احكام عدم دستورية


قضية رقم 14
لسنة 21 ق- دستورية -11- مايو -2003


باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

جلسة 11 مايو سنة 2003م .

برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب.......................... رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ماهر على البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى
محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى .

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما..................... رئيس هيئة
المفوضين وحضور السيد / ناصر إمام محمد
حسن............................................ أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في القضية رقم 14 لسنة 21 قضائية " دستورية
......................................... " الإجراءات

بتاريخ 4/2/1999 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة, بطلب الحكم بعدم
دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل
الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة
بإيجار الأماكن غير السكنية. وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض
الدعوى. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها. ونُظرت الدعوى
على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه سبق
للمدعين أن أقاموا الدعوى رقم 16599 لسنة 1998 ضد المدعى عليه الرابع أمام محكمة
شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم: أولاً : بمضاعفة القيمة الإيجارية الشهرية
ثمانية أمثال لكل من الدكانين موضوع الدعوى. ثانياً : احتياطياً بإحالة الدعوى إلى
مكتب خبراء وزارة العدل لتحقيق عناصرها. ثالثاً : التصريح للطالبين بالطعن بعدم
دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997، وقد كرر
المدعون هذا المطلب الأخير أثناء نظر الدعوى، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا
الدفع وصرحت للمدعين برفع دعواهم الدستورية، فقد أقاموا الدعوى الماثلة. وحيث إن
المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29)
من القانون رقم 49 لسنة 1977، وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية،
بعد أن حددت فى فقرتيها الأولى والثانية الأجرة القانونية للعين المؤجرة لغير
أغراض السكنى المحكومة بقوانين إيجار الأماكن، وموعد سريان هذا التحديد ونصت فى
الفقرة الثالثة على أن تزاد الأجرة القانونية الحالية للأماكن المنشأة من 10
سبتمبر 1977 وحتى 30 يناير 1996 بنسبة 10% اعتباراً من ذات الموعد، نصت فى فقرتها
الرابعة والأخيرة محل الطعن الماثل على أن " ثم تستحق زيادة سنوية بصفة
دورية، فى نفس هذا الموعد من الأعوام التالية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة قانونية
لجميع الأماكن سالفة الذكر". وحيث إنه ولئن جرى تعديل النص المطعون عليه
بموجب القانون رقم 14 لسنة 2001، إلا أن مصلحة الطاعنين تظل قائمة فى الطعن عليه
بحالته لسريانه عليهم فى الفترة منذ تاريخ العمل به وحتى تعديله. وحيث إن المدعين
ينعون على نص الفقرة الأخيرة المذكورة حين قررت زيادة الأجرة سنوياً بنسبة 10% دون
حد زمنى، أنها قد أخلت بأحكام الشريعة الإسلامية التى جعلت لكل كتاب أجلاً، وتضمنت
تمييزاً لطائفة المؤجرين على طائفة المستأجرين بما يتعارض مع مبادئ التضامن
الاجتماعي وتكافؤ الفرص والمساواة، فضلاً عن اعتدائها على حق الملكية الخاصة الأمر
الذى يشكل مخالفة لأحكام المواد (2، 4، 7، 8، 32 و40) من الدستور. وحيث إنه عن
النعى بمخالفة النص الطعين للشريعة الإسلامية، فإنه مردود من وجهين: الأول: أن
الزيادة التى قررها النص المذكور ليست مؤبدة وإنما ترتبط بمدة العقد بحيث تسرى
طالما ظل العقد سارياً وتنتهى بانتهاء مدة العقد سواء بالترك أو وفاة المستأجر
الأصيل أو آخر من تقرر الامتداد القانونى لمصلحته من ذوى القربى المنصوص عليهم
بالفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع
الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر معدلة بالقانون رقم 6 لسنة 1997.
والوجه الثانى: أن النص فى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها عام 1980 على أن
" مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع." يدل على ما جرى به
قضاء هذه المحكمة على أنه لا يجوز لنص تشريعي يصدر فى ظله أن يناقض الأحكام
الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها معاً، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى
يمتنع الاجتهاد فيها، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية ثوابتها التى لا تحتمل
تأويلاً أو تبديلاً، أما الأحكام غير القطعية فى ثبوتها أو فى دلالتها أو فيهما
معاً، فإن باب الاجتهاد يتسع فيها لمواجهة تغير الزمان والمكان،وتطور الحياة وتنوع
مصالح العباد، وهو اجتهاد إن كان جائزاً أو مندوباً من أهل الفقه، فهو فى ذلك أوجب
وأولى لولى الأمر ليواجه ما تقتضيه مصلحة الجماعة درءاً لمفسدة أو جلباً لمنفعة أو
للأمرين معاً. وحيث إنه ليس ثمة نص قطعى الثبوت والدلالة فى شأن جواز امتداد عقد
إيجار الأماكن أو تحديد أجرتها، فإن النص الطعين لا يكون قد خالف أحكام الشريعة
الإسلامية من أى وجه. وحيث إنه عن النعى بمساس النص المذكور بحق الملكية وإخلاله
بمبدأ التضامن الاجتماعي فإنه نعى مردود، ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن
الدستور ولئن كفل حق الملكية الخاصة، وأحاطه بسياج من الضمانات التى تصون هذه
الملكية وتدرأ كل عدوان عليها، إلا أنه فى ذلك كله لم يخرج عن تأكيده على الدور
الاجتماعي لحق الملكية، حيث يجوز تحميلها ببعض القيود التى تقتضيها أو تفرضها
ضرورات اجتماعية، طالما لم تبلغ هذه القيود مبلغاً يصيب حق الملكية فى جوهره، أو
يعدم جل خصائصه، إذ كان ذلك وكان ما أملى على المشرع التدخل بموجب القانون رقم 6
لسنة 1997 لتقرير الامتداد القانونى لعقود الأماكن المؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو
صناعى أو مهنى أو حرفى، إلى زوج وأقارب المستأجر الأصيل حتى الدرجة الثانية، ضماناً
لاستمرار مورد رزقهم ومصدر عيشهم، وتأكيداً على تواصل أنشطة هذه الأماكن التجارية
والصناعية والمهنية والحرفية، مما يوفر استثماراً أفضل للأموال المرصودة عليها،
ويحفظ المردود الاقتصادي العائد منها، فقد راعى المشرع فى ذات الوقت عدم مضارة
المؤجرين وذلك بتحقيق التوازن فى العلاقة الإيجارية، والمساواة بين طرفيها، حتى
تقوم هذه العلاقة على أساس من التضامن الاجتماعى الذى يؤدى إلى وحدة الجماعة
وتماسكها وتداخل مصالحها لا تصادمها، ومن ثم فقد قرر بنص المادة الثالثة من
القانون رقم 6 لسنة 1997 تحديد الأجرة القانونية للأماكن الخاضعة لأحكامه ثم زيادة
هذه الأجرة سنوياً بصفة دورية بنسبة 10% وذلك قبل تعديل هذه النسبة بموجب القانون
رقم 14 لسنة 2001. وحيث إنه عن النعى بمخالفة النص الطعين للمواد (4، 8، 40) من
الدستور فإنه مردود، ذلك أن ما قرره الدستور من تأسيس النظام الاشتراكي الديمقراطي
على الكفاية والعدل وبناء مصر لمجتمعها وفقاً لمفهوم العدالة الاجتماعية والتضامن
الاجتماعي، لا يعنى الإخلال بحق المشرع فى مباشرة سلطته التقديرية فى مجال تنظيم
الحقوق، إتباعا لضوابط الدستور، وهو ما يقوم به بالمفاضلة بين البدائل المتاحة،
مرجحاً من بينها ما يراه أكفل لتحقيق المصالح المشروعة التى قصد حمايتها، كما أن
مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه فى المادة (Cool من الدستور، يتصل بالفرص التى تتعهد
الدولة بتقديمها، ويجرى إعماله عند التزاحم عليها، وغاية الحماية الدستورية أن
تقرر أولوية المنتفعين بها وفق أسس موضوعية يقتضيها الصالح العام، وحيث إن مبدأ
المساواة أمام القانون الذى تضمنه نص المادة (40) من الدستور يفترض تماثل المراكز
القانونية فى نطاق الموضوع محل التنظيم التشريعي, ومعاملتها على ضوء قاعدة موحدة
لا تفرق بين أصحابها بما ينال من مضمون الحقوق التى يتمتعون بها، لما كان ما تقدم
وكان النص الطعين لا صلة له بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها، كما أنه تناول تنظيم
بعض جوانب العلاقة الإيجارية لأغراض مشروعة ووفق أسس موضوعية تنأى عن التمييز
المنهى عنه بين المخاطبين بها. وحيث إن النص المطعون عليه لا يناقض أحكاماً أخرى
من الدستور، فإنه يتعين الحكم برفض الدعوى الماثلة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة " برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات،
ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة " .