قضية رقم 104
لسنة 23
قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"





باسم
الشعب






المحكمة
الدستورية العليا






بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 9 يناير سنة 2005 م ، الموافق 28 من ذي
القعدة سنة 1425 هـ .






برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس
المحكمة وبحضور السادة المستشارين : أنور رشاد العاصى
وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف والسيد
عبدالمنعم حشيش ومحمد خيرى طه وتهانى محمد
الجبالى .





وحضور السيد المستشار /
نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين






وحضور السيد / ناصر
إمام محمد حسن أمين السر












الإجراءات





بتاريخ 13 من يونية سنة 2001
أودع المدعى قلم كتاب
المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند ( ح )
من المادة
( 1 ) و والمادة (2) من القانون رقم
308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري.






وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها
الحكم بعدم قبول الدعوى لثلاثة أوجه أولها : لرفعها
بعد الميعاد وثانيها : لعدم بيان نصوص
الدستور المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة
الدستورية وثالثها : لانتفاء المصلحة فى
الدعوى .






وبعد تحضير الدعوى
أودعت هيئة
المفوضين تقريراً برأيها .





ونُظرت الدعوى على الوجه
المبين بمحضر الجلسة وقررت
المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم





المحكمة





بعد الإطلاع على
الأوراق
والمداولة .











حيث إن الوقائع على ما يبين
من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أن
النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى وهو الحارس
على الأشياء المحجوز عليها للمحاكمة
الجنائية فى القضية رقم 26389 لسنة 1998 جنح
بلقاس متهمة إياه أنه بتاريخ
10 / 11 / 1998 بدد الأشياء المحجوز عليها وهى عبارة عن
إنتاج مساحة 12 سهم و 8
قيراط و 2 فدان كائنة ببلقاس محافظة الدقهلية المزروعة أرزاً
يابانياً والمقدر
إنتاجها بحوالى تسعة طن والمحجوز عليها لصالح هيئة الأوقاف المصرية
وفاء لمبلغ
94ر9292 جنيها قيمة إيجار
سنة 1998 والمتأخرات عن الأطيان الزراعية التابعة لوقف
المكاتب الأهلية ـ وقف خيرى ـ والمؤجرة من الهيئة
لورثة عبد النبى محمد يوسف وقد
طلبت النيابة معاقبة المدعى بالمواد 341 و
342 من قانون العقوبات .






وبجلسة 18 / 3 / 1999قضت المحكمة غيابياً بحبس المدعى أسبوعاً وكفالة
قدرها عشرة جنيهات وقد
عارض المدعى فى هذا الحكم وبجلسة 23/11/2000 قضى باعتبار المعارضة
كأن لم تكن
وإذ لم يرتض المدعى هذا
القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 2712 لسنة 2001 جنح
مستأنف المنصورة وأثناء نظر الاستئناف دفع
بعدم دستورية نص البند ـ ح ـ من المادة
ـ 1 ـ والمادة ـ2ـ من القانون رقم 308 لسنة 1955
المشار إليه وإذ قدرت المحكمة جدية
هذا الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ،
فقد أقام دعواه الماثلة . وحيث إنه
عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول
الدعوى لرفعها بعد الميعاد فهو
مردود ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة وعملاً
بنص البند ـ ب ـ من المادة 29 من
قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن
المهلة التى تمنحها محكمة الموضوع
لرفع الدعوى الدستورية لا يجوز زيادتها إلا
من خلال مهلة جديدة تضيفها إلى المدة
الأصلية وقبل انقضائها ، بما يكفل تداخلها معها
وبشرط ألا تزيد المدتان معاً على
الأشهر الثلاثة التى فرضها المشرع كحد أقصى لرفع
الدعوى الدستورية فلا يجاوزه من يقيمها






وحيث إن الثابت من الأوراق أن محكمة الموضوع بعد أن
قدرت جدية الدفع بعدم
الدستورية
المبدى من المدعى بجلسة 21/3/2001 ، أجلت نظر الدعوى لجلسة 16/5/2001
لتقديم ما يفيد رفع الدعوى
أمام المحكمة الدستورية العليا ثم قررت المحكمة إضافة
مهلة جديدة إلى المدة الأصلية
وقبل انقضائها غايتها 4/7/2001 وهى إن جاءت متجاوزة
مدة الثلاثة أشهر المقررة كحد
أقصى لرفع الدعوى الدستورية إلا أن الثابت أن المدعى
أقام دعواه الماثلة بتاريخ 13/6/2001 ، فى غضون
مهلة الثلاثة أشهر المشار إليها
ومن ثم فإن الدفع بعدم
قبول الدعوى على هذا الوجه غير سديد مما يتعين معه القضاء
برفضه.





وحيث إنه عن الدفع بعدم
قبول الدعوى بقالة خلو صحيفتها من بيان النصوص
الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة ،
فهو مردود بأن ما تغياه قانون
المحكمة الدستورية العليا بنص المادة ـ30ـ منه من وجوب أن تتضمن صحيفة
الدعوى
الدستورية بياناً بالنصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة
هو ألا تكون
صحيفة الدعوى مجهلة بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة
ضماناً لتعيينها
تعييناً كافياً فلا تثير خفاءً فى شأن مضمونها أو اضطراباً حول
نطاقها ليتمكن
ذوو الشأن من إعداد دفاعهم ابتداء ورداً وتعقيباً فى المواعيد التى حددتها
المادة
ـ 37 ـ من ذلك القانون ولتتولى هيئة المفوضين بعد ذلك تحضير الدعوى
وإعداد تقرير
يكون محدداً للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسببا ومن ثم
فإنه يكفى
لبلوغ تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكنا ويتحقق ذلك كلما
كان بنيان
عناصرها منبئاً عن حقيقتها





لما كان ذلك وكانت صحيفة الدعوى الماثلة قد
أبانت فى
غير
خفاء نعى المدعى على النصين المطعون فيهما إخلالهما بمبدأ سيادة القانون وبمبدأ
خضوع الدولة للقانون ، وذلك
بمنحهما الجهة الإدارية ميزة استثنائية خروجاً على
القواعد المقررة فى قانون المرافعات المدنية
والتجارية ، تخولها الحق فى اقتضاء
حقوقها جبراً ، بقرار يصدر منها يكون معادلاً
للسند التنفيذى ، ويتضمن تحديداً لتلك
الحقوق سواء تعلق الأمر بمصدرها أو بمقدارها ،
وهو ما يمثل تحديداً كافياً للنصوص
الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه المخالفة
الدستورية كما ارتآها المدعى ، ومن ثم
فإن الدفع بعدم قبول الدعوى من هذا الوجه أيضاً
يكون فى غير محله متعيناً رفضه
. وحيث
إن صدر المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 والبند (ح) منها المعدل
بالقانون رقم 44 لسنة 1958
ينصان على أن " يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإدارى
المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات
الآتية فى مواعيدها المحددة
بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين
يعينهم
الوزراء المختصون .......................... (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة
الأوقاف
وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة وكذلك ما يكون
مستحقاً
لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً أو حارساً من إيجارات أو أحكار أو أثمان
الاستبدال
للأعيان التى تديرها الوزارة
..... "






وتنص المادة (2) من هذا القانون على أن " لا
يجوز اتخاذ إجراءات الحجز إلا بناء على أمر مكتوب صادر
من الوزير أو رئيس المصلحة
أو المحافظ أو المدير أو ممثل الشخص الاعتبارى العام حسب الأحوال أو من
ينيبه كل من
هؤلاء فى ذلك كتابة " . وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط
لقبول الدعوى
الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى
الموضوعية ،
وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات
الموضوعية
المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . وكان البين من استعراض أحكام
القانون
رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية وتعديل مصارفها على جهات
البِرّ
، والقانون رقم 272 لسنة
1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ، أنها ناطت بالوزارة النظر على
الأوقاف الخيرية وإدارة
أعيانها ، وبهذه الصفة أجاز البند (ح) من المادة (1) من
قانون الحجز الإدارى للوزارة توقيع الحجز عند عدم
الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف
، وقد خلفت هيئة الأوقاف المصرية الوزارة إعمالاً لنص المادة (5)
من القانون رقم 80
لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية فى الاختصاص بإدارة واستثمار أموال
الأوقاف
الخيرية والتصرف فيها ، وذلك باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً
على تلك
الأوقاف ، كما حلت الهيئة بمقتضى نص المادة (9) من القانون رقم 80 لسنة
1971 محل
الوزارة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات تتعلق بإدارة واستثمار هذه
الأموال






وبالتالى أصبح للهيئة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف
كناظر للوقف رخصة توقيع الحجز
الإدارى عند عدم الوفاء بالإيجارات المستحقة للوقف ، وهو الأساس القانونى
لقيام
الهيئة باتخاذ إجراءات الحجز فى الحالة المعروضة ، لعدم الوفاء بالإيجار
المستحق عن
الأطيان الزراعية التابعة لوقف المكاتب الأهلية ( وقف خيرى ) ، المؤجرة من
الهيئة
لورثة عبد النبى محمد يوسف ، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة للمدعى
تكون
متحققة بالنسبة للطعن على نص البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز
الإدارى فيما
تضمنه من تخويل وزارة الأوقاف بصفتها ناظراً على الأوقاف الحق فى توقيع
الحجز
الإدارى عند عدم الوفاء بإيجارات الأعيان التى تديرها الوزارة بهذه الصفة .
وحيث إن
القواعد التى تضمنها قانون الحجز الإدارى غايتها أن يكون بيد أشخاص القانون
العام
وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها وهى بحسب طبيعتها أموال عامة تمثل
الطاقة
المحركة لحسن سير المرافق العامة وانتظامها ، فلا يتقيد اقتضاؤها جبراً عن
مدينيها
بالقواعد التى فصلها قانون المرافعات المدنية والتجارية فى شأن التنفيذ
الجبرى ،
وإنما تعتبر استثناء منها، وامتيازاً لصالحها ، وهذه الطبيعة الاستثنائية
لقواعد
الحجز الإدارى تقتضى أن يكون نطاق تطبيقها مرتبطاً بأهدافها ومتصلاً بتسيير
جهة
الإدارة لمرافقها ، فلا يجوز نقل هذه القواعد إلى غير مجالها ، ولا إعمالها
فى غير
نطاقها الضيق الذى يتحدد باستهداف حسن سير المرافق العامة وانتظامها . إذ
كان ذلك ،
وكانت أموال الأوقاف تعتبر بصريح نص المادة (5) من القانون رقم 80 لسنة
1971
أموالاً خاصة مملوكة للوقف باعتباره عملاً بنص المادة (52/3) من القانون
المدني
شخصاً اعتبارياً





وهو يدخل بحسب طبيعته فى عداد أشخاص القانون الخاص ،
ولو كان من
يباشر
النظر عليه شخصاً من أشخاص القانون العام ، إذ يظل النظر فى جميع الأحوال على
وصفه القانونى مجرد نيابة عن
شخص من أشخاص القانون الخاص ، وفى هذا نصت المادة (50
) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أن " يعتبر الناظر
أميناً على مال
الوقف ووكيلاً عن المستحقين ... " ومن ثم فإن قيام وزير الأوقاف بصفته
ناظراً على
الأوقاف الخيرية وهيئة الأوقاف كنائبة عنه على شئون أموال الأوقاف ، إنما
يكون كأي
ناظر من أشخاص القانون الخاص ، وعلى ذلك فإن تخويل النص الطعين وزارة
الأوقاف
بصفتها ناظراً على الأوقاف صلاحية توقيع الحجز الإداري عند عدم الوفاء
بالإيجارات
المستحقة للأوقاف ، مؤداه إلحاق نشاط هذه الأوقاف في هذا النطاق بالأعمال
التي تقوم
عليها المرافق العامة ، واعتبارها من جنسها ، وإخضاع تحصيلها دون مقتض لتلك
القواعد
الاستثنائية التى تضمنها قانون الحجز الإداري ، بما يخالف نص المادة (65)
من
الدستور ، ذلك أن مبدأ الخضوع للقانون المقرر بها ، يفترض تقيد أشخاص
القانون الخاص
فى مجال نشاطها واقتضاء حقوقها بقواعد ووسائل هذا القانون دون غيرها ، فلا
يكون
الخروج عليها إلا لضرورة وبقدرها ، فإذا انتفت تلك الضرورة كما هو حال النص
الطعين
فإنه يكون قد وقع فى حمأة المخالفة الدستورية . وحيث إن القضاء بعدم
دستورية نص
البند (ح) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى من شأنه عدم جواز اتخاذ
إجراءات
الحجز المنصوص عليها فى المادة (2) من ذات القانون قبل المدعى ، ومن ثم فإن
الطعن
عليها بعدم الدستورية أصبح ولا محل له.





فلهذه
الأسباب






حكمت المحكمة بعدم دستورية البند (ح) من المادة (1) من القانون رقم 308
لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدل
بالقانون رقم 44 لسنة 1958 فيما تضمنه من
النص على جواز إتباع إجراءات الحجز
الإداري عند عدم الوفاء بما يكون مستحقاً
لوزارة الأوقاف بصفتها ناظراً من إيجارات
للأعيان التي تديرها الوزارة ، وألزمت
الحكومة المصروفات ، ومبلغ مائتي جنيه مقابل
أتعاب المحاماة .





أمين السر

رئيس المحكمة