما الرأي
المخالف فلا يخلو من المغالطة التي جاءت نتيجة عدم الاعتراف بالطبيعة المميزة
لمفهوم الشرعية هنا والذي يختلف عن مسألة حصر الأخطاء التأديبية أو عدمه. فمبدأ
الشرعية يعني خضوع الإدارة للقانون، إلا أنّه يخولها في المجال التأديبي سلطة
تقديرية لتحديد ما يعد خطأ تأديبياً، لاعتبارات تتعلق بأوضاع المرافق العامة، وهي
التي تدعو للإبقاء على صفة المرونة، بالقدر الذي يجعل من الإشراف الرئاسي أمراً
مجدياً حسب الظروف الخاصة بكل مرفق"([20]).






ورغم قناعتنا بقوة
الحجج والتبريرات التي استند إليها أصحاب الرأي الأول، وهم غالبية الفقه، للتدليل
وبحق على صعوبة حصر المخالفات التأديبية، إلاّ أنّنا نخالفهم في النتيجة التي
توصلوا إليها، من ناحية إقرارهم بعدم خضوع هذه المخالفات لمبدأ المشروعية، وقولهم
بأنها لا تخضع لمبدأ لا جريمة بغير نص .






فهذا المبدأ ليس
غائباً أو غير مطبق، ولكنه يتسع بالقدر اللازم لشمول كافة الأفعال التي يمكن
وقوعها واحتسابها إخلالاً بمقتضيات الوظيفة أو المهنة. فالأسلوب المتبع أن يتولى
المشرع تعداد معظم الواجبات والمحظورات، ويذكر قسماً منها بألفاظ وعبارات محددة،
لكنه يحتاط ،فيورد أحياناً عبارات عامة تسمح بإدراج ما يمكن أن ينضوي تحت مفهومها
من الأفعال، وهو مضطر لاتباع هذا الأسلوب الذي تقتضيه طبيعة هذه المخالفات.






وقد اعترف القضاء
الإداري بهذه الخصوصية التي تتصف بها المخالفات التأديبية، فبعد أن تؤكد المحكمة
الإدارية العليا ضرورة التزام الموظف بالواجبات التي تنص عليها القوانين، تضيف
قائلة:



"إن الأخطاء
التأديبية قد ترتكب في أثناء القيام بالوظيفة أو بمناسبة أدائها، وذلك بمخالفة ما
تفرضه من واجبات إيجابية أو نواه، يستوي في ذلك أن ترد هذه الواجبات في نصوص صريحة
أو تفرضها طبيعة العمل الوظيفي"([21]).













([1]
) الطماوي، سليمان،
القضاء الإداري، الكتاب الثالث، قضاء التأديب، دار الفكر العربي، القاهرة، 1987، ص
48.







([2]
)A. Plantey : Trite Critique de la function
publique, 1971, 1.G.D.J.Tom.I.p350.






([3] ) جمال الدين، سامي، أصول القانون الإداري، الجزء
الأول
، دار المطبوعات الجامعية،
الاسكندرية، 1996، ص 368.







([4] ) عبد الهادي، بشار،
دراسات وأبحاث في الإدارة العامة والقانون الإداري، الطبعة الأولى، دار الفرقان
للنشر والتوزيع، عمان، 1983، ص 37.







([5]
)C.E.4.7.1947. Dame Ricou, Rec. P.298 .






([6]
) إدارية عليا، حكمها بتاريخ 22/5/1965، مجموعة
المبادئ القانونية، س10، ص 1405.







([7]
) إدارية
عليا، حكمها بتاريخ 28 ديسمبر 1968، مجموعة المبادئ القانونية، س 13، ص 165.







([8]
) عدل عليا،
رقم 62/71، مجلة نقابة المحامين، لسنة 1972، العددان (7 ، Cool ص 1977 أيضاً عدل
عليا رقم 76/97، تاريخ 28/6/97، غير منشور، أشار إليه: كنعان، نواف، القضاء
الإداري في الأردن، دار النشر بدون، الطبعة الأولى، عمان، 1999، ص 143.







([9]
) نجم، محمد
صبحي، قانون العقوبات، القسم العام، الطبعة الثانية، مكتبة دار الثقافة للنشر
والتوزيع، عمان، 1991، ص 17-
19.






([10]
) السراج،
عبود، قانون العقوبات، القسم العام، الطبعة السابعة، منشورات جامعة دمشق، 1994، ص
67-70.







([11]
)Chapus,
Rene: Droit administratif. General. Tome 2. 10 edetion Montcherstien. 1997, pp.
306-308.






([12]
) جمال
الدين، سامي، أصول القانون الإداري، ج1، ص 366.
وياقوت، محمد ماجد، أصول التحقيق الإداري في المخالفة التأديبية، دراسة
مقارنة، منشأة المعارف بالاسكندرية، 2000، ص 38 .







([13]
) نشر هذا
النظام في الجريدة الرسمية، عدد 4257، تاريخ 26 كانون الثاني، 1998. تجدر الإشارة إلى أنه بعد الانتهاء من تحكيم
هذا البحث وخلال فترة إعادة طباعته صدر نظام الخدمة المدنية الجديدة رقم 55 لسنة
2002. الجريدة الرسمية، عدد 4550، تاريخ
4/6/2002.







([14]
) وهذا هو مسلك المشرع المصري والفرنسي، راجع نصوص
قانون العاملين بالدولة، المصري رقم (47) لسنة 1978. وكذلك القانون الخاص بحقوق وواجبات الموظفين في
فرنسا رقم (634) لسنة 1983. وقد علّق على
بعض نصوص هذين القانونيين: بركات: عمر فؤاد، مبادئ القانون الإداري، شركة سعيد
رأفت للطباعة، القاهرة، 1985، ص 320.







([15]
) عبد
الرحمن، حمدي، المركز القانوني للعاملين بالقطاع العام وقطاع الأعمال، دراسة
مقارنة، دكتوراة، جامعة عين شمس، 1994، ص 123.
وعلي، يحيى قاسم، ضمانات تأديب الموظف العام (في تشريعات اليمن، العراق،
مصر، فرنسا) مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 1999، ص 51. والملط، محمد جودت، المسؤولية التأديبية للموظف
العام، دكتوراة، جامعة القاهرة 1967، ص (87 ، 93) . ويشير إلى :
Auby et Drago: Traite de conteintieux Administratif. Paris. 1962.p. 131






([16]
) الحلو، ماجد، القضاء الإداري، دار المطبوعات
الجامعية، الاسكندرية، 1985، ص (542-543).
وبنفس المعنى أنظر أيضاً : الظاهر، خالد خليل ، القانون الإداري دراسة
مقارنة ، الكتاب الأول، الطبعة الأولى، دار المسيرة للنشر والتوزيع، عمان، 1998، ص
243.







([17]
) جمال
الدين، سامي، أصول القانون الإداري، ج1، ص 366-367.







([18]
) شطناوي،
علي خطار، مبادئ القانون الإداري الأردني، الكتاب الثالث، الوظيفة العامة، منشورات
الجامعة الأردنية، عمان، 1993، ص 290.







([19]
) عصفور،
محمد، الخطأ التأديبي، بحث منشور في مجلة إدارة قضايا الحكومة، 1962، عدد (1) ، ص
90. عثمان، محمد مختار محمد، الجريمة
التأديبية بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة، دكتوراة، جامعة عين شمس، دار
الفكر العربي، القاهرة، 1973، ص 208، البنداري، عبد الوهاب، الجرائم الجنائية
والتأديبية للعاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام، دار الفكر العربي، القاهرة،
1970/1971، ص 14.







([20]
) العتوم،
منصور، المسؤولية التأديبية للموظف العام، مطبعة الشرق ومكتبتها، عمان، 1984، ص
101.







([21]
) إدارية
عليا، حكمها بتاريخ 22/5/1965، مجموعة المبادئ القانونية، س10، ص 1405.

descriptionطبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية   هاني علي الطهراوي (*) Emptyرد: طبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية هاني علي الطهراوي (*)

more_horiz
المطلب الثاني :
الصعوبات التي تواجه المشرّع في تحديد وحصر المخالفات التأديبية



يمكن تلخيص الأسباب
والمبررات التي تضفي على المخالفة التأديبية طابعاً خاصاً، بحيث يتعذر على المشرع
تعدادها وحصرها على النحو التالي :



أولاً: اتساع نطاق هذا
النوع من المخالفات



إن تعدد وتنوع
الواجبات والمحظورات الوظيفية، وتشعبها الهائل، يجعل مهمة المشرّع في سعيه
لتحديدها وحصرها أمراً عسيراً، وعليه فإن تحديد كافة المخالفات الإيجابية والسلبية
التي يستحق فاعلها العقاب والتأديب ليس بالأمر اليسير، نظراً لارتباطها بمقتضيات
الوظائف المختلفة والمهن المتنوعة، وهي التي يصعب الإحاطة بكافة جوانبها
وتفصيلاتها، بل إنها ترتبط بصورة أدق بطبيعة العمل ذاته الذي تختلف متطلباته
باختلاف المراكز الوظيفية([1])
.






وتظهر المحاولات
العديدة التي بذلت لتصنف هذا النوع من المخالفات، ومدى تباينها واتساع نطاقها. فقد
ذهب بعض الفقه إلى تقسيمها بناء على طبيعة الخطأ المرتكب إلى نوعين :



1. مخالفات إدارية : وتشمل الأفعال التي تتضمن الخروج على
مقتضى الواجب الوظيفي وخاصة ما هو منصوص عليه في القوانين واللوائح والتعليمات
المختلفة وأوامر الرؤساء.



2. مخالفات مالية : وتتضمن الإخلال بالقواعد والأحكام
المالية المقررة، وكذلك كل إهمال أو تقصير يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية،
أو من شأنه أن يؤدي إلى ذلك، كما تتنوع مصادر هذه المخالفات فقد تكون مخلفات
دستورية، أو قانونية، أو لائحية([2]).






ويمكن إضافة أنواع
أخرى لهذا التقسيم كالمخالفات المسلكية أو الأخلاقية التي من شأنها الإخلال بسمعة
الموظف أو كرامة الوظيفة . بينما يرى جانب آخر من الفقه تقسيم المخالفات التأديبية
من حيث مضمونها إلى ثلاثة أنواع: فهي إما أن تتعلق بالعمل ويطلق عليها المخالفات
ذات الطابع المهني، وإما أن تكون ذات طابع سياسي، وأخيراً المخالفات ذات الطابع
الأخلاقي. ثم يعود لبيان أصناف كل نوع منها([3]).






وتأسيساً على ذلك لجأ
المشرّع في بعض الدول كمصر على سبيل المثال، إلى وضع لوائح تتضمن تصنيفاً لأنواع
المخالفات التأديبية، حيث تولى تقسيمها بموجب هذه اللوائح إلى المجموعات الآتية :



-
مخالفات تتعلق
بمواعيد العمل .



-
مخالفات تتعلق
بأداء الواجبات الوظيفية .



-
مخالفات تتعلق
بنظام العمل، مخالفات تتعلق بالسلوك .



-
مخالفات تتعلق
بالوحدة الوطنية والسلم العام([4]).



ويتضح من هذه
المحاولات التي بذلها الفقه أو ذكرها المشرع لتقسيم الواجبات الوظيفية، مدى ما
تتصف به من تعدد وتنوع. ومن جهة أخرى تزداد صعوبة حصر المخالفات التأديبية؛ نظراً
لأن الواجبات الوظيفية تلتقي وتتشابك مع القواعد والمبادئ التي تحكم سير المرافق
العامة. وأهمها : مبدأ دوران سير المرفق العام بانتظام واطراد، ومبدأ المساواة
أمام المرافق العامة، ومبدأ المساواة أمام المرافق العامة، ومبدأ قابلية قواعد
المرفق العام للتبديل والتغيير. لذا فإن جميع الأفعال أو الأخطاء التي تنطوي على
إخلال مباشر أو غير مباشر بأي من هذه المبادئ تُعدّ مخالفات تأديبية([5]).



وبناءً عليه فإن مهمة
المشرّع في تحديد هذه الأفعال وتعدادها على وجه الدقة، تبدو مهمة شاقة وعسيرة،
تعتريها الكثير من الصعوبات، ويتعذر القيام بها على الوجه الأمثل. ونظراً لتعدد وتنوع
الواجبات والمحظورات بل واختلافها باختلاف طبيعة الوظائف والأعمال والاختصاصات،
ذهب بعض الفقه إلى التعلق على هذه الصعوبات بقوله :



"إن ما يعد خطأً
تأديبياً يسأل عنه أحد كبار الموظفين المشاركين في إعداد السياسة العامة للدولة،
أو أحد القضاة أو أحد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، قد لا يُعدّ كذلك بالنسبة
لموظفي التنفيذ. لهذا يتعين تقدير المخالفات المسلكية في كل حالة على حدة حسب
طبيعة الوظيفة وموقعها في السلم الإداري، والمحيط الاجتماعي الذي ارتكبت فيه تلك
الأفعال. وهكذا ينبغي مراعاة كافة الاعتبارات السابقة عند تكييف الأفعال التي
يقترفها الموظف. ويعني ذلك تعدد المخالفات المسلكية بشكل غير متناه، مما يعد عقبة
حقيقية تحول دون تطبيق مبدأ شرعية الجرائم التأديبية([6]).






بل لقد وصل الأمر إلى
احتساب العديد من الأفعال التي تقع من الموظف في حياته الخاصة وخارج نطاق العمل
الوظيفي مخالفات تأديبية، إذا كانت تؤثر على سمعته أو على كرامة المرفق الذي يعمل
فيه : "ويستوي أن يكون الفعل المكون للمخالفة التأديبية متصلاً بأعمال وظيفته
أو غير متصل بها وإنما يتعلق بحياته الخاصة. وبصرف النظر عما إذا كان الفعل يعد من
الجرائم المخلة بالشرف أم لا؟.






ومما قضى به مجلس
الدولة الفرنسي في طعن إحدى النقابات المهنية (لجنة الدفاع عن الحريات المهنية
للمحاسبين الخبراء):



"على كل عضو
بالنقابة، الامتناع حتى خارج نطاق ممارسة مهنته، عن أي عمل من شأنه أن يفقد المهنة
اعتبارا..، وأن مهمة النقابة في السهر على مستوى المهنة تتضمن سلطة حظر أي فعل أو
عمل من شأنه المساس بهذا الاعتبار ولو تعلق بالحياة الخاصة لأعضاء المهنة"([7]).






ومثال ذلك الفضائح
المتعلقة بسمعة الموظف، والعلاقات الجنسية غير المشروعة أو المشاركة في عمليات
التهريب([8])
ومن هذه الأفعال أيضاً شرب الخمر ولعب القمار، وكذلك فإن جريمة تبديد الموظف
لأموال زوجته بصورة منتقدة لا تعد من الجرائم المخلة بالشرف؛ إلا أنها قد تكون
ذنباً إدارياً يُسوغ مؤخذاته تأديبياً، لأن هذا التصرف بحد ذاته يُعدّ سلوكاً
معيباً ينعكس أثره على سمعة الوظيفة أو يمس اعتبار شاغليها([9]).
كما أحتسبت محكمة العدل العليا التحرش بالنساء والفتيات، دليلاً على سوء السلوك
ومخالفة مسلكية تستوجب العقاب التأديبي، نظراً لما تنطوي عليه هذه الأفعال، من
إخلال بحسن السمعة والأخلاق الحميدة، التي يجب أن يتحلى بها الموظف([10]).






ولا شك بأن الحكم على
الأفعال والتصرفات بهذه الطريقة التي تؤدي إلى توسيع نطاق ما يعد مخالفات أو جرائم
تأديبية، يُعدّ خروجاً على مبدأ شرعية الجريمة المقررة في قانون العقوبات، والمعبر
عنه بقاعدة لا جريمة إلا بنص، وهي من القواعد الأساسية في التشريع الحديث([11]).






لذا يمكن القول بأن
الجرائم التأديبية بخلاف لجرائم الجنائية ليست محددة على سبيل الحصر، فمن الصعب
تعداد كافة الواجبات وتقنينها على وجه الدقة نظراً لكثرتها وتشبعها وتنوعها .






ثانياً: صعوبة الوصف
والتحديد اللغوي الدقيق للواجبات الوظيفية



إن الصياغة اللغوية
المحكمة للقواعد القانونية بعبارات واضحة ودقيقة، تؤدي إلى تحديد مضمونها وفهم
فحواها من قبل المخاطبين بأكمها، مما يعينهم على أداء الواجبات المنوطة هم واجتناب
الافعال المحظورة عليهم.






وتزداد الأهمية لهذا
التحديد التشريعي في مجال التجريم، ونعني به في هذا المقالم المجال التأديبي
باستعمال ألفاظ محددة المعاني، فالأشخاص الذين يعملون في الوظائف والمهن المختلفة
بهم بأمس الحاجة إلى ذلك، نظراً لما يحققه هذا التحديد القانوني من ضمانات جوهرية
تحميهم من تعسف الرؤساء الإداريين في الحكم على سلوكهم وتصرفاتهم وتكييف أفعالهم،
بأنها تعد مخالفات أو جرائم تستوجب التأديب .






إن وصف الأفعال
الخاطئة التي تعتبر مخالفات تأديبية على نحو دقيق أمر بعيد المنال وهو على أهميته
يبدو متعذراً إن لم يكن مستحيلاً على صعيد التنفيذ والتحقق، وخاصة من حيث صياغة
القواعد التشريعية، قانوناً كان أو نظاماً([12]).
فالمصطلحات والنصوص المتعلقة بتحديد واجبات الموظفين غالباً ما يشوبها الغموض، لأن
كثيراً من الألفاظ والتعابير المستعملة في مجال التأديب لا تزال غير محددة، وغير
واضحة المعنى .



وعلى سبيل المثال فإن
الواجب الأول للموظفين وعمال الإدارة، وهو الذي لا يمكن وضعه في نص قانوني جامد،
بل يجب أن يكون محفوراً في قلوبهم، وحاضراً في خواطرهم، يتلخص في أنهم ملزمون من
قبل الدولة والمجتمع، بالإخلاص المطلق غير المحدود في أداء واجباتهم. ويستدعي ذلك
أن يضعوا تحت تصرف الدولة والمجتمع، بالإخلاص المطلق غير المحدود في أداء واجباتهم.
ويستدعي ذلك أن يضعوا تحت تصرف الدولة والمجتمع، جميع أوقاتهم وملكاتهم ومعارفهم،
وأن يتحرروا من كل غرض شخصي وأن يراعوا منتهى الدقة والأمانة في تصرفاتهم. وأن يفضلوا
المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، مع مراعاة اعتبارات الشرف في حياتهم الخاصة
والعامة. فكيف يمكن صياغة هذه الواجبات شبه الأخلاقية في قوالب قانونية جامدة؟ ([13])






لا شك بأن الإجابة
ستكون بالنفي، فمن العسير على المشرع ترجمة واجبات الموظف وصياغتها بألفاظ وعبارات
محددة، وأحكام قانونية منضبطة كواجب الولاء الوظيفي، والمحافظة على شرف المهنة،
وكرامة الوظيفة، أو القيام بالعمل بدقة وأمانة وإخلاص .






إن ذكر مثل هذه
الواجبات بهذا الأسلوب المرن وهذه الصياغة اللغوية الفضفاضة، يعني أننا نقف أمام
عقبة كأداء، وأن هذه المخالفات تستعصي على الحصر والتحديد، ويظهر ذلك من الغموض
الذي يشوب النصوص التشريعية التي تتعرض لبيان أو تعداد هذه الأفعال، وبالتالي يصعب
إعطاؤها مفهوماً واضحاً ومعنى محدداً.






"ويعد الغموض
وعدم تحديد العديد من الواجبات أو المحظورات الوظيفية، عقبة حقيقية تحول دون تطبيق
مبدأ شرعية الجريمة في الميدان التأديبي. وقد أتيحت الفرصة عدة مرات لمجلس الدولة
الفرنسي لإبداء الرأي حول مخالفة واجب التحفظ الذي يلتزم به الموظفون عند التعبير
عن آرائهم السياسية. ومع أن هذا الواجب يتصل بحرية التعبير عن الرأي إلا أن مجلس
الدولة فصل في هذه الحالات استنادا إلى معايير مختلفة واعتبارات متباينة يمكننا
وصفها بأنها اعتبارات نسبية([14]).






وهكذا يبدو جلياً أن
المشرع يواجه العديد من الصعوبات في المجال التأديبي، بعضها يتعلق بتعدد الأفعال
التي تعدّ مخالفات تأديبية وتنوعها، فهي على درجة كبيرة من الاتساع، بحيث يصعب
الإحاطة بكافة جوانبها وتفصيلاتها. والبعض الآخر يتصل بالصياغة القانونية أي
التعابير والمصطلحات اللغوية المستعملة لوصف الواجبات والمحظورات الوظيفية
والمهنية، وتعذر تحديد المقصود بها على وجه الدقة بعبارات واضحة وألفاظ منضبطة، لا
تحتمل التأويل أو الاختلاف في تفسيرها وبيان معانيها.



المبحث الثاني : الأثر
المترتب على صعوبة حصر وتحديد المخالفات التأديبية



يجمع الفقه على أن
الأثر الناجم عن عجز المشرع عن تحديد الجرائم التأديبية وحصرها، يتجلى في منح سلطة
التأديب القدرة على القيام بدور فعّال لتقدير تصرفات موظفيها، فيما إذا كانت تشكل
ذنباً تأديبياً أم لا ([15]).
ولا ريب بخطورة هذا الأمر، لذا لا بد من قيام السلطة القضائية بمراقبة هذه السلطة
التقديرية الواسعة التي يمارسها الرؤساء الإداريون وهيئات التأديب. وسنعرض لدراسة
ذلك في مطلبين.






المطلب الأول : تمتع
السلطات التأديبية بسلطة تقديرية واسعة



إنّ الإقرار بالطبيعة
الخاصة للمخالفة التأديبية، وهي المتمثلة بتعذر تعدادها وحصرها تشريعياً بشكل جامع
مانع، يقودنا إلى نتيجة منطقية تتلخص في إفساح المجال أمام السلطة الإدارية،
لتقدير وتكييف سلوك موظفيها وعمالها([16])،
والحكم على ما يصدر عنهم من أفعال إيجابية أو سلبية على النحو الذي تراه مناسباً،
مما يُعدّ خروجاً على مبدأ المشروعية في مجال التجريم والعقاب.






وبهذا المعنى يقول
الدكتور الطماوي "ما دام أن المشرع لم يحصر الأعمال الممنوعة على الموظفين
والتي تكون جريمة تأديبية فإن تحديد هذه الأعمال متروك لتقدير الجهات التأديبية
سواء أكانت جهات رئاسية أم جهات قضائية"([17]).






كما يقر القضاء
الإداري بسلطة الإدارة التقديرية في هذا المجال، وحقها في الحكم على تصرفات عمالها.
ومما قضى به مجلس الدولة الفرنسي : "أن المخالفة التأديبية لا تخضع لمبدأ لا جريمة
بغير نص، لذا يجوز للسلطة الإدارية المختصة تقدير ما إذا كان الفعل الذي اقترفه
الموظف يُعدّ مخالفاً لواجباته الوظيفية"([18]).






كما قضت المحكمة
الإدارية العليا في مصر بأنه: "يجوز لمن يملك سلطة التأديب أن يرى في أي عمل
إيجابي أو سلبي يقع من الموظف عند مباشرة أعمال وظيفة ذنباً تأديبياً، إذ كان ذلك
العمل لا يتفق مع واجبات وظيفته"([19]).



وعلى هذا النهج سارت
محكمة العدل العليا في الأردن، فقد جاء في حكمها الصادر بتاريخ 10/10/1998 قولها:
"من حق الإدارة إحالة أي موظف إلى الملاحقة التأديبية إذا نُسبت إليه افعال
أو تصرفات تستدعي المساءلة التأديبية، ويدخل هذا الحق في إطار الصلاحيات التقديرية
للسلطة الإدارية"([20]).




ونبادر إلى القول بأن السلطة التقديرية التي تمارسها سلطة التأديب ليست مطلقة من
كل ضابط أو قيد، بل يجب أن يكون الفعل المنسوب للشخص المعني منطوي على خطأ معين
بحيث يمكن احتسابه إخلالاً بواجب أو محظور وظيفي أو مهني. أي أن سلطة التقدير في
المجال التأديبي ليست سلطة تحكمية، بل تخضع لضوابط معينة حتى لا تقضي إلى تغول
الإدارة وافتئاتها على حقوق موظفيها وعمالها وحرياتهم .






ولذا يثار التساؤل عن
حدود هذه السلطة، وهل يكفي مجرد الادعاء بأن الشخص قد ارتكب مخالفة تخل بواجباته؟
ويجيب الفقه على ذلك بقوله : "مهما كانت حرية السلطة الإدارية في تقديرها
لعناصر الجريمة التأديبية، فإنها ملزمة بأن تستند في هذا التقدير إلى وقائع معينة
ارتكبها الموظف"([21]).
الأمر الذي يقتضي قيام جهة محايدة ومستقلة بالتحقق من صحة وسلامة هذا التقدير .






المطلب الثاني :
الرقابة القضائية على سلطة التأديب التقديرية



تضطلع المحاكم
الإدارية بولايتها واختصاصها في الرقابة على السلطة التقديرية التي تمارسه السلطات
الإدارية التأديبية سواء من ناحية الوجود المادي للوقائع، أو تكييفها لهذه
الأفعال، إضافة إلى رقابتها على مدى تناسب الجزاء مع الجرم المقترف، وبيان ذلك على
النحو الآتي :



أولاً: رقابة القضاء
الإداري على الوجود المادي للوقائع .



ويقصد بذلك وقوع فعل
إيجابي أو سلبي على خلاف ما يقضي به الواجب الوظيفي ويشترط ظهور السلوك أو التصرف
الذي يأتيه الموظف إلى حيز الواقع، "أما مجرد التفكير أو النوايا فلا يُعدّ
مخالفة تأديبية، إذا بقيت هذه الأفكار حبيسة في الصدر ولم تترجم إلى أعمال تبرز
إلى الوجود"([22]).




ويتحقق السلوك الإيجابي بقول أو فعل، كالتعدي على الرؤساء أو تجريحهم والطعن
بكرامتهم، أو تمزيق السجلات أو الوثائق، أو اختلاس أموال المرفق العام.






أما السلوك السلبي
فيتحقق بامتناع الموظف عن أداء عمله أو عدم القيام بواجبه، كالتغيب وعدم الحضور في
أوقات الدوام، أو عدم دفع المستحقات المادية المؤتمن عليها لأصحابها. وعلى هذا
الأساس لا يكفي ادعاء أو زعم سلطة التأديب بأن الموظف قد ارتكب فعلاً يخل بواجبات
وظيفته أو اتهامه بأنه قد تصرف بصورة شائنة، بل يجب أن يكون الفعل أو التصرف
محدداً وواضحاً([23]).
أما توجيه اتهام عام أو مبهم للموظف دون بيان الفعل أو المخالفة التي أتاها، فلا
يُعدّ مكوّناً للركن المادي للخطأ الوظيفي.






ويؤكد القضاء الإداري
على ضرورة تحديد الوقائع وعدم الاكتفاء بالتعميم، فقد قرر مجلس الدولة الفرنسي في
قضية (
Berard) "أن مجرد الطعن بالسلوك العام للموظف سواء كان
هذا السلوك مهنياً أو أخلاقياً، دون تحديد ماهية هذا السلوك، لا يُعدّ مبرراً
لإيقاع العقاب"([24]).






وفي حكمه في قضية (Bensalah Mohammed) رفض الاعتراف بشرعية العقوبة المستندة إلى تصرفات الموظف،
لعدم ذكر وقائع معينة([25]).






ومن أحكام القضاء
الإداري المصري نشير إلى حكم محكمة القضاء الإداري المصري الصادر بتاريخ 25 نوفمبر
1953 فقد جاء فيه : "لكي تكون ثمة جريمة تأديبية تستوجب المؤاخذة وتستأهل
العقاب، يجب أن يرتكب الموظف فعلاً يُعدّ إخلالاً بواجبات وظيفته أو مقتضياتها،
وهو ما قررته المحكمة الإدارية العليا في قضية الموظف الذي كان يعمل حارساً بحديقة
الأزبكية، إذ تقول :



"يتعين لإدانة
الموظف أو العامل ومجازاته إدرياً أن يثبت أنّه قد وقع منه فعل إيجابي أو سلبي
محدد...، فإذا انعدم ذلك فلم يقع منه أي إخلال بواجبات وظيفته أو الخروج على
مقتضياتها، فلا يكون ثمة ذنب إداري"([26]).






وتؤكد محكمة العدل
العليا في كثير من أحكامها على خضوع الوقائع المكونة للركن المادي للمخالفة
التأديبية لرقابتها، فقد قضت في حكمها الصادر بتاريخ 21/9/1994:



"إن القرار
الصادر عن المجلس التأديبي بالاستغناء عن خدمات الموظف، لإصراره وباستمرار على عدم
تنفيذ أوامر رؤسائه والقيام بالعمل الذي انتدب له، يشكل مخالفة مسلكية صريحة
لأحكام المادة (42) من نظام موظفي جامعة العلوم والتكنولوجيا"([27])
.



كما قضت بأنه:
"يتبين من أوراق الدعوى، أن المستدعي كان يعمل معلماً بوزارة التربية والتعليم،
وقد فرضت عليه العقوبات التأديبية بسبب تأخره عن الدوام الرسمي بشكل مستمر ومغادرة
العمل قبل نهاية الدوام، وتلاعبه بتسجيل أوقات الدوام..." ([28]).






وفي حكمها الصادر
بتاريخ 24/11/1998 تقرر أيضاً: "أن ثبوت ارتكاب الموظف المستدعي لمخالفات
تمثلت في قبوله كشف التقدير الذاتي من المكلف دون طلب قسائم معلومات، ودون دراسة
الملف، يشكل مخالفة مسلكية، تستوجب توجيه الإنذار له"([29]).






وتخلص المحكمة إلى
ضرورة ارتكاب الموظف لأفعال معينة ووقائع محددة تستوجب العقاب حتى يمكن القول
بوقوع مخالفة تأديبية، أو على حد تعبيرها (مخالفة مسلكية). لذا نجدها تقرر بعبارة
واضحة وصريحة في حكمها الصادر بتاريخ 22/4/1999 بأنه : "لا يجوز توقيع العقاب
على الموظف إلا إذا كانت الوقائع المنسوبة إليه تشكل بحد ذاتها مخالفة
مسلكية"([30]).






نستنتج من هذه الأحكام
بأنه لا بد من وقوع فعل معين يُعدّ إخلالاً بالواجبات الوظيفية أو مقتضياتها، أما
النعوت المرسلة والاتهامات العامة فلا يعوّل عليها للقول بوقوع مخالفة تأديبية. وبناء
عليه : "لا بد من وجود السبب في القرار التأديبي الذي يتمثل في مخالفة واجبات
الوظيفة أو الخروج على مقتضاها. وتلتزم الإدارة بأن يكون لقرارها التأديبي سبب
صحيح، إذ أنّ سلطتها مقيدة في هذا الشأن، وتخضع لرقابة القضاء"([31]).













([1]
) الطماوي،
سليمان، القضاء الإداري، ص 93-95



Deleperee, francis: I’elaboration
du droit displinaire de la fonction publique. Paris. 1969.p. 76.






([2]
) ياقوت، محمد ماجد، أصول التحقيق الإداري في
المخالفات التأديبية، منشأة المعارف بالاسكندرية، طبعة 2000، ص40، (الأمثلة على
هذه المخالفات مشار إليها في ص 17 وما بعدها من هذا البحث .







([3]
) الشيخلي،
عبد القادر، النظام القانوني للجزاء التأديبي، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان،
1983، ص 151.







([4]
) دليل
الخدمة المدنية في جمهورية مصر العربية، القاهرة، سنة 1990، انظر : لائحة
المخالفات التأديبية والجزاءات المقررة لها، الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ص
419-427.







([5]
) علي، يحيى
قاسم، ضمانات تأديب الموظف العام، مركز عبدي للدراسات، صنعاء 1999، ص50.







([6]
) شطناوي، علي خطار، مبادئ القانون الإداري، الكتاب
الثالث، ص 305-306







([7]
) C.E.15Juill .1954. Rec.P. 488 ز


أنظر : أحكام
المبادئ في القضاء الإداري الفرنسي، ترجمة أحمد يسري، الناشر منشأة المعارف
بالاسكندرية، 1991، ص 417.







([8]
) شطناوي، علي خطار، مبادئ القانون الإداري، الكتاب
الثالث، 345-346، ويشير إلى عدد من أحكام مجلس الدولة الفرنسي ومنها :
C.E.8.4.1953 R ec. P..368 C.E.20.6.1958.Rec. P. 183 C.E.24.31971.A.J.D.A.1972.P.118.






([9]
) جمال الدين، سامي، أصول القانون الإداري، ج1، ص
369. ويشير إلى حكم المحكمة الإدارية
العليا الصادر بتاريخ 30/6/1973. القضية
رقم 998 لسنة 14 ق، مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة في 15 سنة، ص 3905.







([10]
) عدل عليا،
حكمها بتاريخ 19/3/1980، مجلة نقابة المحامين، 1980، ص 1121 .







([11]
) بركات، عمر
فؤاد، مبادئ القانون الإداري، شركة سعيد رأفت للطباعة، القاهرة، 1985، ص 320.







([12]
) علي، يحيى
قاسم، ضمانات تأديب الموظف العام، ص 50-51.







([13]
) بركات،
عمر، مبادئ القانون الإداري، ص 325، وينسب هذا القول للفقيه الفرنسي
"جيراند" مشيراً إلى اقتباسه من :



Delepree: op.Cit.p.134.






([14]
) شطناوي، علي خطار، مبادئ القانون الإداري الأردني،
ص 308.







([15]
) ياقوت،
محمد ماجد، أصول التحقيق الإداري في المخالفة التأديبية، ص 38-39.







([16]
) الظاهر،
خالد خليل، المرجع السابق، ص 243. أيضاً:
حلمي، محمود، القضاء الإداري، الطبعة الثانية، دار الفكر العربي، القاهرة، 1977، ص
311.







([17]
) الطماوي،
سليمان ، القضاء الإداري، ص 78.







([18]
)C.E.10.3.1919.Berges.
REC.P. 314.


C.E.19.12.1919.Chobeaux.Rec.p.
440.






([19]
) إدارية عليا، حكمها الصادر بتاريخ 11 نوفمبر 1961،
مجموعة المبادئ التي قررتها المحكمة، السنة الساسة، ص 680.







([20]
) عدل عليا، القضية رقم 263/98، مجلة نقابة المحامين، سنة
1999، العددان (1 ، 2) ، ص 58.







([21]
) الطماوي،
سليمان، القضاء الإداري، ص 81-82.







([22]
) راجع: حكم
المحكمة الإدارية العليا، في القضية رقم 642، الصادر بتاريخ 21/5/1958، مجموعة
المبادئ التي قررتها المحكمة، السنة الثالثة، ص 1431.







([23]
) حبيش،
فوزي، الوظيفة العامة، المطبعة البولسية، بيروت، 1986، ص 215 .







([24]
) حكمة
الصادر بتاريخ 9 نوفمبر سنة 1945، المجموعة، ص 226.







([25]
) مجلس
الدولة الفرنسين 8 مارس سنة 1946، المجموعة، ص 416. أشار إلى هذه الأحكام :
الطماوي، سليمان، قضاء التأديب، ص 82.







([26]
) إدارية
عليا، حكمها الصادر بتاريخ 14 نوفيمبر سنة 1964، السنة العاشرة، المجموعة، ص 39.







([27]
) عدل عليا،
167/94، مجلة نقابة المحامين، لسنة 1995، العددان (3 ، 4) ، ص 578.







([28]
) عدل عليا
227/95، تاريخ 18/10/1995، مجلة نقابة المحامين، 1996، العددان (4 ، 5) ، ص 730.







([29]
) عدل عليا
275/98، مجلة نقابة المحامين، 1999، العددان (3 ، 4)، ص 654.







([30]
) عدل عليا،
342/98، المجلة القضائية، (يصدرها المعهد القضائي الأردني)، السنة الثالثة، ذو
الحجة 1419هـ، نيسان (إبريل) 1999، العدد (4) ، ص 694.







([31]
) كنعان،
نواف، بحث بعنوان" تسبيب القرار التأديبي كضمانة أساسية من ضمانات التأديب
الوظيفي" منشور في مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، 1992، المجلد السابع، العدد
(6) ، ص 162.

descriptionطبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية   هاني علي الطهراوي (*) Emptyرد: طبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية هاني علي الطهراوي (*)

more_horiz
ثانياً: رقابة القضاء
الإداري على تكييف الأفعال



لا يكتفي القضاء
بالتثبت من حدوث وقائع معينة تكوّن المخالفة التأديبية، بل يتولى التأكد من صحة
تكييفها القانوني؛ أي الوصف الذي تخلعه الإدارة عليها. فقد قضى مجلس الدولة
الفرنسي" بأن رفض المعلم قبول أكثر من (25) تلميذاً في الفصل لا يعد
إضراباً" ([1]).
وهذا ما فعله القضاء الإداري المصري، فقد رفضت المحكمة الإدارية العليا في كثير من
أحكامها، الاعتراف بصحة التكييف الذي استندت إليه الإدارة، مثال ذلك قولها :



" إن علاقة
العامل (الموظف) برئيسه أساسها التزام حدود الأدب واللياقة وحسن السلوك، وبالتالي
فلا تثريب على الموظف في إبداء رأيه صراحة أمام رئيسه، ما دام لم يجانب ما تقتضيه
وظيفته من تحفظ ووقار، حتى لو كان رأيه مخالفاً لرأي رئيسه"([2]).
وكذلك قولها :



"إنّ تكييف
الواقعة بما يجعلها من الذنوب الإدارية إنما مرجعه إلى تقدير جهة الإدارة، ومبلغ
انضباط هذا التكييف على الواقعة المنسوبة إلى الموظف، هو الخروج على مقتضيات
الواجب الوظيفي، أو الإخلال بحسن السلوك المستأهل للعقاب بوصفه ذنباً
إدارياً"([3]).






وتؤكد محكمة العدل
العليا على حقها في بسط رقابتها ليس على ثبوت الوقائع فقط، بل وعلى (تكييفها)
أيضاً، مثال ذلك حكمها في القضية رقم 125/96، إذ تقرر :



"إنّ مغادرة
الموظف مكان عمله بسبب مرض والدته، بعد أن تقدم بطلب إذن للمغادرة، ثم طلبه
الإجازة عن الفترة التي تغيب فيها شارحاً ظروف مغادرته، لا يُعدّ مخالفة مسلكية
ولا يستدعي في مثل هذه الظروف إيقاع العقوبة بحقه"([4]).






أما حكمها الصادر في
القضية رقم 342/98 فقد جاء فيه: "أنّ محكمة العدل العليا هي محكمة وقائع
ومحكمة قانون، ومن حقها مراقبة العنصر الواقعي من القرار الإداري وأن تتأكد من
ثبوت الواقعة، .. ومن تكييف الفعل المنسوب للموظف، وما إذا كان يشكل ذنباً إدارياً([5]).
وبذات المعنى تقرر في حكمها الصادر في القضية رقم 80/99: "أن مجرد اقتناع رجل
الإدارة بالواقعة لا يحول دون تدخل المحكمة في بسط رقابتها على ثبوت الواقعة، وعلى
تكييف الفعل المنسوب للموظف، إن كان يشكل ذنباً تأديبياً"([6]).






وفي حكمها الصادر
بتاريخ 24/2/2000 أقرت المحكمة بصحة تكييف سلطة التأديب للأفعال التي اقترفها
المحامي المتدرب باعتبارها ماسة بشرف المهنة وسمعتها، ومما جاء في حيثيات هذا
الحكم :



"بما أن المستدعي
كان بتاريخ الشكوى مسجلاً في نقابة المحامين متدرباً، وأنه تفوه بألفاظ نابية بحق
المشتكى تتنافى مع الأخلاق والآداب العامة، كما أقدم على ضرب المشتكي. وحيث إنّ
هذه الأفعال كانت أمام جمع من الناس وفي مكان عام، فإنها تشكل إخلالاً بواجبات
المحامي المنصوص عليها في قانون النقابة والأنظمة الصادرة بموجبه، وفي لائحة آداب
المهنة. ويكون المستدعي بذلك قد ارتكب مخالفة مسلكية تمس شرف المهنة وكرامتها
وتؤثر على سمعتها"([7]).






من هذه الأحكام نستنتج
أنّ محاكم القضاء الإداري، لا تسلم بالوصف أو التكييف القانوني الذي تخلعه السلطات
التأديبية على الأفعال والتصرفات التي يرتكبها الموظفون، بل تخضعه للتمحيص وتبسط
رقابتها عليه للتأكد من صحة هذا التكييف أو عدم صحته.



ثالثاً: رقابة القضاء
الإداري على مدى التناسب بين درة خطورة الذنب والجزاء المفوض ([8]).






إن قيام القضاء
الإداري بالتحقق من ملاءمة العقوبة للخطأ الوظيفي، وأنّ هذه العقوبة غير مشوبة
بالغلو، يشكل ضمانة أخرى لحماية الموظفين من تعدي الإدارة أو طغيانها. ومما قضت به
المحكمة الإدارية العليا في القضية المعروفة بقضية كاتب مهمات السكة الحديد([9]).






"لئن كانت كثرة
الأعمال المعهود بها إلى الموظف، ليس من شأنها أن تعفيه من المسؤولية عما وقع من
تقصير، إلا أنّ هذا التقصير في الظروف التي حدث فيها لا يرقى إلى مرتبة الإهمال
الجسيم. ومن حيث إنّ القرار الصادر بفصل المدعي قد قام على تكييف المخالفة المسندة
إليه بما جيعلها من الذنوب الإدارية الجسيمة التي تندرج تحت البند الثالث من جدول
مخالفات المجموعة الأولى، واختار لها أشد الجزاءات وهو الفصل من الخدمة، فإنه يكون
قد خالف القانون".






ولمحكمة العدل العليا
دور فاعل في مجال الرقابة على التناسب بين جسامة الذنب ومقدر العقوبة التي تفرضها
سلطة التأديب، فقد جاء في حكمها الصادر في القضية رقم 15/89:



"للسلطة
التأديبية صلاحية تقدير خطورة الذنب، وما يناسبه من جزاء، إلا أن مشروعية هذه
السلطة التقديرية رهن بأن لا يشوب استعمالها غلو. ومن صور هذا الغلو عدم الملائمة
الظاهرة بين اخطورة الذنب الإداري ونوع لجزاء ومقداره([10]).
ومما ورد في حكمها الصادر في القضية رقم 255/95 :



"ترى المحكمة أن
المجلس التا>يبي بعد إلغاء قراره السابق عاد وفرض عقوبة الاستغناء عن الخدمة،
وهي عقوبة أدنى من العقوبة الأولى في تدرجها، إلا أن من شأنها إقصاء المستدعي عن
عمله. لذا فإن هذه العقوبة لا تتناسب مع المخالفة المرتكبة من قبل الموظف، لهذا
نقرر بالأكثرية إلغاء القرار الطعين".([11])



كما قضت بأن :


"للسلطة
التأديبية صلاحية تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء، إلا أن مشروعية
هذه السلطة التقديرية رهن بأن لا يشوب استعمالها غلو. وحيث لا نجد في قرار
المستدعي ضده المطعون فيه، ما يفيد بانطوائه على قسوة، بل هناك ملاءمة بين خطورة
الذنب الإداري الذي أتاه المستدعي والجزاء المفروض عليه، فإن أسباب الطعن لا ترد
على القرار الطعين، وتكون الدعوى حقيقة بالرد"([12]).






وتؤكد المحكمة على هذا
الاتجاه بقولها في حكمها الصادر في القضية رقم 511/98 :



"يستفاد من نص
المادة (94/ي) من نظام موظفي مؤسسة
الملكية الأردنية رقم 77 لسنة 1979 بأنه إذا ارتكب الموظف مخالفة للقوانين
والأنظمة، أو أقدم على تصرف أو عمل مخل بالمسئوليات المنوطة به، فتوقع عليه إحدى
العقوبات المسلكية. ومنها عقوبة العزل. إنّ محاولة الطيار الهوبط في مطار لم يفتح
بعد بدلاً من المطار الواجب الهبوط فيه، يشكل مخالفة مسلكية تستوجب العقاب. إلا أ
عقوبة العزل المفروضة على الموظف المستدعي مشوبة بالغلو، مما يخرجها عن نطاق
المشروعية، ويجعل القرار الطعين حقيقياً بالإلغاء"([13]).






وبهذه المناسبة نشير
إلى الحكم الصادر في القضية رقم 290/2001 فقد جاء فيه :



"إنّ قرار المجلس
التأديبي بشطب المهندسة المستدعية من سجلات النقابة، يُعد من أشد العقوبات المنصوص
عليها في قانون نقابة المهندسين، إذ ينهي حياتها المهنية، وفي ذلك مغالاة في فرض
العقوبة، فليس هناك تناسب بين الذنب المقترف والعقوبة التأديبية. ويكون ذلك ضرباً
من ضروب إساءة استعمال السلطة"([14]).






وهكذا نلاحظ أنّ
المحكمة تبسط رقابتها على تقدير السلطات التأديبية لخطورة الذنب المقترف وما
يناسبه من جزاء، للتحقق من أنه غير مشوب بالغلو، فإذا تبين لها عكس ذلك فإنها تقضي
بإلغائه باعتباره ضرباً من ضروب التعسف أو إساءة استعمال السلطة.






ولا بد لنا من التنبيه
في هذا المقام إلى أن عدم الكفاءة امهنية لا تعد مخالفة تأديبية فهي تعني عدم قدرة
الموظف على إنجاز المهام المنوطة به كما ينبغي. وفي هذه الحالة يمكن للإدارة اتخاذ
إجراءات معينة تختلف عن الإجراءات التأديبية، كإلحاق الموظف بدورات تدريبية لتأهيله
لعمله، أو استبدال وظيفته، أو النقل إلى موقع يتناسب وقدراته، أو الصل لعدم
الكفاءة المهنية. وتنظم القوانين الوظيفية وأنظمة الخدمات المدنية حلولاً للمشكلات
المتعلقة بالكفاءة المهنية، وقد تولى نظام الخدمة المدنية الأردني علاج هذه الحالة
في الفصل التاسع بعنوان "تقييم الأداء" ([15]).






المبحث الثالث : موقف
الفقه من تقنين المخالفات التأديبية



يرى بعض الفقه أنّ
عملية التقنين تعني إصدار تشريع يتضمن مجموعة المبادئ التي تتخذ أساساً لتنظيم
الروابط والعلاقات القانونية، كما يتضمن مجموع القواعد القانونية المنظمة لتلك
الروابط([16]).
ومن وجهة نظرنا فإنّ المقصود بالتقنين في هذا املجال: هو قيام المسرّع بتحديد
الأفعال التي تعتبر مخالفات أو جرائم تأديبية، وتقدير الجزاء الملائم لكل منها .






وقد تباينت مواقف
الفقهاء من فكرة التقنين وإمكانيته ومدى ضرورته، ما أسفر عن بروز اتجاهين رئيسيين؛
أحدهما يؤيد هذه الفكرة والآخر يعارضها .






أولاً: الاتجاه المؤيد
لفكرة التقنين



ذهب جانب من الفقه إلى
المناداة بتقنين الواجبات والمحظورات الوظيفية والمهنية، الي يجب على الموظفين
والعاملين في المهن المختلفة الالتزام بها. ويحتج أنصار هذا الرأي بالأسانيد التالية([17]):



1. أنّ تقنين هذه الواجبات يؤدي إلى فهم المخاطبين بها لما
هو مطلوب منهم القيام به، وإدراكهم للمهام المنوطة بهم، وتبصيرهم بأعمالهم وما يجب
عليهم فعله أو اجتنابه. وبعكس ذلك سيترك أداء هذه الواجبات، على كثرتها وتنوعها،
لمجرد تصورات غير منضبطة وبالصورة التي تتراءى لرؤسائهم :



2. أنّ طائفة الموظفين والعاملين في القطاعات والمؤسسات
المختلفة، على كبر نحجمها في كثير من المجتمعات، بأمس احلاجة غلى الأمانة في
حياتهم الوظيفية والمهنية، والاطمئنان على حاضرهم ومستقبلهم، لا أن يفاجأوا بأفعال
تُعدّ مخالفات أو جرائم يؤاخذون بها ويحاسبون عليها دون تحذيرهم بها ويحاسبون
مسبقاً من اقترافها، وسيكون اتخاذ الإجراءات التأديبية بحقهم في هذه الحالة مجاف
لمقتضيات المنطق والعدالة. لهذا لن يتحقق الأمان والاستقرار الوظيفي، ولن تأخذ
العدالة مجراها إلا بتقنين هذه الأفعال.



3. ومن جانب آخر تبدو فائدة التقنين بتبصير المواطنين
وعلمهم، وخصوصاً جمهور المتعاملين مع الإدارة، بنوع الخدمة التي يلتزم الموظفي
بتقديمها وبمستواها، وبحدود سلطات الموظف، ما يضمن قدرتهم على المطالبة بحقوقهم،
مما يضمن قدراتهم على املطالبة بحقوقهم، وبالتالي ضرورة وود رقابة فعالة، من خلا ل
محاسبة الموظف في حال تجاوزه لحدود هذه الصلاحيات([18]).



4. أنّ القول باستحالة قيام المشرع بتقنين شامل لهذه
الواجبات والمحظورات، هو ادعاء في غير محلّه لأن للقانون التأديبي طبيعته الخاصة،
وهي التي يجب مراعاتها باتباع الأسلوب الذي يتناسب معها. ورغخم ذلك فإنّ الجرم
التأديبي سيجد طريقه إلى التحديد يوماً ما، كما هو الحال بالنسبة للجرم الجنائي،
أم الوضع القائم حالياً فهو وضع مرحلي وغير نهائي .



5. كما يستند أصحاب هذا الرأي إلى أن كلاًّ من الشارعين
الإيطالي والألماني، قد خطا خطوات واسعة في مجال حصر الأخطاء التي تستوجب التأديب،
وتخصيص عقوبة لكل نوع منها بحسب جسامتها، وتنبأ بعضهم بأنه سيكون للتأديب نظام
فاعل تحدد فيه الجرائم بصورة موضوعية، وبدرجة أقرب ما تكون إلى الحصر([19]).



6. أن تقنين المخالفات التأديبية لا يتعارض ولا يتناقص مع
ممارسة سسلطة التأديب لاختصاصاتها، بل سيترك لها هامشاً معقولاً لأداء دورها
ولانهوض بمسؤولياتها. وبعكس ذلك فإنّ التخلي عن عملية التقنين وترك الأمر على
عواهنه، سيفضي إلى الفوضى والاستبداد وتحكم الرغبات الشخصية وأهواء الرؤساء .






ثانياً: الاتجاه
المعارض لفكرة التقنين



يرى أنصار هذا الاتجاه
وهم غالبية الفقه أن تقنين المخالفات التأديبية أمر بالغ الصعوبة لا يمكن تحقيقه. ويستدلون
لتأييد وجهة نظرهم، بالحجج الآتية([20]):



1. أن أي محاولة لتقنين الواجبات أو المحظورات الوظيفية أو
المهنية، ستكون محاولة سطحية تعجز عن الإحاطة بها بصورة تامة، مما يعني استحالة
وضع تعداد حصري لهذه المخالفات نظراً لطبيعتها الخاصة.



2. واجبات الموظف مستمدة من مركزه الوظيفي وي بالغة التنوع
والتعقيد، إذ تختلف باختلاف العمل المطلوب وطبيعته وظروفه، وفئة الموظف ومكانته في
السلم الإداري، ما يُعدّ جريمة أو مخالفة تأديبية لبعض طوائف املوظفين لا يُعدّ
كذلك بالنسبة لغيرهم. مثال ذلك صياغة التعليمات الموجهة من الرئيس أو مرؤوسيه
بأسلوب فض، كأن ينطوي على عبارات قاسية أو جارحة، يُعدّ خطأ أو مخالفة، وهذا الخطأ
لا يمكن صدوره إلا من الرئيس الإداري بسبب مركزه الوظفي، لأن المرؤوسين لا يصدرون
التعليمات بل ينفذونها. كذلك فإن بعض أنماط السلوك التي يمكن اعتبارها مخالفات
وظيفية، لصدورها من بعض الفئات كطائفة القضاة مثلاً، وما يجب أن يتحلوا به من حيدة
ونزاهة وبعد عن الشبهت، قد توجب عليهم أن يكونوا أكثر حذراً وأشد حيطة من غيرهم
فيما يصدر عنهم من تصرفات. وهكذا تتعدد المخالفات باختلاف الفئات والمراكز
الوظيفية، مما يعني صعوبة حصرها :



1.
المخالفات
التأديبية تتنوع وتتباين حسب نمط العلاقات السائدة بين الموظفين والإدارة من
ناحية، وبين الموظف والمتعاملين مع المؤسسة أو الجهة الإدارية من ناحية أخرى،
علاوة على تأثرها باختلاف الزمان والمكان وحاجات المرافق العامة. فإذا حاول المشرع
تقنين جميع الأفعال التي يستحق من يخالفها العقاب التأديبي، فسوف ينتهي إلى نتيجة
مفادها أن هذا التقنين غير المممكن ولن يكون معبراً عن الحقيقة والواقع([21]).



2.
إن عملية تقنين
الواجبات والمحظورات ستؤدي حتماً إلى تعطيل التأديب التقديرية، ووضع قيود على
حريتها وقدرتها على التصرف، بما يكفل حسن أداء العمل الوظيفي، ورعايا المصلحة
العامة، كما سيترتب عليها إضعاف فاعلية العقاب التأديبي والتقليل من دوره وأهميته.






لهذه الأسباب رفض هذا
الجانب من الفقه رفضاً تاماً أي تحديد مسبق للواجبات الوظيفية، داعياً إلى العزوف
عن تقنين الأفعال التي يُعدّ الإخلال بها مخالفة تأديبية، مفضلاً ترك هذه المهمة
للسلطة الإدارية، ومؤكداّ أنّ مثل هذا التقنين في حال صدوره لن يحقق الغاية
المرجوة منه، وسيكون قيداً يحول دون ممارسة سلطة التأديب لواجبها، ودورها الهادف إلى
ضبط الأمور وحسمها بطريقة سليمة وفاعلة، ضماناً لحسن سير المرافق العامة.






وبناء على ذلك يرى
الأستاذ دليبريه" أن القانون التأديبي، لا يعرف حصراً قانونياً محدداً
للأغطاء والمخالفات التي تتنافى مع الواجبات والالتزامات، وهنا يظهر التمايز
والاختلاف الجوهري بين القانونين الجنائي والتأديبي. لذا فإن كل توقع بهذا الخصوص
هو من قبيل الهدف الذي يستحيل الوصول إليه، وعليه فإن أي تشريع لن يشمل قطعاً على
كافة المخالفات التي يمكن أن يسأل عنها الموظف([22]).






وبنفس الاتجاه أخذ
الفقيهان "أوبي ودراجو" إذ يريان أنّ قاعدة لا جريمة بغير نص ليست
ملائمة في المجال التأديبي، ذلك أن الرئيس الإداري وعضو الهيئة التأديبية والقاضي
الإداري، لهم الحق في تقرير ما إذ كان الفعل المنسوب إلى الموظف مكوناً لجريمة
تأديبية أم لا([23]).






كما يرى الدكتور
الطماوي أنّ أبرز ما يميز الجرائم التأديبية عن الجرائم الجنائية، أنها غير محددة
على سبيل الحصر، وبعد أن يتساءل: هل يعدّ عدم تقنين الجرائم التأديبية وضعاً
مرحلياً يتحول بعده القانون التاديبي إلى ذات الخطة التي يجري علهيا قانون
العقوبات، من حيث تقنين الجرائم التأديبية والربط بينها وبين العقوبات المقررة
لها؟ ويجيب عن ذلك بالنفي، مبيناً الصعوبات والأسباب التي تعيق تقنينها على النحو
المعروف في قانون العقوبات([24]).






ويقر جانب من القه
الأردني بصعوبة عملية التقنين :



"فمما لا شك فيه
أنّ التحديد التشريعي للأفعال التي تشكل مخالفات مسلكية، ذو فائدة وجدوى كبيرة في
ميدان التأديب الوظيفي، ولكنه عمل صعب التحقيق والإنجاز، فلا يمكن تحديد تلك
الأفعال في تقني واحد، أو جمعها على تنوعها تحت عناوين خاصة على غرار قانون
العقوبات. كما أنّه لا يمكن للمشروع بأي حال من الأحوال التنبؤ بكافة الأفعال التي
يُعدّ اقترافها مخالفة مسلكية، وبكافة صور ومظاهر ارتكابها، فهناك مئات المسائل
غير املتوقعة التي ستعرض حتماً على القضاء .






ويقرر هذا الفقيه وجهة
نظره بقوله : "ونخلص مما سبق إلى أنّه لا يوجد نص تشريعي في قانون أو نظام
يحدد، على سبيل الحصر، الواجبات التي يلتزم بها موظفو الدولة..."([25])










([1]
) C.E.10. 11.1975 Quniteau autres. Rec. P. 782.






([2]
) إدارية
عليا، حكمها الصادر بتاريخ 15/1/1965، المجموعة ، س 1 ، ع2 ، ص 3898.







([3]
) إدارية
عليا، حكمها الصادر بتاريخ 18/2/1965، في القضية رقم 917، س 11، المجموعة، ص 3898
.







([4]
) عدل عليا، حكمها الصادر بتاريخ 30/7/1996، مجلة
نقابة المحامين، لسنة 1997، العدد (3)، ص 1088.







([5]
) عدل عليا، حكمها الصادر بتاريخ 22/4/1999، المجلة
القضائية، لسنة 1999، العدد (4) ، ص 694 .







([6]
) عدل عليا،
حكمها الصادر بتارخي 29/6/1999، مجلة نقابة المحامين، لسنة 2000، العددان (1 ، 2)،
ص 62.







([7]
) عدل عليا،
رقم 447/99، مجلة نقابة المحامين، لسنة 2000، العددان (9 ، 10) ، ص 2935 .







([8]
) جبر، محمود
سلامة، التطورات القضائية في الرقابة على التناسب بين الخطأ والجزاء، مجلة هيئة
قضايا الدولة، العدد (3)، السنة 35، يونيو / سبتمبر، 1991، ص 83.







([9]
) إدارية
عليا، حكمها الصادر بتاريخ 27 إبريل /1968، المجموعة، س13، 822.







([10]
) عدل عليا،
مجلة نقابة المحامين، سنة 1990، العدد (4) ص 608 .







([11]
) عدل عليا،
حكمها الصادر بتاريخ 17/1/1996، مجلة نقابة المحامين، سنة 1997، العدد (3) ، ص955
وما بعدها.







([12]
) عدل عليا،
رقم 62/96، تاريخ 17/4/1996، مجلة نقابة المحامين، سنة 1997، العدد (3) ، ص 1036.







([13]
) عدل عليا، 22/6/1999، مجلة نقابة المحامين، لسنة
2000، العددان (1 ، 2) ، ص 114 وما بعدها .







([14]
) عدل عليا،
11/2/2001، مجلة نقابة المحامين، لسنة 2001، الأعداد (7 ، 8 ، 9) ، ص 1334. للإطلاع على مزيد من هذه الأحكمام، أنظر:
مجموعة ا لمبادئ القانونية لمحكمة العدل العليا في مسة وعشرين عاماً (1972-1997)
الخطيب نعمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان، 2001، ص167 .







([15]
) تنص المادة
(52) من النظام المذكور على أنه "بعد اكتساب التقارير السنوية الصفة القطعية،
يقوم الأمين العام أو من ينيبه باتخاذ الإجراءات التالية ... الفقرة (2) إذا تبين
أن تقدير الأداء لأي موظف بدرجة (ضعيف) يوجه إليه إنذار. بينما تنص الفقرة (4) على ما يلي : "إذا
كان أي موظف قد أنذر في السنة السابقة، وكان تقدير أدائه للسنة الحالية بدرجة
(متوسط أو ضعيف) فينقل إلى وظيفة أخرى تتناسب مع كفاءته وقدراته".







([16]
) مهنا، محمد
فؤاد، القانون الإداري العربي، دار المعارف، الاسكندرية، 1963/1964، ص 32.







([17]
) ومنهم،
عفيفي، مصطفى، فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها، دراسة مقارنة، دكتوراة، جامعة
القاهرة، 1967، ص 65-66. ومراد، عبد
الفتاح، المسؤولية التأديبية لرجال القضاء والنيابة العامة، دكتوراة، جامعة
الاسكندريةن 1993ن ص 165. والبندارين عبد
الوهاب، الجرائم الجنائية، ص 43.
والشيخلي، عبد القادر، السياسة السليمة في تأديب العاملين بالدولة، دار
الفكر، عما، 1983، ص 17. والعتوم. منصور، المسؤولية التأديبية للموظف العام،
مطبعة دار الشرق ومكتبتها، عمان، 1984، ص 106.







([18]
) الطماوي، سليمان، القضاء الإداري، ص 98.






([19]
) بركات، عمر
فؤاد، مبادئ القانون الإداري، ص 329-330.
حيث يذكر في مؤلفه بعض أنصار هذا الاتجاه من الفقه الفرنسي ومنهم جلبرت،
وديجي.







([20]
) ومنهم،
الطماوي، سليمان، القضاء الإداري، ص 91ز
وعثمان، محمد مختار، الجريمة التأديبية، ص 221، والملط، محمد جودت،
المسؤولية التأديبية، ص 97.







([21]
) الطماوي،
سليمان، القضاء الإداري، ص 93.







([22]
) Delepree.op.Cit. p. 129.etc.






([23]
) Auby
et Drago. Op. cit.p. 131






([24]
) الطماوي،
سليمان، القضاء الإداري، ص 91.







([25]
) شطناوي،
علي خطار، مبادئ القانون الإداري الأردني، ص 307-311.

descriptionطبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية   هاني علي الطهراوي (*) Emptyرد: طبيعة المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية هاني علي الطهراوي (*)

more_horiz
موقفنا من فكرة
التقنين :



بنظرة فاحصة للآراء
السابقة، تتجلى لنا أهمية الاعتراف بتلك الصعوبات والعراقيل، التي تعترض عملية
التقنين بصورتها الهادفة إلى تحديد المخالفات التأديبية وحصرها، فهذه حقيقة لا بيل
إلى إنكارها.






ورغم ذلك فإننا نرى
ضرورة الاستناد إلى مبدأ املشروعية في المجال التأديبي. ومن البديهي أن إعمال هذا
المبدأ، لن يتأتى إلا بتقنين الواجبات والمحظورات الوظيفية أو المهنية، بأقصى درجة
ممكن من الوضوح. وبالتالي يمكن رسم الحدود التي تقف عندها رقابة السلطات الإدارية
لموظفيها أو عمالها ومنتسبيها، مما يعني إدراك طرفي المعادلة لما هو محظور أو مباح
من الأفعال، بما يحقق التوفيق بين مفهومي السلطة والحرية.






ونظراً للصعوبات التي
تواجه عملية التقنين، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن لمبدأ المشروعية في هذا
الميدان مفهوماً مميزاً، ينسجم ويتوافق مع الطبيعة الخاصة للمخالفة التأديبية؛ فهو
لا يعني بالضرورة التطبيق الحرفي لهذا المبدأ بنفس الصورة التي يطبق بها في
القانون الجنائي، فهذا الأمر يكاد يجمع الفقه على تعذره. وهكذا فإن عملية التقنين
بالصورة التي أشرنا إليها ترمي إلى تحقيق هدفين:



الأول : بيان معظم
الواجبات والمحظورات بنصوص واضحة وبأكبر قدر ممكن في الدقة، حتى يسهل على
المخاطبين بها معرفة مضمونها والالتزام بأحكامها.



الثاني : حصر نطاق
التقدير الذي تمارسه سلطات التأديب في أضيق الحدود، فهي مقيدة بتفسير عبارات بعض
النصوص التي قد تحتمل التأويل لتحديد معانيها .






الخاتمة





من خلال استعراضنا لمفهوم
مصطلحي المخالفة التأديبية ومبدأ المشروعية، وما يعترض تطبيق هذا المبدأ من صعوبات
في مجال المخالفة التأديبية، يمكن تلخيص أهم المقترحات والنتائج والتوصيات التي
توصلنا إليها فيما يلي :



1. الأصل هو خضوع المخالفة أو الجريمة التأديبية لمبدأ
المشروعية، فلا يُعدّ الفعل الذي يرتكبه الموظف أو الشخص الذي ينتمي إلى مهنة
معينة، مخالفةً تستوجب التأديب والعقاب، إلا إذا كان منصوصاً على تجريمه قانوناً،
عملاً بالقاعدة التي تقضي بأن (لا جريمة بغير نص) .



2. من مقتضى هذا المبدأ أن يكون النص على تجريم فعل معين
واضحاً ومحدداً له بصورة جلية لا تحتمل التأويل، بحيث يفهم منه مضمون الفعل
المؤثم، وشروطه وأركانه، فلا مجال للقياس أو الاجتهاد مع وجود النص.



3. يُبنى على ذلك عدم جواز ملاحقة أي شخص يسبب فعل أو تصرف
غير منصوص على تجريمه بنص قانوني، مما يؤدي إلى ضمان حقوق الأفراد وحرياتهم،
وبالتالي استقرار العلاقات الاجتماعية والروابط القانونية، والحيلولة دون أي تحكم
أو تعسف.



4. على الرغم ما سبق فقد درج الفقه على القول، بأن إعمال
هذا المبدأ وتطبيق قاعدة لا جريمة بغير نص أمر متعذر، إن لم يكن مستحيلاً في
المجال التأديبي. فليس بمقدور المشرع القيام بتعداد حصري لجميع الأفعال التي
تستوجب التأديب، وذلك بسبب الطبيعة الخاصة التي يتميز بها هذا النوع من الجرائم أو
المخالفات التي تستعصي على التحديد والحصر الدقيق.



5. إنّ الإقرار بالطبيعة الخاصة للمخالفة التأديبية وما
يعتريض تقنيها من صعوبات، لا يحول دون إصرارنا على تطبيق مبدأ المشروعية؛ لأن
تطبيقه في الميدان التأديبي يختلف قليلاً عما هو عليه الحال في قانون العقوبات،
فهو يأخذ لوناً مميزاً تفرضه طبيعة هذا النوع من المخالفات، فليس بلازم أن تنص
التشريعات في هذا المجال على فعل معين بذاته حتى يعاقب عليه، بل يكفي أن يفهم ذلك من
عبارة النص، ولو جاءت بصيغة العموم. علماً بأن استعمال مثل هذه العبارات، يجب أن
يكون في أضيق الحدود وفي الحالات التي يتعذر فيها وصف الفعل على وجه الدقة وبصورة
محددة .



6. يترتب على هذا الأسلوب في الصياغة القانونية، ترك المجال
للإدارة أو سلطة التأديب، للحكم على جانب من تصرفات موظفيها أو منتسبيها، وتقدير
ما صدر عنهم من فعل أو امتناع، وهل يُعدّ مخالفة تقتضي التأديب أم لا؟ شريطة أن
يكون اجتهاداً مقيداً بتفسير مضمون النص وبيان معناه، ولا بأس في ذلك فهو اجتهاد
مرتبط بوجود نص تشريعي ومصور على تكيف الفعل المرتكب.



7. وللتوفيق بين اعتبارات الضمان التأديبي والفاعلية
الإدارية، وللوصول إلى نقطة توازن بين مبدأ مشروعية المخالفة التأديبية من جهة،
وحق السلطة الإدارية في الاطلاع بدورها في رعاية الصالح العام والتأكد من حسن سير
المرافق العامة، من جهة أخرى، نقترح على المشرع البدء بتصنف الواجبات الوظيفية أو
المهنية وتقسيمها إلى فئات متجانسة، ثم القيام بتعدادها وتحديد المقصودك بكل منها
بعبارات منضبطة ومحددة قدر الإمكان، ويمكن للمشرع اتباع الأسلوب الآتي :



‌أ- الواجبات الأساسية لمعظم طوائف الموظفين والعاملين في
المؤسسات المختلفة، تكاد تكون واحدة على درجة كبيرة من التشابه، كالالتزام بمواعيد
العمل، وأداء الوظائف على الوجه المحدد، وعدم إفشاء الاسرار الوظيفية، وكذلك عدم
طلب أو قبول الرشوة، أو الاشتغال بالتجارة. لذا يمكن تحديد هذه الواجبات وحصرها
لتماثلها ووضوحها .



‌ب-بالنسبة للواجبات والمحظورات المتعلقة بالمسلك العام
والأخلاقيات، كالمحافظة على شرف الوظيفة أو المهنة أو سمعة الموظف...، يمكن ذكرها
وتعدادها بالصيغة الممكنة وبأقصى قدر من العناية، مع بيان أهم الحالات أو الأمثلة
التي توضح المقصود بهذه المصطلحات.



‌ج- ومن باب الاحتياط يمكن وضع لوائح خاصة للعاملين في بعض
المجالات نظراً لأنهم يتولون مهاماً قد تختلف حكثيراً في نوعها عما سواها،
كالأطباء ورجال القضاء.



8. إنّ هذا الأسلوب التشريعي لن يصل إلى درجة التحديد
الحصري الدقيق لكافة الأفعال التي يُعدّ مخالفات تأديبية، لكنه يفضل التنكر لفكرة
التقنين وتجاوز مبدأ المشروعية، وما سيؤول إليه من إطلاق العنان للسلطة الإدارية
وتغوّلها على حقوق موظفيها وعمالها. أما الثغرات القليلة الناجمة عن عملية الصياغة
القانونية المرنة، وهي التي ستفسح المجال لتقدير السلطة الإدارية، فسيتولى القضاء
الإداري بسط رقابته عليها بصورة أشد، للتأكد من الوجود المادي للوقائع والأفعال،
وصحة تكييفها، ومدى التناسب بين الفعل والعقوبة. خاصة وأنّ التشريعات التأديبية
تضع قائمة محددة بالعقوبات، ليكون لسلطات التأديب القدرة على اختيار العقوبة
الملائمة للذنب المقترف. لذا فإن للرقابة القضائية دورها وأهميتها البالغة في
تحقيق العدالة وتوفير الشعوب بالاطمئنان لهذه الشريحة الواسعة من العاملين في
الوظائف والمهن والمؤسسات المختلفة.






إن الإقرار بالفارق
الواضح بين إعمال مبدأ المشروعية وتطبيق قاعدة (لا جريمة بغير نص) في نطاق كل من
قانون العقوبات والقانون التأديبي، لا يحول دون تأكيد وجهة نظرنا، بوجوب الاستناد
إلى هذا المبدأ عن طريق تقنين المخالفات التأديبية، قدر استطاعة المشرع وما وسعه
الجهد وبأقصى درجة ممكنة، فذلك خير من إهمال هذه القاعدة وتجاهل تطبيقها عملاً
بالقول المشهور: إنّ ما لا يدركه كلّه لا يترك جلّه.






المراجع


1. ابو شادي، احمد سمير، مجموعة المبادئ القانونية التي
قررتها المحكمة الإدارية العليا في عشر سنوات (1955-1961) .



2. بركات، عمر فؤاد، مبادئ القانون الإداري، شركة سعيد رأفت
للطباعة، القاهرة، 1985 .



3. البنداري، عبد الوهاب، الجرائم الجنائية والتأديبية
للعاملين المدنيين بالدولة والقطاع الخاص، دار الفكر العربي، القاهرة، (1970/1971)
.



4. جبر، محمود سلامة، التطورات القضائية في الرقابة على
التناسب بين الخطأ والجزاء، مجلة هيئة قضايا الدولة، س 35، عدد (3) 1991.



5. الجريدة الرسمية الأردنية، عدد رقم 4257، تشريعات نظام
الخدمة المدنية الأردني رقم (1) لسنة 1998. تاريخ 26 كانون الثاني، 1998 .



6. جمال الدين، سامي، أصول القانون الإداري، الجزء الأول،
دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 1996.



7. حبيش، فوزي، الوظيفة العامة وإدارة شؤون الموظفين،
المطبعة البولسية، بيروت، 1986.



8. حلمي، محمود، الضاء الإداري، الطبعة الثانية، دار الفكر
العربي، القاهرة، 1977، ص 310-311 .



9. الحلو، ماجد، القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية،
الاسكندرية، 1985.



10.
الخطيب، نعمان،
مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة العدل العليا في خمس وعشرين عاماً
(1972-1997)، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للتوزيع والنشر، عمان، 2001.



11. السراج، عبود، قانون العقوبات، القسم العام، الطبعة
السابعة، منشورات جامعة دمشق، 1994 .



12.
شطناوي، علي
خطار، مبادئ القانون الإداري الأردني، الكتاب الثالث، الوظيفة العامة، منشورات
الجامعة الأردنية، عمان، 1993.



13.
الشيخلي، عبد
القادر، النظام القانوني للجزاء التأديبي، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان، 1973 .



14.
الظاهر، خالد
خليل، القانون الإداري، دراسة مقارنة، الكتاب الأول، الطبعة الأولى، دار المسيرة
للنشر والتوزيع، عمان، 1998 .



15. الطماوي، سليمان، القضاء الإداري، الكتاب الثالث، قضاء
التأديب، دار الفكر العربي، القاهرة، 1987 .



16.
عبد الرحمن،
حمدي، المركز القانوني للعاملين بالقطاع العام وقطاع الأعمال "دراسة
مقارنة" دكتوراة، جامعة عين شمس، القاهرة، 1994 .



17. عبد الهادي، بشار، دراسات وأبحاث في الإدارة العامة
والقانون الإداري، الطبعة الأولى، دار الفرقان للنشر والتوزيع، عمان، 1983.



18.
العتوم، منصور،
المسؤولية التأديبية للموظف العام، مطبعة الشرق ومكتبتها، عمان، 1984.



19.
عثمان، محمد
مختار محمد، الجريمة التأديبية بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة، دار
الفكر العربي، القاهرة، 1973 .



20.
عصفور، محمد،
ضوابط التأديب في الوظيفة العامة، مجلة العلوم الإدارية، س5، عدد (1)، 1963.



21.
عفيفي، مصطفى،
فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها، دراسة مقارنة، دكتوراة، جامعة القاهرة،
القاهرة، 1967.



22. علي، يحيى قاسم، ضمانات تأديب
الموظف العام، مركز عبادي للدراسات والنشر، صنعاء، 1999 .



23. كنعان، نواف، تسبيب
القرارالإداري كضمانة أساسية من ضمانات التأديب، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، المجلد
السابع، عدد (6)، 1992 .



24. كنعان، نواف، القضاء الإداري
في الأردن، الطبعة الأولى، عمان، 1999 .



25. المعهد القضائي الأردني، عمان،
المجلة القضائية.



26.
المكتب الفني
بمجلس الدولة المصري، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة القضاء الإداري
في خمسة عشر عاماً (1946-1961).



27.
المكتب الفني
بملجس الدولة المصري، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
في خمسة عشر عاماً (1960-1985) .



28.
الملط، محمد
جودت، المسؤولية التأديبية للموظف العام، دكتوراة، جامعة القاهرة، القاهرة، 1967 .



29.
مراد، عبد
الفتاح، المسؤولية التأديبية لرجال القضاء والنيابة العامة، دكتوراة، جامعة
الاسكندرية، الاسكندرية، 1993.



30.
منشأة المعارف
بالاسكندرية، أحكام المبادئ في القضاء الإداري الفرنسي، ترجمة د. أحمد يسري، 1991
.



31.
مهنا، محمد
فؤاد، القانون الإداري العربي، دار المعارف، الاسكندرية، (1963-1964).



32.
نجم، محمد
صبحي، قانون العقوبات، القسم العام، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 1991.



33.
نقابة لامحامين
الأردنيين، عمان، مجلة نقابة المحامين.



34.
ياقوت، محمد
ماجد، أصول التحقيق الإداري في المخالفات التأديبية، منشأة المعارف، الاسكندرية،
2000 .



35. Auby et Drago: Traite de Conteinticeux Administratif,
Paris, 1962.


36. Chapus, Rene: Droit Administratif General tome 2. 10
edition. Montcherstien, 1997.


37. Deleperee, Francis: L’ elaboration du droit
disciplinaire de la function publique, Paris,
1969.


38. Plantey, Alain: Traite pratique de la functions
publique, L.G.D.J. Tom I. 1973.
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد