قضية رقم240لسنة26 قضائية المحكمة الدستوريةالعليا "دستورية"

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الخامس من أبريل سنة 2009م ، الموافق التاسع من ربيع الآخر سنة 1430 ه .
برئاسة السيد المستشار /ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية
السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح
وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه والدكتور عادل عمر شريف نواب رئيس
المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمي رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 240 لسنة 26 قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيد / كمال السيد إبراهيم
ضد
1 السيد رئيس مجلس الوزراء
2 السيد وزير الدفاع
3 السيدة وزيرة التأمينات الاجتماعية

الإجراءات
بتاريخ السابع
والعشرين من ديسمبر سنة 2004 ، أودع المدعى صحيفة الدعوى الماثلة قلم كتاب
المحكمة الدستورية العليا ، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادة 38 من
قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 .
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يتبين من صحيفة الدعوى
وسائر الأوراق - فى أنه بتاريخ 1/10/1962 التحق المدعى للعمل بوزارة
الداخلية واستمر بها حتى 22/1/1964 ، ثم عين بالمؤسسة المصرية العامة
للأدوية اعتبارًا من 23/1/1964 إلى أن نقل إلى الشركة المصرية لتجارة
الأدوية فى 1/7/1965 ، وبتاريخ 22/8/1965 استدعى للخدمة بالقوات المسلحة ،
حيث أصيب أثناء فترة الاستدعاء وتم رفته من الخدمة العسكرية لعدم اللياقة
الطبية ( عجز جزئي ) بسبب الخدمة ، وربط له معاش عسكري برقم 250/26/3712
واستحق الصرف اعتبارًا من 16/11/1966 ثم عاد للعمل بالشركة المذكورة إلى
أن بلغ السن المقررة للإحالة إلى المعاش فى 9/12/2000 ، فربط له معاش برقم 660816 ، إلا أنه فوجئ بأن مدة خدمته السابقة على استدعائه للخدمة العسكرية لم تحسب ضمن المعاش المدني الذي ربط له بالإضافة إلى المعاش
العسكري المستحق له ، فتقدم باعتراض برقم 12745 إلى لجنة فحص المنازعات
بمنطقة شمال القاهرة للتأمينات الاجتماعية فأصدرت قرارها بجلستها المنعقدة
في 8/1/2002 بقبول الاعتراض شكلًا ورفضه موضوعًا ، فأقام الدعوى رقم 201
لسنة 2002 عمال كلى ، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الهيئة
القومية للتأمين الاجتماعي وآخرين ، طالبًا الحكم بإلغاء القرار الصادر في
الاعتراض رقم 12745 بجلسة 8/1/2002 ، وإلزام الهيئة بتسوية معاشه عن مدة
خدمته المدنية بالكامل اعتبارًا من تاريخ التحاقه بالعمل في 1/10/1962 حتى
بلوغه سن التقاعد في 9/12/2000 ، وإلزام المدعى عليه الثاني بصفته بصرف
معاشه الشهري المقرر عن إصابته بسبب العمليات الحربية اعتبارًا من تاريخ
وقفه فى 9/12/2000 . وبجلسة 29/7/2002 قضت تلك المحكمة بندب أحد خبراء
وزارة العدل ليباشر المأمورية المشار إليها بمنطوق ذلك الحكم ، فأودع
الخبير تقريرًا انتهى فيه إلى أن تسوية المعاش
المستحق للمدعى تمت إعمالاً لحكم المادة 38 من قانون التأمين الاجتماعي
الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، حيث سوى معاشه عن مدة اشتراكه المدنية
التالية للمدة التي استحق عنها المعاش العسكري ، بالإضافة إلى المعاش العسكري المستحق له عن إصابته خلال فترة استدعائه للقوات المسلحة ، باعتبار أن هذا المعاش هو المعاش
الأفضل له ، فدفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (38) المشار إليه ، وإذ
قدرت تلك المحكمة جدية دفعه ، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام
الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (38) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 تنص على أن :
" تسري في شأن المؤمن عليه من الفئات المنصوص عليها في المادة السابقة ، الذي استحق معاش العجز وفقًا لقانون التأمين والمعاشات
للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 ، أحكام انتكاس الإصابة
أو مضاعفاتها المنصوص عليها بالباب الرابع من هذا القانون .
وعند
انتهاء مدة الخدمة المدنية للمؤمن عليه المشار إليه في الفقرة السابقة
يسوى معاشه عن كامل مدة اشتراكه وفقًا لأحكام هذا القانون طبقًا لسبب استحقاق الصرف ، أو يسوى معاشه عن مدة اشتراكه المدنية التالية للمدة التي استحق عنها المعاش العسكري وفقًا لقواعد حساب المعاش لانتهاء الخدمة لبلوغ سن التقاعد أيا كان سبب الاستحقاق ، ويضاف للمعاش العسكري ويربط له المعاش الأفضل .
وفى جميع الأحوال يراعى في حالة تسوية المعاش عن المدة المدنية التالية للمدة المستحق عنها المعاش
العسكري إضافة معاش مدة الاشتراك عن الأجر الأساسي لمعاش المدة العسكرية
الأساسي ويجمع بينهما بما لا يجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في الفقرة
الأخيرة من المادة (20) ، ويضاف معاش مدة الاشتراك عن الأجر المتغير لمعاش
المدة العسكرية الإضافي ويجمع بينهما بما لا يجاوز 80% من متوسط أجرى
تسوية المعاش العسكري والمعاش المدني " .
وحيث
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط
لقبول الدعوى الدستورية ، أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة
في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية
لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . متى
كان ذلك ، وكانت رحى المنازعة الموضوعية تدور حول طلب الحكم بإلزام الهيئة
القومية للتأمين الاجتماعي بتسوية معاش المدعى عن كامل مدة اشتراكه عن مدة
خدمته المدنية منذ التحاقه للعمل بوزارة الداخلية في 1/10/1962 حتى بلوغه
سن المعاش في 9/12/2000 ، بالإضافة إلى الحكم بأحقيته في المعاش
المستحق له عن إصابته بعجز جزئي خلال فترة استدعائه للخدمة بالقوات
المسلحة . وكان نص الفقرة الثانية من المادة (38) من قانون التأمين
الاجتماعي قد حدد طريقين لتسوية معاش المؤمن عليه المجند أو المستبقى أو
المستدعى للخدمة العسكرية أو المكلف ، والذي استحق معاش العجز وفقًا
لقانون التأمين والمعاشات
للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 ، بأن يسوى معاشه عن
كامل مدة اشتراكه عن مدة خدمته المدنية ، أو يسوى معاشه عن مدة اشتراكه
المدنية التالية للمدة التي استحق عنها المعاش العسكري ، بالإضافة إلى المعاش الأخير ويربط له المعاش
الأفضل ، فإن نطاق الدعوى الماثلة يتحدد بنص الفقرة الثانية من المادة
(38) من قانون التأمين الاجتماعي فيما تضمنه من حرمان من استحق معاش العجز
وفقًا لقانون التأمين والمعاشات للقوات المسلحة خلال فترة استدعائه للخدمة بالقوات المسلحة من حساب كامل مدة اشتراكه عن مدة خدمته المدنية .

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه – محددًا نطاقًا على النحو المتقدم – أنه اعتبر المعاش المستحق له بسبب إصابته خلال فترة استدعائه بديلاً عن مدة خدمته المدنية السابقة عليها ، رغم أن ذلك المعاش
استحق له نتيجة واقعة مستقلة هي إصابته بعجز جزئي خلال فترة استدعائه
والتي تختلف عن مدة عمله بالخدمة المدنية والتي أدى عنها الاشتراكات
المقررة وفقًا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي ، مهدرًا بذلك حقه في المعاش عن كامل مدة خدمته المدنية ، كما حرمه من حقه في المعاش
العسكري بالمخالفة لأحكام الدستور الذي حرص على كفالة حق الأفراد في العمل
وحصولهم على ما يترتب على هذا العمل من حقوق ومنها الحق في المعاش .
وحيث
إن هذا النعي سديد في جوهره ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن
الدستور قد حرص في المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط
بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم فى الحدود
التي يبينها القانون ، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو
عجزهم عن العمل أو شيخوختهم ، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي هي التي تكفل
بمداها واقعًا أفضل يؤمن المواطن فى غده ، وينهض بموجبات التضامن
الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقًا لنص المادة (7) من الدستور ، بما
يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية ،
وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم
أو مرضهم ، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم .
وحيث إن الدستور قد عهد بنص المادة (122) منه إلى المشرع بصوغ القواعد التي تتقرر بموجبها على خزانة الدولة المرتبات والمعاشات
والتعويضات والإعانات والمكافآت والجهات التي تتولى تطبيقها ، لتهيئة
الظروف الأفضل التي تفي باحتياجات من تقررت لمصلحتهم ، وتكفل مقوماتها
الأساسية التي يتحررون بها من العوز وينهضون معها بمسئولية حماية أسرهم
والارتقاء بمعيشتها . وإذ صدرت – نفاذًا لذلك – قوانين التأمين الاجتماعي
المتعاقبة ، مقررة الحق فى المعاش ومبينة حالات استحقاقه وقواعد منحه وشروط اقتضائه ، فإن لازم ذلك – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الحق فى المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون فإنه ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها مترتبًا فى ذمتها بقوة القانون ، بحيث إذا توافرت فى المؤمن عليه الشروط التى تطلبها القانون لاستحقاق المعاش استقر مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا المعاش
بصفة نهائية ، ولا يجوز من بعد التعديل في العناصر التي قام عليها أو
الانتقاص منه ، ذلك أن المساس به بعد اكتماله ليس إلا هدمًا لوجوده ،
وإحداثًا لمركز قانوني جديد يستقل عن المركز السابق الذي نشأ مستوفيًا
لشرائطه بما يُخل بالحقوق التي رتبها بإنكار موجباتها .
وحيث إنه يتبين من استعراض أحكام القانون رقم 116 لسنة 1964 فى شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة – والذي تم صرف المعاش
العسكري للمدعى في ظل العمل بأحكامه – أنه يقضى بمنح من يصاب بعجز جزئي
بسبب الخدمة معاشًا يعادل نصف متوسط مربوط الرتبة أو الدرجة التالية
لرتبته الأصلية ، أو يسوى معاشه على أساس راتبه ومدة خدمته مضافًا إليها
خمس سنوات أيهما أفضل . ثم صدر قانون التقاعد والتأمين والمعاشات
للقوات المسلحة بالقانون رقم 90 لسنة 1975 ، والذي حل محل القانون رقم 116
لسنة 1964 المشار إليه، ونص على منح معاش شهري لكل من تنتهي خدمته
العسكرية خلال فترة استدعائه للقوات المسلحة لإصابته بعجز جزئي بسبب
الخدمة العسكرية من العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام ، يقدر بما
يعادل أربعة أخماس متوسط مربوط الرتبة أو الدرجة التالية لرتبته أو درجته
الأصلية أو على أساس الراتب المدني الذي كان يتقاضاه كل منهم أيهما أفضل .
ومفاد ما تقدم أن المعاش
العسكري الذي يتقرر صرفه لأفراد هذه الطائفة من العاملين المدنيين بالدولة
والقطاع العام إنما يُمنح لهم تعويضًا عن إصابتهم بعجز جزئي بسبب الخدمة
العسكرية أثناء فترة استدعائهم لأداء هذه الخدمة ، وذلك تقديرًا من المشرع
لمن يُلبى نداء الوطن وينخرط في خدمة قواته المسلحة فور استدعائه لأداء
هذا الواجب الجليل ثم يصاب بعجز جزئي بسبب هذه الخدمة ، أي أن هذا المعاش هو معاش إصابة عن عجز جزئي تقرر صرفه طبقًا لأحكام قانون التأمين والمعاشات للقوات المسلحة ولا شأن له بالمعاش
المستحق عن مدة الخدمة المدنية التي تُقضى في إحدى الوظائف المدنية قبل
فترة الاستدعاء ، والذي تنتظمه أحكام أخرى وردت في قانون التأمين
الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 .
وحيث إن الأصل في تسوية المعاش المستحق للمؤمن عليه – طبقًا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه – عند توافر سبب استحقاقه أن تتم على أساس مدد الاشتراك في التأمين ، إذ تقضى المادة (20) منه بأن يسوى المعاش
بواقع جزء واحد من خمسة وأربعين جزءًا من الأجر المنصوص عليه في المادة
(19) عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في التأمين . كما أوضحت المادة (21)
منه المقصود بمدة الاشتراك في التأمين ، بأنها المدة التي تبدأ من تاريخ
الانتفاع بأحكام هذا القانون أو من تاريخ بدء الانتفاع بقوانين التأمين والمعاشات
أو بقوانين التأمينات الاجتماعية بحسب الأحوال ، والمدد التي قررت تلك
القوانين ضمها لمدة الاشتراك ، وكذا المدد التي ضُمت لمدة اشتراك المؤمن
عليه في التأمين بناء على طلبه ، ومدد البعثة العلمية الرسمية التي تلي
التعليم الجامعي أو العالي الجائز حسابها ضمن مدة الخدمة أو التي روعيت في
تقدير الأجر ، وبشرط ألا يكون المؤمن عليه قد صرف عنها حقوقه التقاعدية أو
التأمينية . كما نصت المادة (26) من القانون ذاته على أنه إذا زادت مدة
الاشتراك في التأمين على ست وثلاثين سنة أو القدر المطلوب لاستحقاق
الحد الأقصى للمعاش الذي يتحمل به الصندوق أيهما أكبر ، استحق المؤمن عليه
تعويضًا من دفعة واحدة يقدر بواقع 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من
السنوات الزائدة ، بما مؤداه أن المشرع ربط بين مدد الاشتراك وقيمة المعاش
المستحق ، وحرص على عدم إهدار أية مدة اشتراك فى التأمين ، بحسبان أن هذه
الاشتراكات التى أداها المؤمن عليه هى جزء من ناتج عمله وثمرة جهده
اقتطعها من حاجة يومه لغده .
وحيث
إن النص المطعون فيه أعطى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي الحق في تسوية
معاش المؤمن عليه الذي استحق معاش العجز وفقًا لقانون التأمين والمعاشات
للقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 – الذي حل محل القانون
رقم 116 لسنة 1964 – وذلك عند انتهاء مدة خدمته المدنية بأحد طريقين :
أولهما – تسوية معاشه عن كامل مدة اشتراكه وفقًا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 طبقًا لسبب استحقاق الصرف .

ثانيهما – تسوية معاشه عن مدة اشتراكه المدنية التالية للمدة التي استحق عنها المعاش العسكري وفقًا لقواعد حساب المعاش لانتهاء الخدمة لبلوغ سن التقاعد أيا كان سبب الاستحقاق ، ويضاف للمعاش العسكري ويربط له المعاش الأفضل .
وحيث إن النص على هذا النحو يكون قد اعتبر المعاش العسكري بديلاً عن المعاش المستحق عن مدة الخدمة المدنية السابقة على الاستدعاء لخدمة القوات المسلحة ، في حين أن سبب استحقاق المعاش العسكري يختلف عن سبب استحقاق المعاش المدني ، فالأول ناتج عن العجز الجزئي الذي أصاب المؤمن عليه خلال فترة استدعائه للخدمة بالقوات المسلحة ، في حين أن المعاش
المدني يستحق عن مدد الخدمة في الوظيفة المدنية والتي سدد عنها المؤمن
عليه اشتراكاته التأمينية والتي تعطيه الحق في تقاضى معاش تقدر قيمته بحسب
مدة اشتراكه ، ومن ثم فإن النص المطعون فيه وإذ حرم المؤمن عليه من حساب
مدة خدمته المدنية السابقة على تاريخ استحقاقه المعاش العسكري يكون قد أهدر الحق في المعاش بالمخالفة لنص المادة (122) من الدستور .
وحيث
إن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان
عليها وفقا لنص المادة (34) منه تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها
، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصيًا
أو عينيًا ، أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية ، وكان
الحق في المعاش المستحق عن مدة الخدمة المدنية السابقة على تقرير المعاش العسكري يعد التزامًا على الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي ، ويمثل في ذات الوقت عنصرًا إيجابيًا في ذمة صاحب المعاش تتحدد قيمته وفقًا لقانون التأمين الاجتماعي ، ومن ثم فإن إسقاط هذه المدة من حساب المعاش
المستحق للمدعى ، وما يستتبعه ذلك من ضياع المبالغ المقتطعة من راتبه
كاشتراكات مقررة قانونًا ، وحرمانه من تقرير معاش له عن هذه المدة ، يمثل
اعتداء على حق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور .
وحيث إنه بناء على ما تقدم فإن النص المطعون فيه يعد مخالفًا لنص المادتين (34) و (122) من الدستور ، ويتعين القضاء بعدم دستوريته .
وحيث إن الفقرة الثالثة من المادة (38) من قانون التأمين الاجتماعي تنص على أنه " وفى جميع الأحوال يراعى في حالة تسوية المعاش عن المدة المدنية التالية للمدة المستحق عنها المعاش
العسكري إضافة معاش مدة الاشتراك عن الأجر الأساسي لمعاش المدة العسكرية
الأساسي … " ، ومن ثم فإن القضاء بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من
المادة ذاتها – محددًا على النحو الوارد بهذا الحكم – يستتبع وبطريق
اللزوم القضاء بسقوط الحكم الوارد بنص الفقرة الثالثة لارتباطه بالنص
المطعون عليه ارتباطًا لا يقبل التجزئة .
وحيث
إن هذه المحكمة - تقديرًا للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعى
للقضاء بعدم دستورية النص المطعون عليه ، والتي تضمنتها المذكرة المقدمة
من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بجلسة الرابع من يناير سنة 2009 -
تقرر إعمال الرخصة المخولة لها بنص المادة (49) من قانون المحكمة
الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ، وتحدد اليوم التالي
لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخًا لسريانه ، وذلك دون إخلال بحق
المدعى في الإفادة من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون عليه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً
– بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (38) من قانون التأمين
الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنه من حرمان من استحق
معاش العجز وفقًا لقانون التأمين والمعاشات
للقوات المسلحة خلال فترة استدعائه للخدمة بالقوات المسلحة من حساب كامل
مدة اشتراكه عن مدة خدمته المدنية ، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ثانيًا – بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره .